ابتكار ثوري يوقف نزيف الدم

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

فازت المخترعة دينا موسى بعدة جوائز، عن العمل الذي قامت به، بما في ذلك جوائز من شركة غوغل، ومن وكالة الفضاء الأميركية (ناسا). التقت تريسكا حميد، المخترعة البالغة من العمر 17 سنة، وصاحبة البحوث التي يمكن أن تنقذ حياة الملايين، وفي ما يأتي مجريات اللقاء:

أجرت دينا موسى تجربتها العلمية الأولى يوم عيد ميلادها الخامس، حين قدم لها والدها بذور نبتة وأصيص زراعة كهدية. حزنت دينا بشدة، لأن النبتة لم تنمُ. ولكن بدلاً من أن تترك دينا نفسها فريسة لليأس، ألهمتها هذه التجربة، وغذت فيها الرغبة لطرح الأسئلة واستكشاف المزيد.

واليوم، في السابعة عشر ربيعاً من عمرها، قادها تعطشها للمعرفة، إلى اكتشاف استثنائي. فقد ابتكرت دينا، المولدة لأبوين مصريين في ولاية بنسلفانيا، محلولاً سائلاً يوقف نزيف الجروح في غضون 10 إلى 12 ثانية.

وأطلقت على المركب الكيميائي الذي طورته «هيموستات - في سيل»، ولهذا المركب إمكانات ضخمة في المجالين الطبي والعسكري، بحيث سيمكن علاج جروح الجنود في غضون ثوانٍ. وقد علقت دينا قائلة: حين كنت في الخامسة عشر من عمري، سمعت رقماً صدمني أيما صدمة: في كل سنة، أكثر من نصف مليون شخص ينزفون حتى الموت.

ويعتبر النزيف الحاد، أحد الأسباب الرئيسة للوفيات في المستشفيات حول العالم. وبحسب المعهد الوطني للصدمات في الولايات المتحدة، تُعتبر الصدمة النزفية، ثاني أكبر مسبب لوفيات مصابي جروح الصدمات، مثل القطوع العميقة أو جروح الطلقات النارية.

وإثر فقدان الكثير من الدم، تبدأ أعضاء الجسم في التوقف عن العمل، ما يمكن أن يؤدي إلى الوفاة. ويعتبر النزيف الحاد نتيجة إصابات الصدمات، مسؤولًا عن 35 % من الوفيات قبل الوصول إلى المستشفى، و40 % من الوفيات في غضون 24 ساعة. وحتى الرعاية الطبية لا يمكن أن تضمن نجاة المصاب، حيث تكون المضاعفات الرئيسة بعد الجراحة: النزيف والعدوى وتلف الأنسجة.

وتقول دينا: اكتشفت أن هذا الأمر بالغ السوء، ففي الوقت الذي نحقق فيه تقدماً سريعاً في التقنيات الجراحية والأدوية والمعدات الطبية، فإننا في حال عجزنا عن استخدامها بسبب عدم السيطرة على النزيف لدى المريض، فإن كل هذا التقدم سيضيع هباءً.

وبدل أن تقصد دينا مراكز التسوق أو تقضي الوقت مع أصدقائها، أمضت ساعاتها بعد المدرسة، تدرس وقف نزيف الدم، في مسعى للتوصل إلى طريقة أفضل لتحقيق ذلك.

وأضافت: التحقت في النهاية بمعهد البحوث الصيدلانية، حيث تدربت على يد بعض أفضل العلماء في هذا المجال.

وأمضت دينا في المعهد التابع لكلية ألباني للصيدلة وعلوم الصحة في نيويورك، سنتين، تجري بحوثاً مستقلةً، وتعمل على تطور «هيموستات في- سيل». ويعمل المركب على تسريع المراحل الثلاث لتخثر الدم، الذي يحدث طبيعياً في الجسم. وتقول دينا، تتعاون هذه المراحل من أجل الحدّ من الوقت اللازم لتجلط الدم، حتى في حال الجروح البليغة.

وعادةً ما تستغرق الوسائل التقليدية لوقف نزيف الدم الحاد، ما يصل إلى 12 دقيقة، حتى يسري مفعولها، ما يؤدي إلى خسارة عدة ليترات من الدم. ومعظم العلاجات المستعملة اليوم، تسرع مرحلة واحدة فقط من المراحل الثلاث لتجلط الدم.

عملت دينا على حلّ يستهدف المراحل الثلاث كلها، وابتكرت منتجاً في غضون 18 شهراً، بعد إجراء التجارب واختبار العديد من المحاليل. واليوم، تدرس دينا علم الأحياء بجامعة ييل في الولايات المتحدة. لم تختر دينا تخصصها بعد، لكنها تفكر في علم الأحياء الجزيئي والخلوي والتنموي.

وتقول دينا: أفكر في مجموعة من الخيارات، وأهدف لتنويع مجالات دراساتي وخبراتي. أنا في النهاية مهتمة بالبحوث، بغض النظر عن المجال، فأنا أؤمن أن إنتاج المعرفة هو مفتاح التقدم البشري.

وقد لقي عملها ترحيباً واسعاً من قبل الخبراء، ولكن لا بدّ من إجراء التجارب السريرية، والحصول على الموافقات اللازمة قبل طرح العلاج للجمهور. كما تنتظر دينا نتائج طلب براءة اختراع «هيموستات في- سيل» الذي تقدمت به. وتقول: العلماء متفائلون بطبعهم، ومن المهم الإيمان بقدرات البشر، والتوصل إلى الحلول بغية الاستمرار في البحوث. فالمجتمع العلمي كان ولا يزال حجر الزاوية في تطوير بحوثي ومنتجي.

لقد ترك عملها المميز، بصمته في المجتمع العلمي، وأكسبها العديد من الجوائز، من ضمنها جائزة ناسا وجائزة التفكير الابتكاري من غوغل. وتسعى دينا حالياً للحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية، من أجل تسويق «هيموستات في- سيل» تجارياً. وتقول: آمل أن ألهم الشباب للسعي خلف أحلامهم، سواء في مجال العلوم أو غيره، بغض النظر عن عمرهم. ما آمله أكثر، هو إرساء منظومة في العالم العربي، تمكن الشباب في مقتبل العمر مثلي من الوصول إلى المؤسسات والمرشدين المناسبين.

واختتمت دينا حديثها قائلة: آمل أن تكون قصتي قد أظهرت ضرورة توفير الموارد المناسبة للشباب، كي يتمكنوا من تقديم المساهمات. وأنا على قناعة أن حلول أكثر التحديات إلحاحاً في منطقتنا، تكمن لدينا نحن الشباب.

* كاتبة وصحافية

Email