الأزمة المالية في فلسطين تتفاقم ولا حل في الأفق

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما لم تحصل السلطة الفلسطينية على دعم مالي خارجي كبير، أو تضاعف إجراءات التقشف الواسعة، التي لجأت إليها أخيراً، وبدأت بعدم تسليم رواتب موظفيها كاملة عن الشهر الحالي، فإن الأزمة المالية غير المسبوقة، التي تعصف بها ستتعمق خلال الشهور المقبلة. ومنذ تأسيسها العام 1994، تعتمد السلطة الفلسطينية بدرجة كبيرة على الدعم المالي الخارجي، الذي انحدر في السنوات الأخيرة من نحو مليار ونصف المليار دولار، إلى بضعة ملايين، ناهيك عن تواضع الاقتصاد الفلسطيني، إذ لا يتجاوز الناتج القومي الإجمالي الـ16 مليار دولار، بينما ميزانية الحكومة تبلغ خمسة مليارات ونصف المليار.

وبعد تراجع الإيرادات الخارجية، واقتطاع الأموال الذاهبة إلى معالجة المياه العادمة والكهرباء والوقود، وخدمات القطاع الصحي وغيرها، ويضاف إليها جائحة كورونا التي ألقت بظلالها السوداوية، اعتمدت السلطة الفلسطينية خلال العامين الأخيرين على الاقتراض من البنوك، لكنها تجاوزت الحد المسموح به، فلجأت أخيراً إلى صرف رواتب غير مكتملة للموظفين (75 في المئة)، الأمر الذي يرى فيه مراقبون واقتصاديون أنه البداية الفعلية للأزمة، مرجّحين أن تتعمق بشكل أكبر، مع خفض رواتب الموظفين، باعتبارهم المشغل الأكبر بعد القطاع الخاص، ومن هنا فالاقتطاع من رواتبهم يعني إصابة الأسواق بالركود، خصوصاً أن المجتمع الفلسطيني استهلاكي من الدرجة الأولى.

وما يزيد الأمور تعقيداً أن الدول المانحة التي تعتمد السلطة على مساعداتها ألمحت أخيراً إلى أنها أصيبت بالإرهاق، من مطالب السلطة المتكررة للدعم المالي، لدرجة طالبتها بضرورة وقف التعينات والترقيات، وتقليص المصاريف وهدر الأموال الظاهرة للعيان.

ووفقاً للصحافي المتخصص بالشأن الاقتصادي أيهم أبو غوش فإن الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية ناتجة عن عدة أسباب، أهمها: انخفاض قيمة المساعدات الخارجية، اقتطاعات أموال المقاصة، ارتفاع قيمة الإنفاق الحكومي، التكاليف الباهظة، التي تكبدتها الحكومة في مواجهة جائحة كورونا، وخصوصاً الوظائف الإضافية في القطاع الصحي، وإنفاق السلطة على قطاع غزة دون جني أي إيرادات منه.

وأمام هذه الضائقة قد تضطر السلطة لاتخاذ خطوات إضافية كالتقاعد المبكر، ورفع نسبة الاقتطاعات من رواتب الموظفين، واتخاذ إجراءات أشبه ما تكون إلى العملية الجراحية لوقف النزيف الاقتصادي.

Email