في إحدى مزارع منطقة «العدوي»، في قلب العاصمة دمشق، تلتقي الصديقتان أمل ونور في الصباح الباكر، بشكل يومي، لتتابعا أعمالهما الزراعية، وتطمئنا على سير العمل، على أمل التوسع في مشروعهما الصغير، وتحقيق غايته.
أمل محمد إبراهيم، ونور عبدو إبراهيم، مهندستان زراعيتان حديثتا التخرج، قررتا الدخول في تجربة مختلفة، وتأسيس مشروعهما الخاص، وهو مزرعة خاصة بالفواكه الاستوائية، حملت اسم الغابة الاستوائية العضوية، وهي الأولى من نوعها في سوريا.
وعن سبب اختيار الفواكه الاستوائية، تتابع أمل، بأنها تشكل مصدر دخل مهم جداً لمن يزرعها، وفوائد مهمة للمناطق التي بدأت تُزرع فيها بالساحل السوري، لأن لها استخدامات متعددة، كغذاء وعقاقير دوائية وتجميلية، فضلاً عن دورها المساعد على ثبات البيئة واستمرارها، لهذا قررتا إدخال بعض الأصناف إلى دمشق، مع مراعاة مناخها الجاف صيفاً، والبارد شتاءً، من خلال إدخال بعض التعديلات، مثل زراعة بعضها ببيت محمي، واستخدام السماد العضوي في فترة الصقيع، والتأكد من حموضة التربة وتعديلاها، وأيضاً ابتكار عرائش معينة للزراعة.
اللافت في تجربتهما، إدخالهما صنفاً روسياً، تشرح نور أنه شجيرة اسمها الفوجويا، أو جوافة الأناناس، وهي نبات دائم الخضرة، أوراقها تشبه أوراق الزيتون جميلة المظهر، وأزهارها جميلة، يمكن استخدامها كنبات زينة، أزهارها قابلة للأكل، تشبه مذاق المارشملو، أما الثمرة، فشكلها بيضوي تشبه الجوز الأخضر، ومذاقها يجمع بين الجوافة والأناناس، وهي ثمار ذات جودة عالية، غالية الثمن، فوائدها كبيرة جداً، ونجح هذا الصيف بإعطاء نتائج مذهلة في دمشق، ما شجعهما على زيادة الإنتاج.
وتسعى الفتاتان لتوسيع عملهما، وتحقيق غاية بعيدة، تجعل من مزرعتهما مركزاً لاستقبال الزوار، وتشرح أمل، أن الهدف من المشروع، كان نجاح الأصناف المختارة بجو دمشق لسنة كاملة، ثم تأتي مرحلة الإنتاج الاقتصادي، كما تعملان على الناحية الجمالية للمزرعة، وإيجاد استخدامات طبية وتجميلية لمنتجاتهما، وتقدم مثال عن نبات الدراكون، الذي يمكن الاستفادة من جذعه وجذوره الهوائية وثماره، فالثمار تملك خصائص تقي من السرطان، وتقوي العظام، خاصة عند النساء، كما تقوي الذاكرة، أما الجذور، فيصنع منه نوع من الشاي الأبيض العلاجي المساعد على الاسترخاء، والجذوع يصنع منها الصابون الكريم المرطب.
مثل هذه الأصناف من الفواكه والمزروعات، بدأت تنتشر في كثير من المناطق في سوريا، بما فيها الساحل السوري، إلا أن أمل، على الرغم من المنافسة، فهي تتعاطى مع الأمر من منطلق التنافس الإيجابي، وتنظر إلى هؤلاء المزارعين في الساحل السوري، على أنهم يدخلون حلقة التنافس والأصدقاء في المهنة، بل ترى بوجودهم إمكانية تبادل الخبرات، على اعتبار اختلاف الظروف الطبيعية لزراعة مثل هذه المنتجات الزراعية، وتتطلع إلى توسيع مثل هذا المشروع، ليكون التجربة النادرة في سوريا، على الرغم من التحديات الطبيعية والمادية التي تواجههما.