«خمسينية الشتاء» أسطورة فلسطينية بطلها سعد

ت + ت - الحجم الطبيعي

تزخر الذاكرة الفلسطينية بمسميات وتواريخ شتوية تمكنوا من خلالها التنبؤ بالأحوال الجوية، على خلاف الثقافة الشتوية المعاصرة المستمدة من النشرات الجوية اليومية، فقد اعتاد الأجداد على ربط تقلبات فصل الشتاء بقصة أو حكاية، ولعل «خمسينية الشتاء» من أبرز حالات الطقس التي ارتبطت بقصة تراثية، بطلها سعد.

ويرجع تقسيم «خمسينية الشتاء» إلى عدة روايات، أقربها للعقل ما روته الثمانينية أم محمد جوابرة من بلدة عصيرة الشمالية قرب نابلس شمال الضفة الغربية لـ«البيان» أن سعد كان على سفر في يوم كان متوقعاً فيه نزول المطر، فلم يسمع سعد كلام من هم أكثر منه دراية وخبرة بأحوال الطقس فصمم على رحلته، وركب ناقته ومشى وما إن بلغ منتصف الطريق حتى انقلبت حالة الجو فعصف الريح وقصف الرعد وسقط المطر والثلج، فلم يجد أمامه سوى ذبح ناقته وبقر بطنها وإخراج أحشائها ليختبئ داخل بطنها ومن هنا قيل «سعد الذابح»، وعندما شعر بالجوع بعد أن انفرجت حالة الجو فلم يجد سوى لحم ناقته ليسد رمق جوعه وهو ما سمي «سعد بلع»، ولأنه تجاوز هذه المحنة والمخاطر فرح سعد بنجاته فسمي «سعد السعود»، وكان سعد قد خبأ بعض لحم الناقة كزوادة له عندما يتابع سفره فقيل عنه «سعد الخبايا». ولفتت الحاجة الثمانينية إلى أن «خمسينية الشتاء» تمتد من بداية اليوم الثاني من شهر فبراير حتى ظهر يوم الـ22 من مارس، ومدة كل سعد 12 يوماً ونصف اليوم.

وتتحدث المسنة أم محمد أيضاً عن سبعة أيام تمر خلال «الخمسينية»، تعد أكثر الأيام برودة وهي ما يسمى بـ «المستقرضات» وهي الفترة الممتدة من 25 فبراير ولغاية الرابع من مارس، والسر في هذه التسمية أن الأيام الثلاثة الأخيرة من شهر فبراير تكون ماطرة وباردة، فيتم استقراض أربعة أيام من شهر مارس لتكتمل الأيام السبعة.

وحول تفاصيل رواية المسنة تقول «عندما بدأ الطقس بالتحول إلى الدفء خرجت إحدى العجائز من البيت وبدأت في غزل الصوف مستمتعة بأشعة الشمس الدافئة والجو المعتدل، وأخذت تشمت من شهر فبراير وتقلباته فسمعها فبراير وغضب منها كثيراً فاستنجد بابن عمه مارس قائلاً: مارس يا ابن عمي أربعة منك وثلاثة مني، نجعل العجوز تحرق خزانتها فاستجاب له مارس فاضطرت العجوز أن تشعل كل ما تملك من خشب بما فيها خزانتها الخشبية لتدفئ نفسها».

Email