تقارير « البيان»

تحديات تلف استراتيجيات الإنفاق الدفاعي في أوروبا

ت + ت - الحجم الطبيعي

وضعت الحرب في أوكرانيا، منذ الرابع والعشرين من شهر فبراير من سنة 2022، القارة العجوز أمام اختبارات مصيرية، ولا سيما في ضوء تصاعد التهديدات التي تلف أوروبا، والتي كشفت عن عديد من عوامل الضعف الداخلية، ومن ذلك ارتهانها للطاقة الروسية الأسرع والأرخص.

وبينما بذلت أوروبا جهوداً مضنية لفطام نفسها عن الغاز الروسي وتحقيق الأمن الطاقي، فإنها لا تزال تجابه مزيداً من التحديات على جبهات أخرى، ومن بينها التحديات المرتبطة بالمنظومة الدفاعية والعسكرية، في ظل جملة الإشكالات القائمة، سواء لجهة استنفاد كثير من المخزونات، وكذلك تقادم بعض المنظومات التي هي في حاجة إلى تطوير وتحديث، ومن ثم تتبنى عديد من البلدان الأوروبية خططاً لزيادة الإنفاق الدفاعي، في مجابهة التحديات المتفاقمة المختلفة، حتى إنه في العام الماضي وحده ارتفع حجم الإنفاق الدفاعي في القارة نحو 16% تقريباً مقارنة بمستويات سنة 2022، بحسب تقديرات معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، وهو ما يشكل أعلى مستوى منذ الحرب الباردة.

سباق التسلح

وجاءت النسبة الكبرى للإنفاق الدفاعي من نصيب المملكة المتحدة، وتليها ألمانيا ثم فرنسا وإيطاليا وبولندا وإسبانيا، في وقت أشعلت فيه الحرب في أوكرانيا سباق التسلح في القارة العجوز.

وعلى الجانب الآخر، تواجه أهداف زيادة الإنفاق الدفاعي في القارة عديداً من التحديات، وهو ما يشير إليه مؤسس مركز بروجن للدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية في برلين، رضوان قاسم، الذي يوضح أن الاقتصاد الأوروبي يعاني الكثير من التحديات، التي تجعل من الصعوبة بمكان عودته إلى وضعه الطبيعي في فترة وجيزة.

ومن بين تلك التحديات ما يرتبط بأثر وتداعيات التطورات الجيوسياسية المختلفة، ومن ذلك الحرب في أوكرانيا وارتداداتها على الاقتصادات الأوروبية، وفي ظل ما تقدمه أوروبا من دعم لكييف، وفي خطٍ متوازٍ مع تأثير العقوبات المفروضة على روسيا في القارة العجوز. وبحسب قاسم، فإن عديداً من الدول الأوروبية التي تريد المزيد من دعم الميزانية المالية لجيوشها، تظل تواجه عبئاً كبيراً (من الناحية المالية) وقد يستغرق الأمر من 10 إلى 15 عاماً لتخطي الأزمة الاقتصادية، في تقديره.

مجابهة التحديات

ويشار إلى أنه في عام 2023 بلغ مجمل حجم الإنفاق العسكري في أوروبا نحو 552 مليار يورو، وسط مساعٍ متجددة لرفع حجم الإنفاق لمجابهة التحديات الواسعة. وتتطلب منظومة التسليح في أوروباً إعادة تحديث وتطوير، في ضوء تقادم عديد من المنظومات - مثل المنظومات الدفاعية الأرضية - والتي يزيد عمرها على ثلاثة عقود، وفق تقديرات ماكينزي. وتراجعت حصة أوروبا بشكل لافت في قطاع التصنيع العسكري، وذلك بنسبة بلغت نحو 16% بحسب بيانات البنك الدولي، في مقابل ارتفاع حصة الصين بنسبة تصل إلى 31% في سنة 2022 مقارنة بمستويات سنة 2008.

ويرى الباحث المتخصص في الشؤون الأوروبية، محمد رجائي بركات، أن معظم الدول استنفدت جزءاً كبيراً من مخزونها من المعدات والقذائف والأدوات العسكرية، بعد إرسال الكثير منها إلى أوكرانيا.

صعاب

وفي مارس الماضي، أعلن الاتحاد الأوروبي، تخصيص ملياري يورو للقطاع الدفاعي، ومن بينها 500 مليون لإنتاج مليوني قذيفة مدفعية سنوياً بحلول سنة 2025، ولفت بركات إلى مجموعة من الصعاب التي تعترض طريق التوسع في الميزانيات العسكرية، بدأت مع جائحة كورونا، التي خصص لها الاتحاد الأوروبي أموالاً طائلة من أجل إعادة الاقتصاد الأوروبي إلى المستوى الذي كان عليه قبل ظهور الوباء، ثم الحرب في أوكرانيا وتقديم مساعدات واسعة لكييف، وذلك في الوقت الذي تعاني فيه الكثير من الدول الأوروبية تحديات سياسية وأمنية وعسكرية داخلية كلفتها تكاليف مالية باهظة.

Email