تمكين المرأة في قلب «الهند الجديدة»

قطعت الهند شوطاً مهماً في السنوات الأخيرة في تعزيز دور المرأة في عملية التنمية ودعم البرامج الحكومية في المساواة بين الجنسين وتحفيز ارتقاء المرأة إلى أدوار «سيدات الأعمال»، رغم ذلك أمام الحكومة الهندية تحديات كبيرة للإيفاء ببرنامجها في توسيع حصة النساء من الوظائف، فحسب إحصائيات عالمية عن سوق العمل أجرته Bain & Company and Google، فإن عدد السكان في سن العمل سيتجاوز مليار شخص في الهند بحلول عام 2030، وحصة النساء المتوقعة وفق نسبة العمالة بين الجنسين ستكون بحدود 400 مليون وظيفة، بالاقتران مع الأرقام الحالية. ووفقاً لتقرير McKinsey Global، فإن زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة في الهند قد تضيف 700 مليار دولار أمريكي إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي. لذلك تعد السنوات القادمة حاسمة على الحكومات الهندية في تقليص الفجوة الوظيفية بين النساء والرجال.

ويحرص رئيس الوزراء الهندي، ناريندر مودي، على تخصيص كلمات للمرأة في معظم جولاته الميدانية، ونشر في يونيو الماضي في حسابه على تويتر حصيلة إنجازات حكومته في مجال تقدم المرأة خلال السنوات الثماني الماضي. ويقول مودي بفخر في كلمة له الشهر الماضي: «لقد ظهر اختلاف كبير بين الهند في القرن الماضي والهند الجديدة في القرن الحالي. إن راية تمكين المرأة ترفرف في الهند الجديدة». ويضع مودي آمالاً كبيرة على المرأة للمساهمة في مشروع «الهند الجديدة»، حيث تحول التركيز من تنمية المرأة إلى «التنمية التي تقودها المرأة».

واحدة من المنظمات التي ترعاها الحكومة هي «رائدات الأعمال»، وهو برنامج يهدف إلى ربط النساء المبادرات في مجال الأعمال والمشاريع الصغيرة، وتسهيل دخولهن إلى الأسواق. ومن القصص الناجحة في هذا المجال، مبادرة سيدة أعمال شابه من مدينة جايبور الهندية لبيع شموع شمع العسل، وعملت مع حرفيات من المجتمعات القروية في جميع أنحاء الهند لإنشاء منتجات آمنة ومستدامة، وفي غضون سنوات قليلة نمت أعمالها التجارية وساعدت في خلق فرص لكسب العيش لأكثر من 800 امرأة. وتساهم مؤسسة رائدات الأعمال في توسيع الفرص الصغيرة للنساء وتنميتها وتسليط الضوء عليها، حيث إن نجاح التجارب الصغيرة لها صدى واسع في المجتمعات التقليدية، سلباً أو إيجاباً، ففشل مشروع تقوده امرأة في قرية ما سيشكل درساً لقسم كبير من النساء على عدم خوض غمار هذه التجربة. وعلى العكس من ذلك، نجاح المرأة يترك بصمة تغيير اجتماعية وليس فقط اقتصادية وكذلك توسيع توظيف النساء في أعمال تجارية وكسر حلقة الوظائف الزراعية للمرأة الريفية. وبحسب بيانات مركز دعم المرأة الهندية أن 75٪ من الموظفين في المؤسسات التي تقودها النساء تدعم تمكين المرأة في كافة المجالات. وقد أثبتت الدراسات أن ارتفاع مستوى التوظيف والتعليم بين النساء يقلل بشكل كبير العنف الاجتماعي والأسري.

كذلك يوفر تشجيع ريادة الأعمال للنساء الموارد اللازمة لتمويل احتياجات أطفالهن التعليمية والتغذوية. وأظهرت دراسة أن 65٪ من رائدات الأعمال ينفقن القسم الأكبر من دخلهن على تغذية العائلة و 53٪ على تعليم الأطفال، مما يساعد على إرساء أساس لأجيال متعلمة وصحية، وخير مثال على ذلك تجربة ولايتي تيلجانا وأندرا براديش، حيث انتهى الأمر بالمزارعات اللائي قمن ببناء مشروعات مستجمعات المياه لبناء حقول الفاكهة والخضراوات بتحسين النظم الغذائية لأسرهن باستخدام الخضراوات الطازجة المزروعة محلياً.

في السنوات الخمس والعشرين المقبلة، ستلعب النساء دوراً أكبر بكثير في الحياة العامة بالهند، وفقاً لرئيس الوزراء مودي، الذي أشار أيضاً إلى أن إمكاناتهن لا تحصى إذا ركزنا أكثر على هذا، وأعطينا بناتنا المزيد من الفرص والموارد، فسوف يعطيننا المزيد في المقابل.

الأكثر مشاركة