"غاردا" تختنق والمروج تذوب.. هل يتكيف كل شيء أخضر مع الجفاف؟

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لاتزال المروج المليئة بالأزهار البرية والأشجار تحافظ على لونها الأخضر في منطقة كنت الريفية جنوب شرق إنكلترا التي يضربها الجفاف، فيما أطبق شبح القحط على صدر "غاردا"، أكبر بحيرة في إيطاليا، ما أخفض المياه إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق منذ عقود.

وامتدت خيوط الجفاف "الخفية" إلى القارة القطبية الجنوبية، حيث أظهرت دراسة حديثة أن ذوبان الجروف الجليدية في القارة القطبية الجنوبية أسرع من المتوقع بنسبة 40 في المئة، محذرة من التغيرات الدراماتيكية التي تشهدها المنطقة بسبب التغير المناخي.

أيضاً، قد يتدهور إنتاج الأرز في الهند العام الجاري حيث تسبب تراجع تساقط الأمطار في مناطق الزراعة الرئيسية في تقليص الزراعات، ما يثير مخاوف من أن أكبر دولة مُصدرة للأرز قد تحد من صادراتها بعد فرض قيود على مبيعات القمح والسكر لتوفير الأمن الغذائي.

ويتّفق الخبراء بأغلبية ساحقة على أن انبعاثات غازات الدفيئة الناجمة عن النشاط البشري تؤدي إلى تغير المناخ ما يجعل الظروف المناخية القصوى مثل الجفاف أكثر تواترا وشدة.
غاردا الحزينة

وينتاب الناس حالة من "الحزن" على "غاردا"، أكبر بحيرة في إيطاليا، بعد أن انخفض منسوب المياه فيها أمس الجمعة إلى 32 سنتيمترا، مقتربا من أدنى مستوى جرى تسجيله لها في عامي 2003 و2007.

واضطر رئيس بلدية غاردا، دافيد بيدنيلي، لحماية المزارعين وصناعة السياحة، لافتاً إلى أن الموسم السياحي الصيفي يسير بشكل أفضل مما كان متوقعا، على الرغم من الإلغاءات، ومعظمها من السياح الألمان، خلال موجة الحر الأخيرة في إيطاليا في أواخر يولي الماضي.

وكتب بيدنيلي في منشور على فيس بوك في العشرين من يوليو "الجفاف حقيقة يجب أن نتعامل معها هذا العام، لكن الموسم السياحي ليس في خطر".
وكشف انخفاض مستوى المياه في البحيرة عن مساحات من الصخور كانت سابقا مغمورة تحت الماء وتسخين المياه لدرجات حرارة تقترب من متوسط الحرارة في منطقة البحر الكاريبي.

ووجد سائحون تدفقوا إلى البحيرة الشمالية الشهيرة أمس الجمعة لبدء عطلة نهاية الأسبوع الطويلة في إيطاليا مشهدا مختلفا تماما عما كان عليه في السنوات الماضية.
وانخفض تساقط الثلوج هذا العام بنسبة 70 في المئة، ما أدى إلى جفاف أنهار مهمة مثل نهر بو، الذي يتدفق عبر قلب إيطاليا الزراعي والصناعي.

وتسبب الجفاف في نهر بو، أطول أنهار إيطاليا، في خسائر بمليارات اليورو للمزارعين الذين يعتمدون عليه عادة في ري المروج وحقول الأرز.
لتعويض ذلك، سمحت السلطات بتدفق المزيد من المياه من بحيرة غاردا إلى الأنهار المحلية بمقدار 70 مترا مكعبا من المياه في الثانية. لكن في أواخر يوليو، خفضت السلطات من كميات المياه من أجل حماية البحيرة وحماية السياحة ذات الأهمية المالية المرتبطة بها.

وتعاني العديد من الدول الأوروبية، ومنها إسبانيا وألمانيا والبرتغال وفرنسا وهولندا وبريطانيا، هذا الصيف من الجفاف الذي أضر بالمزارعين وشركات الشحن ودفع السلطات إلى تقييد استخدام المياه.

دعوة للتفكير

ومع إعلان الجفاف رسميا في إنكلترا الجمعة الماضي وفرض قيود على المياه عبر مساحات شاسعة من البلاد، يحض علماء البستنة ومتخصصون آخرون على إعادة التفكير في طريقة تصميم الحدائق المشذبة الشهيرة في المملكة المتحدة وإدارتها.

ويتوقع بستانيون في "روذيز" وهي واحة غابات من الأشجار والشجيرات الدائمة الخضرة في سيفن أوكس في مقاطعة كنت في إنجلترا، أن نفقد نوعين من الأجناس الموجودة هنا.

ويقول ميلفن جونز، كبير البستانيين في "روذيز" إن الرودوديندرون والكاميليا والمغنوليا الوفيرة في الحديقة، والتي تزهر عادة في الربيع، "لديها قدرة كبيرة على الصمود" لكنها تدخل في وضعية النجاة فيما تتساقط أوراقها للاحتفاظ بالرطوبة.

ويضيف "إنه أمر غير مسبوق... نتوقع أن نفقد نوعين من الأجناس الموجودة هنا".

وتبدو "روذيز" أكثر تكيّفا من الحدائق الإنكليزية التقليدية من المروج وأحواض الزهور، مع الظروف الجافة المتزايدة.

وتوضح كلير برايس التي تعتبر نفسها وصية على "روذيز" أن الحظر على الرّي دخل حيز التنفيذ في مقاطعة كنت وإيست ساسكس المجاورة، مضيفة "نحن لا نروي أيا من الشجيرات أو الأشجار في الأرض على الإطلاق".

وتضيف لوكالة فرانس برس "فلسفتنا هي أنه إذا تعاملت مع التربة بشكل صحيح، أي دمجت الكمية المناسبة من الرطوبة والدبال، ستكون النباتات قادرة على تحمل هذه الظروف (الطقس) القاسية".

ولقد أثبتت هذه الفلسفة أنها الحل الصحيح بالنسبة إلينا... وفيما يتجول الزوار حول هذه الغابات المدهشة، ويمكنهم رؤية أن كل شيء أخضر وأنه يتكيّف جيدا مع الجفاف"، وفق برايس.

التطلع إلى الأمام

وتعتقد برايس أن على البستانيين "التطلع إلى الأمام" بدلا من العودة إلى الوسائل التي كانت تستخدمها الأجيال السابقة، وهدفها الأول ذلك الهاجس العام المتعلق بالمساحات العشبية الخضراء.

وتقول "نحن نحتاج إلى البدء في العمل مع الطبيعة، بدلا من رؤية الطبيعة كشيء يجب محوه والهيمنة عليه".

وتعتبر "روذيز"  الممتدة على مساحة 11 فدانا فوق إحدى التلال، موطنا لأشجار نادرة بالإضافة إلى إحدى أكبر المجموعات المتنوعة من الرودوديندرون والأزاليات والكاميليا والصنوبريات في بريطانيا..

وعلى الرغم من قدرة الغابات القديمة على تحمل الجفاف الحالي بشكل أفضل من حدائق الزينة، فإنها تتأثر بموجة الحر القياسية.

ذوبان جروف جليدية

وأظهرت دراسة حديثة أن ذوبان الجروف الجليدية في القارة القطبية الجنوبية أسرع من المتوقع بنسبة 40 في المئة، عما كان سابقا، مما سيؤدي إلى تسريع ارتفاع منسوب مياه البحار.

وركزت الدراسة، على منطقة واحدة من القارة القطبية الجنوبية، تشهد تغيرات دراماتيكية بسبب التغير المناخي.

ونشر العلماء آليات ذاتية القيادة في هذه المنطقة، واستخدمت بيانات من أدوات مثبتة على فيلة البحر في المنطقة لقياس درجة الحرارة والملوحة في الماء والجليد.

وأنشأ علماء أمريكيون في ولاية كاليفورنيا نموذجا مناخيا، يأخذ في الحسبان تأثير التيارات المحيطية الساحلية في قارة أنتركتيكا.

وأضافوا أن هذه التيارات الضيقة تشكل مياها دافئة، تساهم في إذابة الجروف الجليدية، التي هي عبارة عن طبقة ضخمة من الجليد تعوم فوق المياه.

ويشير النموذج إلى أن معدل الذوبان أعلى بنسبة 20- 40 في المئة من التوقعات السابقة، التي خلصت إليها نماذج أخرى في الماضي.

وتؤدي الجروف الجليدية دورا مهما في عزل الجليد البري عن السقوط في مياه المحيط، ولذلك فإن ذابت هذه الجروف، يمكن في النهاية أن يرتفع مستوى سطح المياه في البحار.

وأفاد الباحث الرئيسي في الدراسة التي نشرت في دورية "Science Advances"، آندي تومسون: "إذا كانت الآلية التي درسناها نشطة في العالم الحقيقي، فهذا يعني أن معدل الذوبان سيزيد بنسبة 20- 40 في المئة، فوق التوقعات الخاصة بنماذج المناخ العالمي، التي لا يمكنها عدة محاكاة التيارات القوية القريبة من القارة المتجمدة الجنوبية".، وفق سكاي نيوز عربية.

وساهمت عوامل التغير المناخي من سرعة ذوبان هذه الطبقة الهامة، مما يهدد قدرتها على كبح تدفق الغطاء الجليدي في القارة نحو المحيطات.

تدهور محصول الأرز

وقد يتدهور إنتاج الأرز في الهند العام الجاري حيث تسبب تراجع تساقط الأمطار في مناطق الزراعة الرئيسية في تقليص الزراعات، ما يثير مخاوف من أن أكبر دولة مُصدرة للأرز قد تحد من صادراتها بعد فرض قيود على مبيعات القمح والسكر لتوفير الأمن الغذائي، وفق تقرير صادر عن وزارة الزراعة الهندية اليوم السبت .

ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن وزارة الزراعة القول إن إجمالي مساحة زراعة الأرز في الهند، وهي ثاني أكبر منتج له في العالم، تراجع بواقع 12 % حتى الآن هذا العام.

ويتداعى المحصول في وقت يضر فيه ارتفاع أسعار الغذاء بالاقتصادات في مختلف أنحاء العالم، وهو ما سيؤثر على مليارات الأشخاص الذين يعتمدون على هذه السلعة الرئيسية. وتسهم الهند بنحو 40 % في التجارة العالمية للأرز.

 ومنعت الهند تصدير القمح في مايو، وقالت إن الأمن الغذائي للبلاد مهدد، بعدما أضرت موجة حر تجاوزت الأرقام القياسية بمحصول القمح في العديد من الولايات. كما قيدت الهند صادرات السكر لتأمين إمدادها الغذائي.

وقالت وزارة الزراعة في وقت متأخر أمس الجمعة إن مساحة زراعة الأرز تراجعت إلى 98ر30 مليون هكتار (55ر76 مليون اكر) اعتبارا من 12 أغسطس، من 36ر35 مليون هكتار قبل عام. غير أن المنطقة المخصصة لقصب السكر ارتفعت إلى 52ر5 مليون هكتار من 45ر5 مليون.

 

 

 

Email