كارثة تلوح في أفق الصناعة الألمانية.. والخيارات محدودة

محطة لأنبوب «نوردستريم1» في ألمانيا | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن مفاجئاً للمراقبين ما أعلنه وزير الاقتصاد الألماني، اليوم، حول إمكانية توقف قطاعات إنتاج صناعية كاملة في البلاد بسبب أزمة الغاز، وهو ما يهدد مكانة استراتيجية عملاقة تحتلها ألمانيا في الصناعة العالمية، ولو مؤقتاً، حتى توفر مصادر بديلة، والمصادر البديلة كانت محور اجتماع زعماء الاتحاد الأوروبي، اليوم، للاستعداد لمزيد من الخفض في إمدادات الغاز الروسي والحد من تأثير ذلك على التضخم وشراء الغاز والنفط بشكل جماعي، وفق مقترح بلجيكي، بدلاً من سعي كل دولة على حدة لتوفير احتياجاتها من الأسواق الدولية.

وبينما سوّقت آلة الدعاية الغربية منذ الأيام الأولى للحرب أنّ تخلي الغرب عن الغاز الروسي من شأنه إلحاق ضرر فادح بالاقتصاد الروسي، وسيكون دعماً كبيراً لأوكرانيا، لكن شيئاً فشيئاً تغيرت النبرة، وبات الحديث اليوم معكوساً، فألمانيا هي التي تتهم روسيا باستخدام قطع الغاز سلاحاً اقتصادياً ضد برلين!

في تفاصيل ملف الغاز، حذر وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك من أنّ ألمانيا تواجه نقصاً في الغاز، وسيتعيّن عليها اتخاذ «خيارات مجتمعية صعبة للغاية» للأسر والشركات إذا انخفضت الشحنات الروسية أكثر مما هي عليه.

وقال هابيك في مقابلة مع مجلة «دير شبيغل»: «يجب إغلاق بعض القطاعات الصناعية.. ستتوقف جميع أعمال اقتصاديات السوق. بالنسبة لبعض القطاعات، سيكون الأمر كارثياً. نحن لا نتحدث عن يومين أو أسبوعين، ولكن عن فترة طويلة. نحن نتحدث هنا عن أشخاص سيصبحون عاطلين عن العمل وعن مناطق ستفقد مجمّعات صناعية كاملة».

صار خطر حدوث نقص في الغاز هذا الشتاء أكثر بروزاً منذ أن خفّضت شركة الطاقة الروسية غازبروم بشكل كبير شحناتها عبر خط أنابيب الغاز نورد ستريم الذي تعتمد عليه ألمانيا بشكل خاص. وتخشى برلين أن تقطع روسيا خط الإمداد هذا تماماً.

وحذر الوزير ونائب المستشار الألماني من «أننا بتنا في وضع لم تشهده ألمانيا من قبل. إذا ظلّت إمدادات الغاز الروسي منخفضة كما هي الآن، سنواجه نقصاً في الغاز»، مضيفاً «سيكون هذا الأمر سارياً خلال هذا الخريف على أي حال».

وتسعى ألمانيا إلى تعويض هذا النقص عبر الشراء من منتجين آخرين وتسريع تطوير البنى التحتية لاستيراد الغاز الطبيعي المُسال. وستزيد البلاد بشكل مؤقت اعتمادها على الفحم بينما تحثّ الحكومة 41 مليون أسرة على توفير الطاقة. وأوضح الوزير الألماني أن في حال لم يكن ذلك كافياً «سنقوم باعتماد خيارات مجتمعية صعبة».

وفي حال تقنين الغاز، فإنّ الأنظمة الأوروبية تعطي الأولوية للأسر على الشركات، ولكن هابيك أكّد أنّ «هذه الأنظمة مصمّمة لانقطاعات التسليم قصيرة الأجل وليس طويلة الأجل».

منذ الأسبوع الماضي، انخفضت عمليات التسليم عبر نورد ستريم بنسبة 60% لأسباب فنية بحسب شركة «غازبروم».

في بروكسل، وبعد يوم من الاحتفالات بوضع كييف على طريق الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، كانت القمة التي عُقدت اليوم الجمعة في فرصة لتحليل التأثير الاقتصادي للحرب.

قال كريسيانيس كارينز رئيس وزراء لاتفيا «لقد تلاشى مفهوم الطاقة الرخيصة، وتلاشى مفهوم الطاقة الروسية بشكل أساسي، ونحن جميعاً في طور تأمين مصادر بديلة»، مضيفاً أنه يتعين على الحكومات «دعم شرائح المجتمع التي تعاني أكثر من غيرها».

وبحسب مسودة البيان التي اطلعت عليها رويترز، سيعلن زعماء الاتحاد الأوروبي أنه «في مواجهة استخدام روسيا للغاز كسلاح»، يتعين على المفوضية الأوروبية إيجاد سبل لتأمين «الإمدادات بأسعار معقولة».

وقال رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو اليوم الجمعة لدى وصوله إلى القمة «نحتاج إلى البدء في شراء إمدادات الطاقة بشكل جماعي، ونحتاج إلى تحديد سقف للأسعار، ونحتاج إلى وضع خطط معا لتجاوز فصل الشتاء». وأضاف «إذا لم نعر الأمر اهتماماً، فسوف يدخل اقتصاد الاتحاد الأوروبي بأكمله في حالة ركود بكل عواقبها».

Email