تقارير البيان

زيارة نولاند إلى موسكو.. خطوة في إعادة ترتيب العلاقات الأمريكية الروسية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أنهت نائبة وزيرة الخارجية الأمريكية، فيكتوريا نولاند، زيارتها إلى روسيا، بعقد اجتماعات في وزارتي الخارجية والإدارة الرئاسية، ولا يستبعد مراقبون أن المسؤولة الأمريكية تحضر لقمة ثنائية جديدة، بين الرئيس فلاديمير بوتين، ونظيره الأمريكي جو بايدن.

ولتأمين الزيارة، قامت موسكو بداية بسحب المسؤولة الأمريكية من قائمة العقوبات الروسية، التي أدرجت عليها منذ عام 2019، مقابل سماح واشنطن لنائب مدير إدارة منع الانتشار والحد من التسلح بوزارة الخارجية الروسية، بدخول الولايات المتحدة، للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

إدارة المواجهة

ويرى خبراء روس، أن تواتر الاتصالات، أصبح علامة على المسار نحو إدارة المواجهة، وإمكانية إقامة علاقات «يمكن التنبؤ بها»، بين موسكو وواشنطن، لكن دون التعويل على تقدم سريع في العلاقات، وفي الوقت ذاته، استعداد أمريكي لمواجهة طويلة مع بوتين، إذ إن واشنطن لا تزال تعتبر أنه لخفض العقوبات، يجب على موسكو أولاً، وقبل كل شيء، العمل على حل الوضع في دونباس، لإعادتها إلى السيادة الأوكرانية، وبالتالي – حسب وجهة النظر الأمريكية - تجنب نزاع مسلح جديد، بالحد الأدنى- ضد خطوط أنابيب الغاز الأوكرانية.

ويقيم الخبير في العلاقات الدولية، فلاديمير فرولوف، زيارة نولاند، بأنها ناجحة فقط من زاوية الاستدارة نحو التحكم بالعلاقات، والحد من المواجهة بين البلدين، تمهيداً للانتقال إلى علاقات «عدائية»، ولكن قائمة على الندية، ومراعاة مصالح الطرف الآخر، على غرار سبعينيات القرن الماضي.

ويؤكد فرولوف، أن العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، معقدة ومثقلة بالأعباء، وستبقى كذلك حتى بعد زيارة نولاند، لكنه يلفت إلى أن أخطر ما في العلاقات الأمريكية الروسية في الظروف الراهنة، هو خطر الصمت، وهو ما جرى العمل على معالجته خلال قمة بوتين - بايدن، في يونيو الماضي، والتي أعطت «زخماً معتدلاً» على مستوى الاتصالات رفيعة المستوى، برز واضحاً في محادثات الزعيمين في جنيف، حول الاستقرار الاستراتيجي بين موسكو وواشنطن، والتصدي لجائحة «كورونا» (كوفيد 19)، ومحاربة الجريمة السيبرانية، والتعاون الاقتصادي، وتغيرات المناخ، والنزاعات الإقليمية، بالإضافة إلى المسائل العالقة في العلاقات الثنائية بينهما.

تقييمات مختلفة

وتجب الإشارة إلى أن زيارة نولاند إلى روسيا، جرى تقييمها بشكل مختلف في موسكو وواشنطن. ففي حين اعتبر البيت الأبيض محادثاتها مع نائب وزير الخارجية، سيرجي ريابكوف، بناءة، لم تستبعد الخارجية الروسية تجميد عمل البعثات الدبلوماسية لروسيا والولايات المتحدة.

ومن هنا، يقول فيودور لوكيانوف رئيس تحرير مجلة «روسيا في السياسية العالمية»، أن المواقف المتناقضة للبلدين، ما زالت قائمة تجاه الملفات الدولية، كأوكرانيا وسوريا، والوضع في أفغانستان، والأسلحة الاستراتيجية والطاقة، وتطرح تساؤلات حول متى سيتوقف الأمريكيون عن التهديد بالعقوبات ضد روسيا.

مواجهة تمدد

لكنه يشير إلى أن واشنطن ليست معنية في الوقت الراهن، بتواصل التصعيد بين روسيا وأوكرانيا، بسبب ملف الدونباس، لأن الاستحقاق الأبرز والأكثر حيوية بالنسبة لها، يتمثل في مواجهة تمدد النفوذ الصيني، ما بدا واضحاً منذ الأيام الأولى لتولي بايدن لسدة الرئاسة في البيت الأبيض.

ويختم بأن تركيز واشنطن على الملف الصيني، يستدعي عدم «هدر الطاقات» على جبهات أخرى، ما سيدفعها لاحقاً لعقد «تفاهمات اضطرارية»، مع موسكو، في أكثر من ملف دولي، لا سيما الأوكراني، لمنع الانجرار إلى التصعيد مع كييف، التي تحاول –برأيه- توريط روسيا، مع مواجهة جديدة مع الولايات المتحدة.

Email