ما أسباب التصريحات الأمريكية المتشائمة حول السلام في أفغانستان؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية عن مسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن تأكيدهم أن فرص التوصل لاتفاق للسلام في أفغانستان «تتلاشى»، على الرغم من استمرار اللقاءات التفاوضية بين قادة طالبان وممثلي الحكومة الأفغانية، في ظل التقدم العسكري لحركة طالبان في جميع أنحاء أفغانستان، بالتزامن مع الانسحاب الأمريكي من البلاد. 

وذكرت الصحيفة أنه على الرغم من التقدم العسكري لحركة طالبان يعلق مسؤولو إدارة بايدن آمالهم على التوصل إلى اتفاق سلام من شأنه أن يوقف العنف المستمر في البلاد، من خلال اتفاق لـ«تقاسم السلطة».

وكان مسؤولو إدارة بايدن أكدوا في تصريحاتهم المعلنة، في أوقات سابقة، أن عملية السلام يمكن أن تنجح، رغم الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، والانتقادات التي طالت محادثات السلام باعتبارها عبثية والمطالب بإلغائها. 

لكن الآن، بات أكثر المسؤولين الأمريكيين تفاؤلاً بعملية السلام، «يتراجعون بشكل متزايد علناً عما قالوه سابقاً»، مشيرين إلى أن «احتمالات التوصل إلى نتيجة تفاوضية، والتي يمكن أن تنقذ جزئياً المشروع الأمريكي لمدة 20 عاماً في أفغانستان، تتلاشى بسرعة»، بحسب الصحيفة.

 تقييم متشائم

وكشفت «نيويورك تايمز» أن المبعوث الخاص للرئيس بايدن في أفغانستان، زلماي خليل زاد، قدم تقييماً متشائماً لما سماه «الوضع الصعب» في البلاد، والفجوات الواسعة بين مفاوضي طالبان ونظرائهم من الحكومة الأفغانية. 

وقال خليل زاد، خلال ظهوره في منتدى «أسبن» الأمني، الثلاثاء الماضي، إن «الطرفين متباعدان». وبشكل سري يشعر المسؤولون الأمريكيون بمزيد من التشاؤم.

وأوضحت وزارة الخارجية في بيان، أن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، تحدث إلى المسؤول الحكومي الأفغاني الثاني، عبد الله عبد الله، و«ناقشا معاً سبل تسريع مفاوضات السلام وتحقيق تسوية سياسية»، حسبما أوردت «نيويورك تايمز».

وكان ذلك آخر تعبير علني عن الدعم من قبل إدارة الرئيس بايدن للمحادثات المعروفة بـ«الحوار الأفغاني الداخلي»، التي بدأت في سبتمبر الماضي كجزء من اتفاق بين إدارة ترامب وطالبان، ما مهد الطرق أمام انسحاب القوات الأمريكية. 

وأشارت الصحيفة إلى أن اللقاءات بين قادة حركة طالبان ومسؤولي الحكومة الأفغانية لا تزال مستمرة في العاصمة القطرية، الدوحة، بشكل متقطع، بما في ذلك الجلسة التي عقدت في منتصف يوليو. 

ويمنح احتمال التوصل إلى اتفاق للسلام، مسؤولي إدارة بايدن، بعض الأمل، وسط اتهامات بأن انسحاب القوات الأمريكية ترك حلفاء الولايات المتحدة الأفغان «نهباً للغزو الطالباني والحكم الثيوقراطي القاسي».

لكنّ مسؤولي إدارة بايدن كافحوا في الأسابيع الأخيرة لتبديد المخاوف من أن طالبان استغلت محادثات السلام بشكل سافر من أجل كسب الوقت وتوفير غطاء سياسي للخروج الأمريكي. 

 وقف العنف

ونقلت «نيويورك تايمز» عن نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، قوله للصحافيين، الأربعاء، إنه «يجب على حركة طالبان وقف هذا العنف المستمر»، مؤكداً أن طالبان لديها «مصلحة أصيلة في تجنب اندلاع حرب أهلية لا نهاية لها»، والتي يُرجَّح أن تستمر في غياب اتفاق لتقاسم السلطة.

لكن برايس أقر بأن عنف طالبان المتصاعد، بما في ذلك التفجير الأخير في كابول خارج منزل القائم بأعمال وزير الدفاع الأفغاني، «زعزع الثقة بمثل هذه الافتراضات».

وقال برايس، إن «قادة طالبان يواصلون قول شيء واحد، وهو أنهم يدعمون الحل التفاوضي للصراع»، لكنه أردف أن «هذه الكلمات تبدو جوفاء» على وقع الهجمات المستمرة. 

وحتى مع قيام الحركة باجتياح القرى والمدن في جميع أنحاء البلاد، ما أثار تساؤلات حول قدرة قوات الأمن الأفغانية على الدفاع عن المدن الكبرى، بما في ذلك العاصمة كابول، يصر قادة الحركة على أن لديهم مصلحة أصيلة وحقيقية في التوصل إلى اتفاق سلام.

 غضب

ونقلت «نيويورك تايمز» عن خليل زاد قوله، عبر حسابه على تويتر، إن «ما يوحد بين الأطراف أكثر مما يقسمها». ولكن، مع سقوط الصواريخ على مقربة من القصر الرئاسي في كابول، مع نهاية هذه المحادثات، أعرب الرئيس أشرف غني عن غضبه من أن طالبان «ليس لديها نية أو رغبة في تحقيق السلام». 

وفي خطاب ألقاه أمام البرلمان في بلاده، اشتكى غني، الذي شعر بأن الولايات المتحدة تدفعه دفعاً إلى الجلوس على مائدة التفاوض، من عملية سلام «مستوردة ومتسرعة»، مضيفاً أن «طالبان لا تؤمن بسلام دائم أو عادل».

Email