جنود أمريكيون في أفغانستان: «انهزمنا»

ت + ت - الحجم الطبيعي

مزيج من الخيبة والقلق يرافق الانسحاب الأمريكي والغربي من أفغانستان. فبعد 20 عاماً من القتال والبناء، قررت الولايات المتحدة الحل الصفري، وهو الانسحاب دون أن تكون العواقب أولوية في الحسابات. ولعلّ ما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن، في معرض تعليقه على الانتقادات، يعبر عن فلسفة الإدارة الأمريكية تجاه هذا الملف: «لم نأتِ لبناء أمّة» في أفغانستان «لقد أنجزنا المهمة»، وهي الإرهاب.

كان «جيسون ليلي» جندياً من قوات العمليات الخاصة في مشاة البحرية الأمريكية شارك في معارك عديدة في العراق وفي أفغانستان خلال أطول حروب أمريكا. ويعبر ليلي (41 عاماً) عن حبه لبلاده وهو يمعن التفكير في قرار الرئيس جو بايدن إنهاء المهمة العسكرية الأمريكية في أفغانستان في 31 أغسطس، لكنه يبدي في الوقت نفسه اشمئزازه من الساسة وفزعه من الدماء التي سالت هدراً وما تبدد من أموال. فقد سقط رفاق قتلى وأصيب آخرون بعاهات في الحربين اللتين يقول ليلي إن النصر فيهما لم يكن ممكناً الأمر الذي دفعه لإعادة التفكير في بلاده وفي حياته.

قال ليلي لوكالة رويترز: «مئة في المئة انهزمنا في الحرب. كان الهدف كله هو التخلص من طالبان ولم نفعل ذلك. وستسيطر طالبان».

وأوضح أنه سافر للقتال وهو يعتقد أن القوات كانت هناك لهزيمة العدو وتنشيط الاقتصاد وإنقاذ أفغانستان عموماً. وأضاف أن القوات فشلت في كل ذلك. وقال في مقابلة ببيته في جاردن جروف جنوب شرقي لوس انجليس «لا أعتقد أن الأمر كان يستحق أن تزهق روح واحدة في الجانبين».

جوردان ليرد (34 عاماً) وهو قناص سابق في مشاة البحرية تحدث عن الفترتين اللتين شارك فيهما في الحرب في العراق وأفغانستان. خدم ليرد في وادي سانجين بإقليم هلمند، الذي دارت من أجله بعض من أشرس المعارك في أفغانستان، في الفترة من أكتوبر 2010 إلى أبريل 2011. وقال إن 25 فرداً من وحدته سقطوا قتلى خلال عمليات في الأشهر الثلاثة وإن أكثر من 200 فرد أصيبوا بجروح. وظل أعز أصدقائه ينزف بين ذراعيه حتى فاضت روحه. قال ليرد إنه أدرك أثناء وجوده في أفغانستان لماذا أطلق المؤرخون عليها اسم «مقبرة الإمبراطوريات».

قال ليلي إنه شعر بالخذلان بصفة خاصة بسبب قواعد الاشتباك الأمريكية في أفغانستان. فلم يكن مسموحاً له ولغيره من الوحدات على سبيل المثال مهاجمة طالبان ليلاً. وأضاف «يجب أن نتحاشى الحرب بأي ثمن. لا تندفع وراء جعجعة الحرب.. وراء آلة جمع المال والعقود. كثيرون حققوا أموالاً طائلة من هذا».

في مقابل الخيبة والمرارة التي يبديها جنود أمريكيون سابقون، يحذر خبراء عرب من أن الحرب على الإرهاب لم تنتهِ بعد. ويقول الصحفي الفلسطيني الإسرائيلي خالد أبو طعمة في تقرير نشره معهد جيتستون الأمريكي، إنه في الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة لاستكمال انسحابها، يشعر عدد متزايد من العرب بالقلق من أن الخطوة الأمريكية لن تعيد طالبان إلى السلطة هناك فحسب، بل ستؤدي أيضاً إلى عودة ظهور جماعات إرهابية أخرى مثل تنظيمي القاعدة وداعش.

ونقل التقرير عن منير أديب، الخبير المصري في الإرهاب الدولي، أن حركة طالبان كانت تحمي تنظيم القاعدة في السابق ورفضت حتى تسليم زعيم التنظيم الراحل أسامة بن لادن إلى الولايات المتحدة أثناء إقامته في أفغانستان بحجة أن الأمريكيين لم يثبتوا علاقته بهجمات 11 سبتمبر 2001. وحذر أديب وفق ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية، من أن الولايات المتحدة ستدفع ثمن خروجها من أفغانستان. وأضاف أن «كلفة الانسحاب ستكون أكبر وأكثر خطورة على أمريكا والعالم بأسره». وأكد الخبير المصري أن خطر الإرهاب سيزداد بسبب فشل الأمريكيين في التشاور مع حلفائهم في الشرق الأوسط.

كما انتقد الصحفي والمحلل السياسي السوري بهاء العوام الإدارة الأمريكية «لمحاولتها إقناع العالم بأن الإرهابيين الذين تقاتلهم منذ سنوات يمكن التفاوض معهم والتعامل معهم كجماعات سياسية تستحق الوصول إلى السلطة». وقال العوام إن الولايات المتحدة أخطأت في اعتقادها بأن «المصالحة مع حواضن الإرهاب» ستوقف إنتاج إرهابيين وأن السلام سيسود في الشرق الأوسط والعالم.

Email