هل ستصبح أفريقيا البوصلة الجديدة للخارجية الروسية ؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

يشير كثير من المراقبين الروس والأجانب، إلى أن روسيا تمكنت في غضون سنوات قليلة فقط من الإطاحة بفرنسا كقوة أجنبية مهيمنة في القارة الأفريقية، وآخر الأمثلة أفريقيا الوسطى. ويثير سعي موسكو لتعزيز مكانتها في القارة السوداء مخاوف لدى باريس والغرب بشكل عام. وبعد النهاية الفاشلة لعملية «بارخان» الفرنسية العسكرية وإعلان باريس سحب نصف جنودها من مناطق الساحل الأفريقي، تزداد المؤشرات على أن يصبح الدور الروسي في القارة أوسع نفوذاً.

تطور سريع

ومن المهم الإشارة إلى ما قاله خبراء روس وغربيون قبل سنوات، من أن القرن الحادي والعشرين، سيكون بالتأكيد قرن التطور السريع لأفريقيا التي ستكون قادرة على تكرار اختراق مشابه لما حققته الصين نهاية القرن العشرين.

ونعيد إلى الأذهان تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أكتوبر 2019 عشية قمة روسيا – أفريقيا، في سوتشي، حول استعداد موسكو للتنافس على التعاون مع أفريقيا، وتحذيره من خطر مواجهة اقتصادية بين القوى الكبرى في القارة، ما يشرع السؤال فيما إذا بدأت أفريقيا تتحول إلى مجال رئيسي لسياسة روسيا الخارجية.

أسواق جديدة

أفريقيا اليوم رائدة على مستوى العالم من حيث نمو الاستهلاك، حيث تتطور فيها الزراعة والصناعة والتقنيات الزراعية وتكرير النفط والصناعات الاستخراجية والطاقة والتكنولوجيات النووية السلمية بشكل سريع، فيما تهتم معظم دولها بتطوير البنية التحتية، ويزداد الطلب على المعدات الخاصة والخبرات. وفي كل هذه المجالات، يوجد لدى الشركات الروسية ما تقدمه.

وحسب إيرينا أبراموفا، مديرة معهد الدراسات الأفريقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، ستحدد هذه القارة خلال السنوات 15-20 المقبلة، الصورة الديموغرافية للعالم وستؤثر بشكل كبير على حجم طلب المستهلكين العالمي. وتضيف إنه يجب على روسيا، التي تقلص بشكل كبير نشاطها الاقتصادي باتجاهه الغربي بسبب العقوبات، أن تبحث عن أسواق جديدة.

شعبية متنامية

لكن السؤال الأبرز يتمحور حول فيما إذا كانت قوات روسية ستحل مكان القوات الفرنسية في مالي، على ضوء فشل باريس في تحقيق الاستقرار في هذا البلد، مقابل تنامي شعبية روسيا بين الجمهور المالي، وأمام أعينهم مثال على العمليات الناجحة للقوات الروسية في سوريا، فضلاً عن المثال الأقرب والأكثر حيوية بالنسبة لهم، وهو مشاركة المدربين العسكريين الروس في حل النزاع في جمهورية أفريقيا الوسطى.

نموذج الصين

في سياق التعامل مع الاستراتيجية الصينية على المستوى الدولي، يرى خبراء أن من المهم والجدير بالتذكر كيف كانت الصين في الستينيات، وكيف أصبحت اليوم رائدة على مستوى العالم من حيث وتيرة ومستوى التنمية وإيصال بضائعها إلى كل أسواق العالم.

ولا يستبعد هؤلاء الخبراء أن تصبح أفريقيا قادرة على تكرار مثل هذا السيناريو، الشيء الذي يفسّر بدء صراع جاد من جانب القوى الخارجية من أجل التأثير على هذه القارة الزاخرة بالمواد الأولية والطاقة البشرية.

Email