تعثر الجيش الأفغاني ضد طالبان.. هل يؤدي إلى إحياء «تحالف الشمال»؟

رجال متطوعون في ميليشيا محلية لصد حركة طالبان / أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

حين بدأت الولايات المتحدة وحلفاؤها الحرب ضد حركة طالبان، كانت القوى الأفغانية المعارضة للحركة تشكل الحليف المحلي الأكثر ثقة لواشنطن، وهذه القوى عرفت باسم «تحالف الشمال».

حيث كانت تضم أمراء الحرب المناهضين لحكم طالبان، وأبرزهم كان القائد الطاجيكي في أفغانستان وأسد وادي بانشير، أحمد شاه مسعود، الذي قتل قبيل الإطاحة بطالبان على أيدي تنظيم القاعدة، وعبدالرشيد دوستم، زعيم الأوزبك الأفغان، وإسماعيل خان، أحد زعماء الطاجيك، وبرهان الدين رباني، الذي كان الزعيم الأبرز بعد أحمد شاه مسعود.

مع مرور 20 عاماً على الإطاحة بحكم الحركة، بلغ القادة الأحياء من تحالف الشمال مرحلة عمرية طاعنة في السن، لكن ما زال لديهم تأثير كبير على حشد الأتباع والتعبئة للحرب القادمة ضد الهجوم حركة طالبان. لكن جيلاً جديداً أيضاً ظهر لقيادة «المقاومة الأفغانية»، منهم نجل أحمد شاه مسعود، الذي ظهر الأسبوع الماضي يتجول في سيارة دفع رباعي في منطقة ذات غالبية من الطاجيك، حيث قاعدة نفوذه الرئيسية.

منذ الهجوم الكبير لطالبان، لوحظ تصدر أسماء أمراء الحرب المشهد مقابل تراجع أسماء الشخصيات الرسمية، مثل قادة القطع العسكرية والأمنية والشرطة في أنحاء البلاد. وأدى تخلخل دفاعات القوات الرسمية في التصدي للهجوم حتى الآن إلى ازدياد شعبية قدامى أمراء الحرب، حيث خرج أبرز زعيم في إقليم هرات، إسماعيل خان، من العزلة التي فرضها عليه الرئيس أشرف غني، بسبب نزعة خان المحلية في إدارة هيرات وكأنه أميرها المستقل. لم يعد الأمر كذلك في هذه الأيام.

حيث بات الرجل السبعيني إسماعيل خان، الذي يحظى بشعبية قتالية بين الطاجيك والهزارة، ونفوراً من الطبقة البورجوازية المدينية، أحد أبرز الشخصيات المتطوعة لصد هجوم طالبان. وتعهد في خطاب له يوم الجمعة بحمل السلاح مجدداً مع اقتراب مقاتلي الحركة من معقله في هرات غرب البلاد.

وقال إسماعيل خان القيادي السابق في تحالف لقتال طالبان خلال الغزو الأمريكي بعد هجمات 11 سبتمبر «سوف نذهب قريباً جداً إلى الجبهات الأمامية، وبعون الله نقوم بتغيير الوضع».

وجاءت تعليقات خان مع إعلان طالبان الجمعة سيطرتها على 85 بالمئة من الأراضي الأفغانية إضافة إلى معابر أساسية مع طاجيكستان وإيران وتركمانستان، دون أن يكون بالإمكان تأكيد ذلك من مصدر مستقل. ويتحدر خان من مدينة هيرات التي تقع على بعد نحو 100 كيلومتر من إسلام قلعة، المعبر الحدودي الرئيسي مع إيران الذي بات يخضع لسيطرة طالبان.

منتصف التسعينيات، حقق خان مع مقاتليه سلسلة انتصارات ضد طالبان بعد وصول الجماعة المتطرفة إلى السلطة للمرة الأولى، لكنه اضطر للفرار إلى إيران مع الآلاف من رجاله عام 1995 بعد انشقاقات لحلفائه. وعام 1997 بعد عودته إلى البلاد لقيادة تمرد ألقت طالبان القبض عليه وسجنته لكنه تمكن من الفرار سجنه في قندهار بعد ذلك بعامين، وظل طليقاً حتى الغزو الأمريكي عام 2001. وشغل خان منصباً وزارياً في حكومة الرئيس السابق حميد كرزاي، لكنه معروف بتفضيله حكم ولاية هيرات التي يقول منتقدوه إنه يهيمن عليها وكأنها ملكه الخاص.

وفي الأيام الأخيرة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو لشخصيات أفغانية بارزة بينهم نساء ونواب في البرلمان وهم يحملون السلاح ويتعهدون بمحاربة طالبان.

وقال خان «نأمل أن يقرر رجال ونساء هيرات في هذه اللحظة دعم جبهة المقاومة للدفاع عن حريتهم والحفاظ على شرفهم».

وعبرت باكستان عن خشيتها من سيناريو تحول القوات المناهضة لطالبان إلى ميليشيات. ودعا السفير الباكستاني في كابول إلى تعزيز قدرات الجيش الأفغاني، محذراً من التورط «الخطر» لميليشيات أفغانية في النزاع ضد طالبان. وحذر من أنه «إذا أسفر الوضع عن نوع من الحرب بين الميليشيات وطالبان، فسيكون ذلك خطراً وسيستمر الوضع في التدهور»، مقترحاً تمكين الحكومة الأفغانية من الدفاع عن نفسها.

وأثار تقدم طالبان السريع للسيطرة على المزيد من الأراضي مخاوف لدى روسيا والصين، حيث تلوح مخاطر إفساد توازن القوى في جنوب آسيا الذي ظل ثابتاً لمدة عقدين تقريباً. وسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للحصول على تأكيدات من طالبان بأنها ستحترم حدود دول آسيا الوسطى التي كانت ذات يوم جزءاً من الاتحاد السوفييتي، بينما قالت باكستان المجاورة إنها لن تفتح حدودها أمام اللاجئين، وفقاً لما ذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء السبت.

ويعتزم وزير الخارجية الصيني وانج يي السفر إلى آسيا الوسطى الأسبوع المقبل لإجراء محادثات حول أفغانستان، وكان قد حذر الأسبوع الماضي من أن المهمة الأكثر إلحاحاً في أفغانستان هي «الحفاظ على الاستقرار ومنع الحرب والفوضى». ووصف وانج وينبين، المتحدث باسم الخارجية الصينية، الانسحاب الأمريكي بأنه «متسرع» وقال إن واشنطن يجب أن تفي بالتزاماتها «لمنع أفغانستان من أن تصبح ملاذاً للإرهاب مجدداً».

Email