نيجيريا في خطر مزدوج.. نيران الاقتتال العرقي والإرهاب

ت + ت - الحجم الطبيعي

تواجه نيجيريا خطراً مزدوجاً بين نيران الاقتتال العرقي والإرهاب، وهو الخطر الذي حذرت منه عدة تقارير حديثة أشارت إلى الكلفة الباهظة لهذا الثنائي الكارثي على مستقبل البلد بإقليم غرب أفريقيا.

وشهد إقليم غرب أفريقيا خلال شهر فبراير الماضي 21 حادثاً إرهابياً أودى بحياة 238 شخصاً وإصابة 123 آخرين. وجاءت دولة نيجيريا في طليعة الدول التي تأثرت بالإرهاب خلال الشهر، بواقع 10 هجمات إرهابية، وسقط فيها ما يبلغ 147 شخصًا.

خبير الأمن القومي المتخصص في الشؤون الأفريقية، اللواء محمد عبد الواحد، يقول لـ «البيان» إن عوامل انتشار الجماعات المسلحة والإرهاب حاضرة بقوة في القارة، وإقليم غرب إفريقيا بشكل خاص يعاني من تلك العوامل المعروفة التي تشكل بيئة خصبة لانتشار الإرهاب، بداية من الفقر والأوضاع الاجتماعية والسياسية الداخلية.

وعن نيجيريا، يشير عبد الواحد، إلى أنها وفق مؤشر الإرهاب للعام 2019 شهدت تراجعاً للعمليات بنسبة 27 بالمئة عن الأعوام السابقة، بينما كان نشاط الإرهاب في أعلى معدلاته داخل البلد في أعوام 2014 و2015 و2016، وذلك مرتبطاً بصعود تنظيم داعش في سوريا والعراق، وبعد هزيمة التنظيم تراجعت التنظيمات الموالية له -ومنها بوكو حرام في نيجيريا- لا سيما بعد العمليات التي قامت بها الدولة ضد التنظيم، وتجفيف منابع التمويل.

ويردف عبد الواحد: «لكن في مؤشر الإرهاب للعام 2020 جاءت نيجيريا في المرتبة الثالثة -للعام الثالث على التوالي- ضمن الدول الأكثر تأثراً بالعمليات الإرهابية، بما يكشف حجم الخطر الذي يواجه البلد».

مكافحة الإرهاب
وتواصلت تلك عمليات مكافحة الإرهاب في نيجيريا على مدار الشهر، وفي السادس من فبراير نفسه أعلن الجيش النيجيري سيطرته على عدة معسكرات في شمال شرق البلاد لمسلحين موالين لتنظيم داعش الإرهابي خلال عملية عسكرية شمال شرق البلاد، مما أسفر عن مقتل عدد من المسلحين البارزين. وفي 12 فبراير شن الجيش النيجيري عملية عسكرية شمال البلاد أسفرت عن مقتل 19 عنصراً تكفيرياً من جماعة بوكو حرام. وفي 23 فبراير، داهم الجيش بؤرة إرهابية في منطقة سامبيسا، وفي اليوم التالي أعلن استعادة السيطرة على بلدة مارتي شمال شرق البلاد بعد معارك مع إرهابيين.

وتعتبر نيجيريا في طليعة الدول التي نجحت في إسقاط أكبر عدد من العناصر الإرهابية، بواقع 100 عنصر بعد 4 عمليات عسكرية خلال الشهر الماضي، طبقاً لتقرير حديث صادر عن مؤسسة ماعت بالقاهرة.

أعمال عنف
على صعيد الاقتتال العرقي، شهدت البلاد خلال الشهر الماضي عدة وقائع؛ ففي السابع من فبراير أفادت وسائل إعلام محلية أن أعمال عنف اندلعت بين مجتمعات إيلوبو وإيرين أوسون. كما أعلنت السلطات النيجيرية في 16 فبراير عن مقتل 20 شخصًا في محافظة أويو جنوب شرق البلاد في اشتباكات قبلية، أدت إلى نزوح 5 آلاف شخص.

وفيما يتعلق بالهجمات المسلحة، فقد شهد الشهر عدة عمليات، أولها كان في 9 فبراير، عندما قتل أكثر من 23 شخصًا في غارات متزامنة على خمس مقاطعات في ولاية كادونا النيجيرية من قبل مهاجمين مسلحين. وفى 14 فبراير قتل ثلاثة جنود نيجيريين على الأقل في كمين استهدف قافلتهم شمال شرق البلاد. وكذلك في 16 فبراير اقتحم مجموعة من المسلحين مدرسة وخطفوا منها تلاميذ ومعلمي المعهد الحكومي للعلوم في بلدة كاغارا بولاية النجير وسط نيجيريا.

حالة ضعف
ويتحدث الخبير العسكري والاستراتيجي عن استهداف الإرهاب في نيجيريا للنقاط «الرخوة» الممثلة في المدنيين والمدارس، بقوله: «لجوء التنظيمات الإرهابية لمثل تلك العمليات وحتى العمليات الانتحارية والسيارات المفخخة، يعني أنها في حالة ضعف وغير قادرة على المواجهة بالتالي يلجأون لاستهداف المدنيين والمدارس كما حدث.. على عكس ذلك في فترات سابقة كانت التنظيمات المسلحة في نيجيريا تركز عملياتها بشكل أساسي على نقاط ثابتة للجيش».

 وفى 22 فبراير، سيطر مسلحون تابعون لتنظيم داعش على قاعدة عسكرية للجيش النيجيري، شمال شرق البلاد. وفى 25 فبراير أعلنت جماعة بوكو حرام مسؤوليتها عن هجوم بقذائف الهاون في 23 فبراير على مدينة مايدوغوري في شمال شرق نيجيريا، وهو الهجوم الذي أسفر عن مقتل 16 شخصاً وإصابة العشرات.

كما شنت جماعة بوكو حرام عدداً من الهجمات المنفصلة في شمال نيجيريا لمدة يومين، حيث قتل المسلحون 36 شخصاً في كل من ولايتي كادونا وكاتسينا. وفي 25 فبراير أعلنت السلطات المحلية، عن أن شرطيين قتلا في هجمات منفصلة على أيدي مسلحين مجهولين في ولاية أنامبرا بجنوب نيجيريا. وفى 26 فبراير قام مسلحون بشن هجوم على منجم للذهب شمال غرب نيجيريا، منطقة «دانكورمس» بولاية زامفاره.

ويلفت خبير الأمن القومي المتخصص في الشؤون الأفريقية، إلى ارتباط التوترات العرقية بزيادة نشاط التنظيمات المتطرفة أيضاً، ذلك أن تلك التوترات تغذي التطرف بشكل عام.

 

Email