اتحاد الإمارات مسيرة العجائب السبع

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ما من إنجاز تحقق على أرض الإمارات أو باسمها، إلا وفيه بصمة القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، فنجاح تجربة الاتحاد الإماراتية خلافاً لتجارب أخرى شهدتها المنطقة، جاء بناءً على الأسس القوية والأركان الراسخة التي وضعها الشيخ زايد، إذ أن الشخصية القيادية والذكاء والقيم التي يحملها واهتمامه بحاجات شعبه وحب الناس له، كانت عوامل مهمة في نجاح الاتحاد، فباتت وحدة الدولة تاج عزتها وسياج مكتسباتها.

وأصبحت تجربة الاتحاد نموذجاً فذاً، ووصفت بأنها مسيرة العجائب السبع التي انطلقت مبكراً.كان المغفور له استثناءً بين القادة العرب في تكريس الوحدة، ما جعل الإمارات استثناءً بين الدول واستمرت على ذاته النهج.

أقوال وأفعال

يمكن وصف تجربة الإمارات في الاتحاد، بأنّها حالة استثنائية في الوطن العربي، في ظل وجود الكثير من الدلائل التي تثبت أن التّغيير الحضاري ليس مجرد أفكار بل وأفعال أيضاً، إذ إن أهل الإمارات حوّلوا المعرفة إلى أفعال، وحوّلوا العلم إلى عمل بتكريس روح الفريق الواحد التي زرعها المؤسسون في كل أبناء الوطن، والطريق للأمام هو عبر تقوية هذه الروح، فاتحاد دولة الإمارات يزداد في كل يوم قوة ومتانة ورسوخاً في نفوس أبناء شعب الإمارات، بفضل النهج الوحدوي المتأصل في فكر قيادة الدولة الرشيدة، التي سارت على خطى الآباء المؤسسين، حتى باتت دولة الإمارات مثالاً للشعوب التي تريد شق طريق خاص بها وفرض نفسها بين المجتمعات الحية.

لم تنجح أية دولة في المنطقة باستثناء الإمارات في الوصول إلى حقيقة أن «في الاتحاد قوة»، فيما تمنت الأغلبية لو تجاوزت الصعاب وحققت الوحدة مثل الإمارات التي باتت مصدر فخر كل عربي.

عوائق عدة كانت وما تزال حجر عثرة تحول دون قيام أي شكل من أشكال الوحدة العربية، على رأسها عدم إنشاء قيادة العمل الموحد، الذي يضمن وحدة القيادة وأدوات النضال، ويضمن تحقيق التفاعل بين القيادة والجماهير، لقد تم إسقاط أول تجربة وحدوية معاصرة قامت عام 1958 بين مصر وسوريا، والاتحاد العربي الهاشمي بين العراق والأردن، وإجهاض كل المحاولات الوحدوية الأخرى، وفي مقدمتها وحدة مصر والعراق وسوريا في ميثاق 17 أبريل 1963، ثم الاتفاق الوحدودي بين ليبيا وتونس.

مظلة واحدة

عميد كلية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للدراسات الدولية السابق، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية د. محمد القطاطشة يقول: «العالم العربي شهد محاولات عدة للوحدة ولكنها باءت بالفشل، لكن نجاح التجربة الإماراتية يعود بالأساس إلى قدرات المغفور له المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الذي الذي اتفق مع حكام الإمارات على ضرورة الاتحاد، ومن خلال شخصيته المتميزة ورؤيته الثاقبة تمكن من إنجاح هذه الفكرة الرائدة التي استمرت وحافظت على تماسكها من خلال العمل المشترك».

بدوره، يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية د. جمال الشلبي: «يعود نجاح اتحاد الإمارات إلى أسباب عدة، ومن أبرزها القيادة الحكيمة التي ارتأت أنه لا مكان ولا قوة للكيانات السياسية الصغيرة، وأن القوة تكون باتحاد هذه الإمارات والعمل والتضامن تحت مظلة واحدة، المؤسس المغفور له، الشيخ زايد طيّب الله ثراه، استطاع بحنكته ورغبته في وضع الإمارات السبع على سكة واحدة، السبب الأساسي في ما نراه اليوم، كتجربة عربية ناجحة وملهمة في الوحدة».

نموذج فريد

ووصلت أصداء نجاحات الإمارات إلى كل بقاع العالم، إذ أكد خبيران أمريكيان بارزان، أنّ تجربة الاتحاد بين الإمارات السبع نموذج فريد في الوحدة على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وتمثّل تجربة رائعة في حجم الإنجازات التي تحققت منذ استقلال الإمارات عن بريطانيا قبل خمسين عاماً.

جيرالد فيرستين الخبير في معهد الشرق الأوسط بواشنطن أكّد لـ«البيان»، أنّ الإمارات أصبحت رائدة في المنطقة في العديد من المجالات ومنها العلوم والتكنولوجيا والتعليم والصحة العامة والبيئة. وأضاف أنّ الإمارات حققت ريادة إقليمية في وقت تواجه فيه منطقة الشرق الأوسط العديد من التحديات.

وأوضح أن التعاون والعمل معاً بين الإمارات السبع التي تكون الإمارات كانا سبباً في نجاح الوحدة فيما بينها بدلاً من عمل كل منها بصورة منفردة، وقد حققت الوحدة لمواطني الإمارات الرخاء والتقدم والأمن.

بدوره، قال ديفيد دي روش البروفيسور في مركز دراسات الشرق الأدنى وجنوب شرقي آسيا بواشنطن والتابع للجامعة الأمريكية للدفاع الوطني لـ «البيان»، إن تجربة الاتحاد بين الإمارات السبع كانت بالفعل نموذجاً فذاً.

انبهار

بدوره، قال المختص الروسي في الشؤون العربية أندريه أونتيكوف، إنّ التجربة الإماراتية تلقى اهتماماً خاصاً في روسيا، ذات النظام السياسي الفيدرالي، وهذا ينعكس في الكم الهائل من المقالات والأبحاث السياسية والاقتصادية الأكاديمية، بما فيها الدراسات البحثية الطلابية، التي ترصد شكل الحكم، وخصوصيات النظام الاتحادي في الإمارات، وعوامل نجاحه، والإنجازات التي تم تحقيقها بفضله على شتى الصعد.

مراحل

وأضاف إنّ النظام الاتحادي في الإمارات محلي صرف، تجاوز كونه إطاراً دستورياً للدولة، وقدم رؤية تنموية، وعملية بناء شاملة، اعتمدت منذ عام 1971 مبدأ التدرج التصاعدي إلى مراحل أكثر تطوراً في تطوير الصيغة الدستورية، وصولاً إلى نموذج الدولة العصرية، المنسجمة مع العادات والتقاليد المحلية، والمنفتحة على العالم.

ووصف الكاتب الروسي في شؤون العلاقات الدولية، سيرغي بيرسانوف، تجربة الاتحاد بمسيرة العجائب السبع التي انطلقت مبكراً، مشيراً إلى أنّ سر نجاح التجربة الإماراتية يكمن في أنها قامت على رؤية واضحة لدى القيادة، وضعت نصب عينيها العمل على وضع وتحقيق البرامج وتسخير الثروات لخدمة المواطن ورفع مستوى معيشته وتوفير الأمن والاستقرار.

إبداع

ويؤكد مختصون عرب، أن تجربة الإمارات الاتحادية ملهمة. أستاذ العلوم السياسية والكاتب والمحلل السياسي غسان إبراهيم يقول لـ«البيان»، إن اتحاد الإمارات تجربة مهمة وملهمة تحتاج إلى دراسة لمعرفة أسباب نجاحها وقوتها، مؤكداً أنّ المغفور له الشيخ زايد طيّب الله ثراه، كان صاحب نظرة واضحة.

ويشير إبراهيم إلى أنّ إبداع هذه الفكرة يكمن أولاً في طريقة التنفيذ والعمل على تعزيز النقاط المشتركة بين سكان الإمارات من تاريخ وثقافة ودين وروابط اجتماعية، وثانياً في توقيتها، إذ جاءت في فترة ستينيات القرن الماضي عندما كانت المنطقة تشهد مشكلات ونزاعات.

ويرى الكاتب كايد عمر، أن نجاح الإمارات في الوصول إلى مكانتها الدولية المهمة يكمن في الإدارة الرشيدة للموارد مع وجود قوانين ومحدّدات وعلاقات دولية وداخلية ساهمت في جعل هذه الدولة رقماً مهمّاً على المستوى العالمي.

رؤية ثاقبة

يحسب للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أنه أنجز وحدة وطن وألَّف بين قلوب شعب وغرس الانتماء لدى مواطني سبع إمارات في دولة واحدة. وتعد الإمارات من أنجح التجارب الوحدوية التي ترسخت جذورها على مدى أكثر من أربعة عقود كاملة، إذ يتميز نظامها بالاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، نتيجة طبيعية للانسجام والتناغم بين القيادات السياسية والتلاحم والثقة والولاء والحب المتبادل بينها وبين مواطنيها.

كان المغفور له، مستمعاً جيداً ووسيطاً في حل النزاعات، كما اشتهر بصبره ورؤيته وحكمته، والصفات التي أكسبته لقب «حكيم العرب»، وأكد أن جميع مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة لهم دور أساسي في النجاح الجماعي للأمة، وقادت رؤيته الثاقبة الإمارات لأن تكون أهم مركز مالي واقتصادي في المنطقة.

 
Email