تقارير البيان

الشرخ النيابي والسياسي في لبنان يتعمّق

رهان لبناني على حدوث اختراق في ملف الانتخابات الرئاسية - أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أيهما أهم: «تشريع الضرورة» الذي أدى إلى تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية، أم «انتخاب الضرورة» الذي يأتي برئيس جديد للبنان؟.

بهذا السؤال ضجّت المواقف، المعارضة منها تحديداً، خلال الساعات الماضية، وذلك بفعل تمديد مجلس النواب، أمس الأول، عمر المجالس البلدية والاختيارية سنة، كحدّ أقصى، في ظلّ اعتراضات قائمة على عدم الاقتناع بالأسباب الموجبة، ما يعزّز مسألة الطعن بقانون التمديد وفرص الأخذ به.

مع الإشارة هنا إلى أن انعقاد مجلس النواب، تشريعياً، في ظل شغور مركز رئاسة الجمهورية لا يزال يفتقد للإجماع حول دستوريته، الأمر الذي استُدرك بكون جلسة التمديد انعقدت تحت بند «تشريع الضرورة».

وفي وقت لا يزال الفراغ الرئاسي متربّعاً على العرش منذ 31 أكتوبر 2022، وفيما أحد لا يحرّك ساكناً، كان مجلس النواب أقرّ التمديد للمجالس البلدية والاختيارية، للسنة الثالثة توالياً، في حين ضجّت المواقف المعارضة بتوصيف ما جرى تحت قبّة البرلمان بأنه كان أشبه بـ«مسرحية»، لم يشهد مثلها تاريخ البرلمانات في العالم، إذ لا الحكومة تريد الانتخابات البلدية.

ولا النواب كذلك، لكن المشكلة كانت في «التخريجة»، وفي كيفية إعلان التأجيل، وفق رأي مصدر نيابي معارض، أشار لـ«البيان» إلى أن «رداءة المسرحية» استكملت إلى النهاية، في مشهد «ضرب مبدأ تداول السلطة في الصميم».

ذلك أن جلسة التمديد للمجالس البلدية والاختيارية، ووفق مجرياتها، عكست في مطاويها واقعاً سياسياً جديداً، برزت فيه خريطة تحالفات جديدة، وأرست قواعد اشتباك من الواضح أنها ستحكم المرحلة المقبلة في التعاطي مع الملفات الكبيرة، وفي مقدّمها الاستحقاق الرئاسي.

وهكذا، لم يحلِ التحرّك الدبلوماسي المتصل بأزمة الفراغ الرئاسي، وما يدور من معطيات واقعية أو مختلقة في شأنها، دون اندفاع استحقاق، يبدو أن فئات عدّة لم تعد تجد أي حرج في اعتباره هامشياً أو ثانوياً، لتبرير ما جرى تحت قبّة البرلمان أمس الأول، في زمن تغييب رئاسة الجمهورية منذ 31 أكتوبر 2022.

والتساقط المنهجي للمواقع الإدارية والأمنية والمؤسّساتية في كلّ الاتجاهات، والشلل الذي يتحكّم بحكومة تصريف الأعمال، إذ أتى دور الصدمة الإضافية المتصلة بإسقاط الانتخابات البلدية وترحيلها لمدة سنة إضافية، للمرة الثالثة على التوالي.

ومع ذلك، ووفقاً لمصادر مراقبة، فإن التمديد الذي حصل سيتسبّب في اتساع الشرخ النيابي والسياسي في البلاد، ويزيد تعقيدات الأزمة المفتوحة على شتّى الأزمات، بدءاً بالفراغ الرئاسي، ووصولاً إلى تعطيل كلّ الاستحقاقات الدستوريّة.

ولا بدّ من أن يثير مزيداً من الغبار السياسي، لا سيما من جهة القوى المعارضة التي لوّحت بالطعن في قانونه، باعتبار المجلس النيابي هيئة ناخبة لا يحقّ لها أن تشرّع.. فإلى أين ستصل المواجهة بين الطرفين؟ وماذا في انعكاس هذا الملفّ الخلافي على الأزمة الرئاسية المعقّدة؟

وفي غمرة أزمة مستعصية على الحلول الممكنة، في المديين القريب والمتوسط، قالت أوساط سياسية متابعة لـ«البيان» إن الانتخابات البلدية والاختيارية، التي تمّ تأجيلها، نجحت في حَرف الأنظار عن الملف الرئيسي المتعلق بالانتخابات الرئاسية، أقلّه في الأسبوعين الأخيرين.

ولكن، مع التمديد لهذه المجالس، ومع انعكاساتها التي انتهت أمس في ظل المواقف المتقابلة، عاد ملف الانتخابات الرئاسية إلى الواجهة مجدداً، باعتباره الملفّ الأساس الذي يحكم طبيعة المرحلة السياسية في لبنان. أما في الكواليس، فثمّة كلام كثير عن أن هناك «ما يٌطبخ» من أجل الوصول إلى بلورة للملف الرئاسي وترجمته على أرض الواقع، على أن تبدأ معالمه بالظهور بدءاً من منتصف الأسبوع المقبل.

 

Email