تقارير «البيان»

ليبيا رهينة الفوضى والانقسام في غياب أفق لحل سياسي

ليبيون يحملون العلم ويحلمون بانتهاء الانقسام | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

استقالة مفاجئة قدمها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا عبدالله باتيلي، بعد أكثر من عام ونصف على تعيينه، أربكت وزادت من غموض المشهد الليبي والعملية السياسية بالبلاد، حيث باتت ليبيا رهينة الفوضى وغياب أي حل سياسي.

في هذا الصدد، فسر رئيس مركز الأمة الليبي للدراسات الاستراتيجية، محمد الأسمر، في تصريحات خاصة لـ «البيان»، استقالة باتيلي بالواقعية وقال أنه لم يعد لديه ما يقدمه، بالرغم من أن مدته ستنتهي في أكتوبر المقبل، وخلال الستة أشهر القادمة هناك استحقاقات مختلفة.

وأشار إلى أن المبعوث الأممي كان قد تقدم بعدة مشاريع باءت معظمها بالفشل لعدة أسباب؛ أهمها هو عدم تكاملها بالتنفيذ، على سبيل المثال قدم مشروعاً لمجلس الأمن في السابع والعشرين من فبراير 2023 لتشكيل لجنة مرجعية رفيعة المستوى لإنتاج قاعدة تشريعية للوصول للانتخابات، إضافة إلى مبادرة بخصوص الطاولة الخماسية التي تجمع مجلسي النواب ومجلس الدولة والمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية والقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، أيضاً لم يضع لها الآليات المناسبة ولم يقم بوضع أطر حقيقية، وبالتالي لم يعد لديه مشروع حتى الآن ولا يمكن أن يقدم مبادرة ثالثة والمبادرتان السابقتان معلقتان.

وأكد الأسمر أن الاستقالة ليست فشلاً لباتيلي فقط إنما هي فشل للأمم المتحدة ورؤساء بعثاتها المتكررين منذ العام 2011 حتى الآن، والسبب أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن لا يقومان بتنفيذ القرارات الصادرة بخصوص الشأن الليبي ولا يتم متابعة ما يتم طرحه في اللقاءات والمبادرات.

وقال إن الوضع في ليبيا لن يتغير بعد استقالة باتيلي وأنها ستظل في ذات الأزمة لتبقى الأمور كما هي عليه.

عجز

فيما أفاد الباحث وأستاذ القانون الدولي الليبي، محمد الزبيدي، في تصريحات خاصة لـ «البيان»، بأن باتيلي كغيره من مبعوثي الأمم المتحدة الثمانية السابقين إلى ليبيا لم يقدموا أي حلول جذرية تخرج البلاد من أزمتها.

وأضاف أن الاستقالة تعكس عجز الأمم المتحدة عن حل الأزمة في ليبيا بسبب تدخل الدول التي من مصلحتها أن يبقى الحال كما هو عليه وفق مصالحها الخاصة على حساب مصلحة وطموحات الشعب الليبي.

وأشار إلى أن استقالة باتيلي لم تكن الأولى، فقد سبقه عديد من المبعوثين، مستطرداً: كل خلف لسلف يبدأ في برنامج سياسي متشعب ودوران في حلقة مفرغة حتى يستنفد الوقت ليستقيل ويأتي من بعده، لتتحول ليبيا إلى «ساحة ارتزاق وتدريب للهواة ودون البحث عن حلول جذرية للأزمة»، على حد وصفه.

وقال إن ليبيا تنتظر المبعوث الجديد كالعادة، الذي سيسير على نهج من سبقوه، من حوارات ونقاشات ولقاءات هنا وهناك دون أن تسفر عن أي تقدم.

ورأى أن التسوية السياسية لن تنتهي طالما انصرفت الأنظار عن مشكلة ليبيا الحقيقية والتي هي بالأساس انتشار الميليشيات المسلحة وسيطرة قادتها من خلف الستار على كل حكومات تأتي بها الأمم المتحدة، على حد وصفه.

تأزيم

وإلى ذلك، قال مؤسس المرصد الليبي لحقوق الإنسان، ناصر الهواري، في تصريحات لـ «البيان»، إن استقالة المبعوث الأممي كانت متوقعة في ظل تعنت أطراف الأزمة الليبية وحرص كل طرف على تحقيق مصالحه والحفاظ على مكتسباته، مؤكداً أن ذلك سبب في عرقلة تنفيذ كل مهام المبعوثين السابقين، وهو ما بدا واضحاً وجلياً في إحاطة باتيلي الأخيرة أمام مجلس الأمن.

ورأى أن ليبيا بعد الاستقالة تتجه إلى مزيد من التأزيم والفوضى.

وبالنسبة للتسوية السياسية فرأى أنها متعثرة ولا يمكن أن تحدث انفراجة فيها إلا بتدخل دولي أو قرار من مجلس الأمن يلزم الأطراف المتصارعة بالجلوس وجهاً لوجه والخروج باتفاق ملزم، يفضي إلى انتخابات قبل نهاية عام 2024.

Email