فلسطين.. هل ينجح محمد مصطفى بقيادة حكومة «المرحلة الضبابية»؟

محمود عباس ومحمد مصطفى خلال لقاء سابق - أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

عشية إعلان الحكومة الفلسطينية الجديدة، يدرك رئيس الحكومة المكلف محمـد مصطفى أنه مقدم على مرحلة يلفها ضباب كثيف، فتتدنى أمامه مدى الرؤية وتضيق الخيارات، ومن هنا، لن تحتمل المرحلة البكاء على اللبن المسكوب، وستكون الأولوية لعملية صيانة وطنية شاملة، لتقوية المناعة الفلسطينية الداخلية.

وعندما تؤدي الحكومة الجديدة، اليوم، اليمين الدستورية، يكون الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد اختصر الجدل القائم، عندما وعد الولايات المتحدة بإدخال تعديلات على السلطة الفلسطينية، سواء أكان بضخ قيادات شابة، أو إجراء الانتخابات العامة، التي لم تجر منذ العام 2006.

الجوهر في موقف عباس، عندما سئل عن المقترحات الأمريكية بإجراء إصلاحات، أن المشكلة ليست في تغيير النخب السياسية وتشكيل حكومة جديدة، وإنما في سياسات الحكومة الإسرائيلية، التي ترفض أي عملية سياسية مع الجانب الفلسطيني، قد تفضي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة.

من وجهة نظر مراقبين، فقد وضع عباس يده على لب جوهر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مقدماً دليلاً جديداً للولايات المتحدة والمنظومة الدولية بأن حكومة بنيامين نتانياهو هي التي تعرقل مساعي السلام وحل الدولتين، الذي يمنح الشعب الفلسطيني الأمل والطمأنينة للعيش بسلام وهدوء، بعيداً عن الحروب وما تخلفه من ضحايا ودمار، وهي اللغة التي يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي التلويح بها والتهديد من خلالها، ناسفاً كل محاولات إيجاد حل سياسي دولي شامل وعادل للقضية الفلسطينية.

برنامج طموح

مصطفى، وأركان حكومته، قدموا برنامجاً شاملاً وطموحاً، قوامه التأكيد على الثوابت الوطنية، وأن منظمة التحرير الفلسطينية هي المرجعية السياسية للحكومة، ما يعني الالتزام ببرنامجها السياسي، والتزاماتها الدولية، على أن تولي الأوضاع الإنسانية في الأراضي الفلسطينية أولوية قصوى.

ومن خلال قراءات مراقبين لـ«البيان» فإن برنامج حكومة مصطفى يتضمن وضع خطة شاملة لإيصال المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية بشكل فوري لقطاع غزة، من دون إغفال مسألة التعافي وإعادة الإعمار، وتحفيز الاقتصاد الفلسطيني.

ويشمل البرنامج كذلك مساعي وخططاً للإصلاح المؤسسي، من خلال إعادة هيكلة وتوحيد مؤسسات الدولة، بمحاربة الفساد، ورفع مستوى الخدمات، مع الأخذ بعين الاعتبار شطري أراضي السلطة (الضفة الغربية وقطاع غزة).

برأي الكاتب والمحلل السياسي محمد التميمي، يمكن لبرنامج الحكومة تطوير الحالة الفلسطينية، بعد أن عاشت ردحاً من الزمن دون الشعور بأي شكل من الأمان أو الاستقرار، غير أن هذا يحتاج (من وجهة نظره) إلى توفير الظروف والأجواء التي تسمح بإعادة توحيد أطر المؤسسات بين الضفة وغزة.

ترصيف الطريق

يقول التميمي لـ«البيان»: «لترصيف الطريق أمام الحكومة الجديدة، ومدها بسبل النجاح بما يعينها على تنفيذ خططها وترجمة برنامجها ومشاريعها على الأرض، ينبغي طي صفحة الانقسام».

وفي الشارع الفلسطيني، يتطلعون إلى أن تمضي الحكومة الجديدة في تنفيذ برامجها بطموح أن تعبر عن نفسها بثقة، رغم الصعوبات والعراقيل، وبأمنيات أن تضع قضية الوطن والمواطن في عيون وزرائها، باعتبار أنه «آن أوان العمل لتعزيز المناعة الوطنية، والنهوض بمكونات الشعب الفلسطيني، بعيداً عن الآمال والطموحات».

وتأتي الحكومة الجديدة في ظل مرحلة غاية في الخطورة والتعقيد، إذ تشهد عُسراً في المال والسياسة، وسيكون على عاتق مصطفى، باعتباره خبيراً اقتصادياً، أن يواجه تحديات كبيرة.

 

Email