ما معايير الأمم المتحدة لإعلان المجاعة الوشيكة في غزة؟

أ ف ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

تستخدم الأمم المتحدة، التي تخشى مجاعة واسعة النطاق تكاد تكون حتمية شمالي قطاع غزة، معايير صارمة لإعلان المجاعة في منطقة معيّنة. وبعد خمسة أشهر على اندلاع الحرب، يشعر سكّان غزة باليأس إزاء قلّة المساعدات الإنسانية التي تدخل القطاع، حيث يقول البعض إنّهم يلجؤون إلى أكل أوراق الشجر وعلف الماشية.

ومن أجل الإعلان عن مجاعة، تعتمد الأمم المتحدة على وكالاتها المتخصّصة التي تتخذ من روما مقرّاً، مثل برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) اللذين تعتمدان من جانبهما على هيئة فنية تُسمى «التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي» (IPC).

وتُجري هذه الهيئة تحليلاً لشدّة انعدام الأمن الغذائي على سلم مبني على معايير دولية ويقوم بتصنيفه.

ما المجاعة؟

المجاعة هي حالة من الحرمان الشديد من الغذاء، تتميّز بمستويات من الجوع والموت والعوز وسوء التغذية الحاد.

وتقدّر الأمم المتحدة أنّ 2,2 مليون شخص، أي الغالبية العظمى من سكّان غزة، معرّضون لخطر المجاعة، خصوصاً في شمال القطاع حيث بات ايصال المساعدات شبه مستحيل بسبب الدمار الهائل والمعارك والقصف وأعمال النهب.

وقال نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، كارل سكاو، أمام مجلس الأمن الدولي: «ما لم يحدث أي تغيير، فإن شمال غزة يواجه مجاعة وشيكة».

من جهته، قال نائب المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) ماوريتسيو مارتينا: «في السيناريو الأكثر ترجيحاً، سوف ينهار الإنتاج الزراعي في الشمال بحلول مايو 2024».

ووفقاً للجمعية الفلسطينية للتنمية الزراعية، دمّرت القوات الإسرائيلية ربع المزارع في شمال قطاع غزة بشكل كامل.

وفي رسالة أرسلها منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث إلى مجلس الأمن الدولي في 22 فبراير، دعا المجلس إلى «ضمان احترام القانون الإنساني، بما في ذلك خطر استخدام تجويع السكّان المدنيين كأداة للحرب».

كيف تُقاس المجاعة؟

تعدّ المجاعة المرحلة الأكثر خطورة في إطار مقياس انعدام الأمن الغذائي الحاد وفق «التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي»، الذي يعدّد خمس مراحل: المرحلة الأولى (حد أدنى)، المرحلة الثانية (إجهاد)، المرحلة الثالثة (أزمة)، المرحلة الرابعة (طوارئ)، وأخيراً المرحلة الخامسة (كارثة/مجاعة).

ويتمّ بلوغ المرحلة الخامسة عندما تستوفي منطقة معيّنة جميع المعايير التالية:

- يواجه 20 في المئة على الأقل من الأُسر نقصاً حاداً في الغذاء.

- يعاني 30 في المئة من الأطفال على الأقل من نقص التغذية الحاد.

- يموت كل يوم شخصان على الأقل من كلّ 10 آلاف شخص، أو ما لا يقل عن أربعة أطفال دون سنّ الخامسة من كلّ 10 آلاف طفل، بسبب الجوع أو بسبب التفاعل بين سوء التغذية والمرض.

وفي هذا الإطار، حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، هذا الأسبوع، من أنّ النقص الحاد المستمرّ في الغذاء قد يؤدي إلى انفجار معدّل وفيات الرضّع في غزّة، حيث يعاني طفل من كلّ ستة أطفال تحت سنّ الثانية من سوء التغذية الحاد.

وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس، الثلاثاء، عن وفاة ستة أطفال نتيجة سوء التغذية.

أسباب المجاعة

الأسباب الرئيسية للمجاعة هي التالية:

- الكوارث الطبيعية: جفاف، فيضانات، أعاصير، زلازل، حشرات ضارّة (جراد وغيرها) التي تؤثّر على توفّر الغذاء والحصول عليه.

- الأزمات الاقتصادية التي تؤدي إلى تعطيل تجارة المواد الغذائية، وارتفاع وتقلّب أسعار الغذاء.

- الاستجابات الإنسانية غير الكافية في مواجهة أزمة ما، وعندما لا يكون تسليم المساعدات كافياً أو سريعاً بما فيه الكفاية أو منسّقاً بشكل جيّد.

- وأخيراً النزاعات المسلّحة التي تؤدي إلى نزوح السكّان ومواجهتهم نقص الغذاء كما هي الحال في غزّة.

وتتجلّى هذه الحالة لدى أبو جبريل، وهو مزارع فلسطيني يبلغ من العمر 60 عاماً، نزح إلى مخيّم جباليا.

كي لا يموت من الجوع، قرّر التضحية بآخر ما يملك، أي حصانَيه اللذين ذبحهما وطبخ لحمهما. وقال، الأسبوع الماضي: «لا خيار أمامنا إلّا ذبح الحصان لإطعام الأطفال».

وأضاف: «الجوع يقتلنا» الآن، بعدما دمّرت الحرب منزله وحقوله.

من يعلن المجاعة؟

بمجرّد استيفاء المعايير التي حدّدها «التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي»، يبقى على الأطراف المعنية على مستوى الدولة، مثل السلطات الحكومية، ووكالات الأمم المتحدة، إعلان المجاعة.

وقالت هيئة «التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي»، اليوم، إنّ «عملية التحليل التالية بشأن غزة يجب أن تنتهي خلال النصف الأول من شهر مارس».

Email