قصر «هشام».. أبرز معلم في «مدينة القمر» الفلسطينية

في منتصف منطقة صحراوية في مدينة اريحا الفلسطينية، أقدم مدينة عرفت على وجه الأرض، والأكثر انخفاضاً عن سطح البحر في العالم، يتربع قصر الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك، المعلم الأبرز في اريحا مدينة القمر، نسب القصر إلى الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك، استناداً إلى بعض الدلائل الكتابية المكتشفة في الموقع الذي بناه عام 743 ميلادي في نهاية عهده.

ولم يسكنه بسبب الزلزال الذي ضرب المنطقة، ليتركه أطلالاً، وأكمل بناءه نجله الوليد، وكان قصراً شتوياً للخليفة الأموي بفعل اعتدال حرارة المنطقة.

ويتكون القصر من مجموعة من البنايات والحمامات والجوامع وقاعات مليئة بالأعمدة الأثرية، وتعد الفسيفساء والزخارف والحلي من الأمثلة الرائعة للفن والعمارة الإسلامية القديمة، وحسب الخبراء فإن زلزالاً عنيفاً قد ضرب المنطقة ودمر الأبنية في قصر هشام قبل أن تكتمل، وبفعل الأتربة والأنقاض المتراكمة حافظت الفسيفساء والرسومات الرائعة الموجودة في القصر على نفسها. 

يقول الباحث والمؤرخ تامر الزغاري لـ«البيان»، يتألف القصر من قسم للحريم وفيه ساحة للاستحمام والاستجمام، وغرفة استراحة للخليفة، وهذا القسم مزين بالفسيفساء الجميلة، وقسم آخر يطلق عليه البلاط ويضم قاعة للمحكمة، وغرفاً للإدارة، وجامعاً للصلاة، ومحراباً ومئذنة، كما اشتمل القصر على حمامين اثنين أحدهما للرعية، والآخر لحاشية الخليفة.

وكمل يضم بركتين إحداهما منحوتة من الجبس والحجارة لطيور وحيوانات وتماثيل بشرية مزخرفة، أما البركة الأخرى فقد زينت بأرضية من الفسيفساء باذخة الجمال، وفي منتصف القصر.

وضعت نجمة حجرية سداسية الشكل تتألف من 92 حجراً على شكل نجمة، كانت عبارة عن نافذة لإحدى غرف الطابق الثاني، ولكن بفعل تهدم القصر اختلطت الحجارة مع بعضها، وأعيد بناء النجمة خلال أعمال الترميم والحفريات التي تمت في ثلاثينيات القرن الماضي من قبل خبراء الآثار الفلسطينيين. 

وتحدث الزغاري عن أكبر أرضية فسيفسائية عرفها التاريخ تلفت انتباه الزائر في قاعة الاستقبال، تعد كنزاً تاريخياً أثرياً، تبلغ مساحتها 827 متراً مربعاً، وتتشكل من 38 سجادة فسيفساء متصلة، غنية بالتفاصيل الهندسية والنباتية والحيوانية، وصيغت ورسمت باحترافية، واستخدم في رسمها 21 لوناً من الحجارة، وبحجم سنتيمتر واحد للحجر، أي ما يقارب 8 ملايين قطعة.

وفي الجهة الشمالية لهذه الأرضية يقع ديوان الخليفة وفيه لوحة فسيفساء أخرى يطلق عليها الخبراء اسم «شجرة الحياة»، وتجسد اللوحة شجرة برتقال على يسارها أسد يفترس غزالاً، وعلى يمينها غزالان يعيشان بسلام، وتلخص اللوحة الحياة في السلم والحرب.

الأكثر مشاركة