استفتاء الدستور.. تونس تمهد لتأسيس «الجمهورية الجديدة»

ت + ت - الحجم الطبيعي

أدلى التونسيون بأصواتهم، أمس، في مشروع الاستفتاء على الدستور الجديد، والذي ينتظر أن تعلن نتائجه الأولية، اليوم الثلاثاء. وفيما بدأت ملامح مرحلة جديدة في التشكل، شدد مراقبون على أن الرئيس قيس سعيد سيكسب الرهان في تحقيق توافق شعبي كبير على مشروع الدستور الجديد، ما يعني تدشين حلم الجمهورية الجديدة.

وقال سعيد عقب إدلائه بصوته في مركز اقتراع بمنطقة حي النصر في العاصمة، إن الاستفتاء سيمهد لتأسيس جمهورية جديدة مختلفة، مضيفاً: «سنؤسس لجمهورية جديدة في يوم عيد إعلان الجمهورية، جمهورية مختلفة عن الجمهورية التي سادت في العشر سنوات الماضية أو حتى قبلها، في الظاهر جمهورية لكن من يجلس على كرسي الحكم لا يريد أن يتحرك ولا يخرج إلا ميتاً أو مطروداً، نريد أن نؤسس لدولة تقوم على القانون ومجتمع يقوم على القانون، حيث يشعر المواطن أنه هو من وضع القانون». وأوضح سعيد، أنه لن يكون هناك عودة للديكتاتورية ولحكم الحزب الواحد.

ويجمع جل المراقبين، على أن الرئيس سعيد استطاع تحقيق مكاسب أمام مناهضي مشروعه السياسي ، مشيرين إلى أنه تمتلك اليوم كل الآليات التي تساعده على تأسيس الجمهورية الجديدة وفق رؤيته التي تحظى بدعم شعبي واسع.

وأكد المحلل السياسي، الجمعي القاسمي في تصريحات لـ «البيان»، أن الرئيس سعيد مهد الطريق بفاعلية قصوى لمشروعه السياسي، لاسيما من خلال مشروع الدستور الذي قطع الطريق أمام دستور 2014 وأغلق باب السنوات العشر الماضية وما خلفته من أزمات وصراعات، مشيراً إلى أن أول الخاسرين هي حركة النهضة الإخوانية ومن يدور في فلكها.

مسار مختلف

بدوره، لفت المحلل السياسي، أبوبكر الصغير، إلى أن التونسيين ينتظرون ما ستفرزه المرحلة المقبلة من قرارات سياسية واقتصادية واجتماعية للخروج بالبلاد من المأزق الذي أوقعها فيه المتهافتون على الحكم خلال السنوات العشر الماضية، الأمر الذي وعد به الرئيس سعيد، مضيفاً: «عندما يستعيد الشعب ثقته في السلطة الحاكمة، وتستعيد الدولة إشعاعها في الخارج، لاسيما لدى شركائها الدوليين، سيكون هناك مجال للحديث عن انتعاش اقتصادي عبر إعادة جسور التواصل مع المانحين واستقطاب الاستثمارات والسير بخطى واثقة على طريق الإصلاحات الاقتصادية التي لم تعد تقبل الانتظار أو التأجيل». وأبان الصغير، أن تونس اليوم تعتمد اليوم مساراً مختلفاً عما كان عليه الحال أيام الإخوان وشركائهم، ومن أبرز ملامحه تحصين سيادة الدولة التونسية واحترام مؤسساتها والاهتمام بالطبقات الفقيرة.

خيبة أمل

ووفق مراقبين، فإن قوى المعارضة لم تعد قادرة على تجييش الشارع أو التحريض على مشروع الرئيس سعيد، إذ تبدو في أضعف حالاتها على الإطلاق، وذلك لعدة أسباب أبرزها خيبة الأمل الشعبية في في النخب التي حكمت خلال السنوات الماضية، والانهيار التام لمشروع الإخوان، الأمر الذي سيفسح المجال أمام الرئيس سعيد للتحرك نحو تكريس رؤيته للحكم وإدارة الشأن العام وتحقيق أهداف مشروعه الوطني الذي يراهن الكثيرون على أنّه سيكون مختلفاً عن التجارب السابقة من حيث منهجية الحكم وآليات الممارسة الديمقراطية.

Email