«قصر الحمراء» تحفة معمارية وشاهد على عراقة رام الله

قصر الحمراء أحد أبرز معالم مدينة رام الله| أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الأماكن كالذاكرة تبقى وتزدهر، تبعث الحنين إلى الماضي وتشهد على الواقع. من الأماكن التي لا زالت تعانق الزمن وتشهد على عبقرية الأجداد، قصر الحمراء في مدينة رام الله في الضفة الغربية، ويعتبر واحداً من أقدم القصور في المدينة، فمنذ أن قام عيسى الباتح ببنائه عام 1908 على مساحة 3.5 دونمات، كمسكن خاص له ولعائلته بقي قصر الحمراء قائماً كأنه يعاند الزمن، تحيط به أشجار الصنوبر التي يزيد عمرها عن 100 عام، وأسموه بهذا الإسم تيمناً بقصر الحمراء في غرناطة.

وفي عام 1945 أخلته العائلة وأجّرته لشركة مصايف رام الله. ومن دون تغيير كبير في طراز بنائه حاولت الشركة إعادة بث الحياة فيه من جديد، محافظة على شكله المميز وفخامته المعهودة حتى أصبح واحداً من أشهر الفنادق بمدينة رام الله، وكان وما يزال يمثل تحفة فنية، أقام به الملك عبد الله بن الحسين الأول برفقة عدد من الأمراء منهم توفيق باشا، وكانت تقصده شخصيات مهمة ومشهورة، إضافة لكبار الفنانين مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ، كما حلق في فضائه صوت المطربة أسمهان.

تحفة معمارية

ويرى الزائر لهذا القصر تحفة معمارية. المؤرخ والكاتب زياد الجيوسي يقول لـ «البيان»: معمارياً يتكون القصر من أربعة أدوار ويعلوه القرميد الأحمر، ويتميز بدرج خارجي لشرفة الطابق الأول، والجانب الأيمن من القصر على شكل شبه نصف دائرة بارزة خارج البناء، تشكل شرفات جميلة لطبقات البناء الثلاث العليا، ونوافذ الواجهة الأمامية طولية قوسية الأعلى مع واقيات معدنية للمطر، وكذلك الأبواب قوسية كما نمط البناء التراثي المعتاد، والأجمل الشرفة الحجرية البارزة على يسار الطابق العلوي حيث بوابتها مع نوافذها على شكل نصف دائرة، وتحيطها الحجارة المنقوشة بشكل متميز وجميل مختلف فظهر المشهد كأنه لوحة فنية تحيط بها أشجار صنوبر عملاقة، فالمشهد العام لقصر الحمراء متميز بجماله واستحق بجدارة أن يسمى بهذا الاسم.

ويتابع، بسبب موقع مدينة رام الله ومناخها المعتدل وطبيعتها الجميلة، ظلت طوال سنوات قبل حرب عام 1967 محط أنظار المتنزهين من مدن الساحل، يافا والرملة واللد وعكا، ومن دول الخليج العرب مثل الكويت، الذين كانوا يقصدونها للتنزه والراحة وقضاء إجازة الأسبوع وخاصة خلال فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى أن بعض الأزواج كانوا يقضون شهر العسل في القصر وأيضاً قصدها عدد من رجال السياسة ورجال الفكر والثقافة وشهد القصر عقد أول مؤتمر للمحامين العرب بمشاركة محامين من الأردن ومصر وقطاع غزة وبعض الدول العربية.

Email