العراق.. نذر تصعيد في الشمال والجنوب

ت + ت - الحجم الطبيعي

انسحبت ثاني شركة أمريكية من الاستثمار في قطاع النفط والغاز بإقليم كردستان العراق بعد خطاب وجهته وزارة النفط العراقية إلى جميع الشركات العاملة في الإقليم بضرورة الامتثال لقرار المحكمة الاتحادية العليا بإقرارها عدم شرعية هذه العقود، لأنها تتعارض مع الدستور العراقي، وهو الحكم الذي رفضه الإقليم واعتبر أن المحكمة مسيّسة ومتحيزة ضد الحقوق الدستورية لإقليم كردستان. لكن «الخيارات التالية» للطرفين تثير المخاوف من احتمال حدوث صدام أمني بين الطرفين منذ آخر مواجهة جرت بينهما في أكتوبر 2017 حين اجتاحت قوات عراقية ترافقها ميليشيات الحشد الشعبي مناطق واسعة كانت تحت سيطرة قوات البيشمركة، من بينها محافظة كركوك الغنية بالنفط.

في التفاصيل الإجرائية، قالت شركة شلمبرجير الأمريكية للطاقة، إنها لن تتقدم بطلب من دون موافقة بغداد للمشاركة في أي عطاءات بقطاع النفط والغاز في إقليم كردستان، بحسب رسالة أُرسلت إلى وزير النفط العراقي واطلعت عليها رويترز.

وأكدت شلمبرجير أنها ستتقيد بقرار أصدرته المحكمة الاتحادية العليا العراقية في فبراير الماضي اعتبر أن قانوناً للنفط والغاز ينظم صناعة النفط في كردستان غير دستوري وطالب السلطات الكردية بتسليم إمدادات الخام.

وكانت شركة بيكر هيوز الأمريكية للخدمات النفطية أعلنت، أول أمس السبت، التزام الشركة بقرار المحكمة العليا التعهد بعدم العمل في عقود أو مشاريع في قطاع النفط والغاز في إقليم كردستان والتزامها بتنفيذ قرار اللجنة التوجيهية في وزارة النفط.

وتعمل عشرات الشركات النفطية الأجنبية من جنسيات أمريكية وروسية وفرنسية وبريطانيا وصينية وسنغافورية وماليزية ويابانية في استثمار الحقول النفطية والغازية وتقديم الخدمات في مجال حفر الآبار النفطية والتنقيب ومد خطوط الأنابيب وبناء مرافئ لتصدير النفط في العراق وبعضها لديها أعمال مماثلة في إقليم كردستان العراق.

قصف.. وإدانة أمريكية

وتعرضت حقول لاستخراج الطاقة في الإقليم إلى عمليات قصف متكررة في الشهور الماضية. وأمس، أعلنت الولايات المتحدة عن وقوفها مع شركائها في إدانة الهجمات الصاروخية وبمدافع الهاون الموجهة إلى منطقة كردستان، بما ذلك ثلاث هجمات في السليمانية في الأيام الأربعة الماضية على البنية التحتية للغاز والنفط.

وأكد بيان أصدره المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس: «هذه الهجمات تهدف لتقويض الاستقرار الاقتصادي، كما تسعى لتحدي السيادة العراقية وبث الفرقة والترويع».

سيناريو آخر

في السيناريوهات المتوقعة، لا يواجه العراق احتمال صدام بين أربيل وبغداد فقط، بل هناك تعقيدات جديدة في المشهد السياسي فرضتها استقالة الكتلة الصدرية من البرلمان واغتنام الإطار التنسيقي (نوري المالكي وهادي العامري) الفرصة ليصبح القوة البرلمانية الأكبر. وتشير تقديرات إلى إمكانية أن يدعو الصدر أتباعه الاحتكام إلى الشارع وقيادة احتجاجات لإسقاط الحكومة المقبلة، الأمر الذي قد يتطور إلى اضطرابات أمنية واسعة.

وضمن هذه الاحتمالات، يقول الكاتب والمحلل الأمريكي بوبي جوش: «إن النتيجة الأكثر ترجيحاً لقرار مقتدى الصدر الانسحاب من العملية السياسية هي عودة للاحتجاجات العنيفة التي عصفت بالبلاد في أواخر عام 2019 ومطلع عام 2020. وفي الواقع، ستكون الاضطرابات المنتظرة أكثر إرباكاً، حيث إن أنصار الصدر- الذين لم يشاركوا في الاحتجاجات السابقة - أفضل تنظيماً من المجموعة التي بلا قيادة، التي كانت تمثل جوهر تلك الاحتجاجات. وهم أكثر غضباً أيضاً، وفق بوبي جوش».

وأضاف جوش في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء: «تعتبر هذه بوادر كئيبة بالنسبة للعراقيين الذين يواجهون احتمال رؤية الدماء في شوارعهم. كما أنها نذير سوء بالنسبة للاقتصاد العالمي؛ ففي الوقت الذي يشهد ارتفاعاً في أسعار النفط، من الواضح أن حدوث عدم استقرار مطول في ثاني أكبر دولة منتجة سيكون هو آخر ما يريده أي أحد. وبإمكان المشترين للنفط أن يأملوا فقط في أن يكون الكاظمي قادراً على تأمين المنشآت النفطية والحفاظ على استمرار عمل خطوط الإمداد إذا اندلع قتال طائفي في المناطق الجنوبية، والتي تضم غالبية احتياطيات البلاد النفطية. ووفق التحليل، تواجه إدارة بايدن خطراً مزدوجاً. فمن الواضح أن أي فقدان للإمدادات العراقية سوف يقوّض الجهود الرامية لتهدئة سوق النفط- وخفض الأسعار في محطات الوقود قبل الانتخابات النصفية في الخريف المقبل».

Email