لبنان..خطاب ما قبل الانتخابات يعقد الاستحقاقات الدستورية

ت + ت - الحجم الطبيعي

فيما المنظومة السياسيّة القديمة - الجديدة، بكلّ تلاوينها، تحلّق عالياً في خلافاتها، وكأنّ الانتخابات النيابيّة كانت محطّة لها لالتقاط الأنفاس وشحذ «الهمم»، فإنّ الجولة الجديدة من المشاحنات والمناكفات والعنف السياسي بدأت تهدّد مصير الاستحقاقات الدستورية الماثلة، وأوّلها انتخاب رئيس المجلس النيابي الجديد وهيئة مكتبه، قبل أن تصل البلاد إلى الاستحقاق الحكومي غداة استحالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي إلى حكومة تصريف أعمال.

تزامناً، وفيما تصريف الأعمال لم يمنع تصاعد السِجالات، لاحت في الأفق مؤشرات إلى انهيار شامل، حذّرت منه الهيئات الاقتصاديّة، وملامح احتجاج شعبي عنيف قد يندلع في كلّ أنحاء البلاد، وقد بانت طلائعه من إقفال بعض الطرقات، احتجاجاً على ارتفاع الدولار والأسعار، ما حَرف الأنظار عن الانتخابات ونتائجها، وعن مجلس نيابي بدأ ولايته من دون أن يجتمع بعد حتى ليتسلّم كلّ نائب فيه رقم لوحة سيارته أو مكتبه في مقرّ البرلمان في ساحة النجمة - وسط بيروت، والتي رُفعت الحواجز والمعوّقات من مداخلها استعداداً ليوم الاجتماع الموعود.

وما بين المشهديْن، لم تُثمر الاتصالات التحضيريّة لاستحقاق انتخابات رئاسة المجلس النيابي الجديد وهيئة مكتبه نتائج ملموسة بعد، وسط مراجعات سياسيّة يجريها هذا الفريق أو ذاك، فيما تردّدت معلومات مفادها أنّ الاتصالات متواصلة في مختلف الاتجاهات، من أجل تأمين نِصاب الأكثريّة المطلقة على الأقلّ لانعقاد جلسة الانتخاب، التي تقررت مبدئياً الأسبوع المقبل، أي ضمن مهلة الــ15 يوماً المحدّدة دستورياً.

وبينما الخلاف على أشدّه بين أركان السلطة على طاولة المقايضات والتسويات، برز على المقلب الآخر من الصورة كلام عن أنّ نبيه برّي، لا يعتبر نفسه معنيّاً بأيّ مقايضة بين رئاسة المجلس ونيابة رئاسة المجلس، لكنّه في الوقت عينه لا يوصد الأبواب كلياً أمام حصول توافقات معيّنة قبل انعقاد جلسة الانتخاب. وعلى هذا الاستحقاق، تلتقي قوى التغيير النيابيّة وتحضّر أوراقها لتصل إلى مجلس النواب بموقف واحد، عنوانه «التصويت المدني العابر للطوائف»، انطلاقاً من ضرورة إخراج المواقع من المحاصصات الطائفيّة، وفق تأكيد مصادرها لـ«البيان»، والتي أشارت في الوقت عينه إلى أنّ خيار التصويت بالورقة البيضاء ما زال مطروحاً حتى الآن.

مرحلة مفصليّة

وفي الانتظار، وفيما تتزاحم الملفات والاستحقاقات أمام المجلس النيابي الجديد، فإنّ ثمّة إجماعاً على أنّ لبنان يمرّ في أشهر مفصليّة، ترقى إلى مصاف وجوديّة، إذْ سيكون التحدّي الكبير تأليف الحكومة الجديدة، حيث إنّ البلاد، بما تعانيه من أزمات، لا تتحمّل تأخيراً في إنجاز هذا الاستحقاق الذي بدأ عدّه العكسي منذ 22 من الجاري، حيث بات الجميع أمام اختبار تجاوز خطاب ما قبل الانتخابات إلى التوافق على التركيبة الحكومية الجديدة، على رغم الاختلاف في المواقف والتوجّهات السياسيّة. علماً أنّ المجلس الجديد ستُلقى على عاتقه ملاقاة الحكومة الجديدة، إذا تشكّلت، في ملفّ التعاطي مع صندوق النقد الدولي، وهو سترة الإنقاذ الوحيدة لتفادي الانهيار أكثر. أمّا على المقلب الآخر من الصورة، فإنّ هناك مخاوف من أنّ البلد ذاهب، على الأرجح، إلى انقسام سياسي أكثر عمقاً، في سياق مسار محفوف بـ«الألغام» الموزّعة من دون خارطةٍ تحدّد مواقعها.

Email