لبنان.. استحقاق وشيك ومعسكران في معركة تقرير المصير

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع اقتراب الانتخابات النيابية في لبنان، بدأت السياسة في الانكفاء شيئاً فشيئاً عن المشهد الداخلي مفسحة المجال أمام استحقاق بدأت أجراسه تُقرع في كل الزوايا، بما يعني دخول البلاد عملياً في مرحلة انتقالية.

وتشير كل الوقائع المرتبطة بالانتخابات إلى معركة حتمية تحضر لها الأطراف الداخلية وتحت عناوين مختلفة ومتصادمة، بين قوى تخوضها معركة مصيرية، وأخرى تسعى للحفاظ على تمثيلها أو زيادته، وقوى تسعى لكسر أكثريات معينة للتربع في موقع الأكثر تمثيلاً، وقوى تذهب بعيداً في وضع عنوان عريض لمعركتها، فحواه إحداث انقلاب جذري في الخريطة النيابية الحالية وبلورة خريطة جديدة بموازين جديدة تعبّر عن تطلعات الشعب.

وعلى وقع ارتفاع منسوب التنافس الانتخابي، واستعداد القوى والأحزاب لإنجاز التحالفات وتشكيل اللوائح، برز اهتمام بمرحلة ما بعد الاستحقاق النيابي، ذلك أن القوى تجري حساباتها لمرحلة ما بعد الانتخابات، وتحديداً موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون في 31 أكتوبر المقبل.

في الأثناء، وغداة تسلّمه طرحاً مكتوباً من الوسيط الأمريكي، آموس هوكشتاين، حيال منطلقات خطوط التفاوض على ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، بدا الجانب الرسمي اللبناني في حالة ترقّب وضياع، بعدما أربكه الطرح الأمريكي المكتوب وحتّم عليه حسم توجهاته والإجابة عليه خطياً، ليتحدد في ضوء جوابه مسار ومصير الوساطة الأمريكية، فكان القرار بكسب المزيد من الوقت، إذ تقرر تشكيل لجنة تقنية إدارية تضم ممثلين عن الرئاسات الثلاث ومن الوزارات المختصة، وتكليفها صياغة مسودة الرد على الطرح الأمريكي، فيما تجلت المفارقة في نأي رئيس مجلس النواب، نبيه بري، بنفسه عن اللجنة، وامتناعه عن إيفاد أي ممثل للمشاركة في أعمالها، تاركاً للسلطة التنفيذية تولي المهمة.

إلى ذلك، باتت الأجواء السياسية محكومة بتساؤلات بدأت تتراكم وتحيط مصير الاستحقاقات الداخلية بعلامات استفهام، وأقربها الاستحقاق الانتخابي الذي بات على بُعد 72 يوماً من موعده المقرّر 15 مايو. وتشير مصادر مطلعة في تصريحات لـ «البيان»، إلى أن الانتخابات النيابية قائمة في موعدها أياً كانت الظروف، وأن كل الاستعدادات والتحضيرات اللوجستية باتت جاهزة لإجرائها.

معركة مصير

وفي المقلب الآخر من الصورة، ارتفع منسوب الكلام عن أن لبنان دخل مرحلة تموضعات حاسمة، تضعه على شفا «فالق زلزالي» لا مكان وسطاً بين ضفّتيْه، وما على اللبنانيين سوى اختيار واحدة من الضفّتيْن في معركة تقرير المصير والوجود وتحديد الانتماء والهوية، ذلك أن كل المواقف الداخلية تشير إلى أن الصدام في الانتخابات المقبلة سيحدث بين معسكرين لا ثالث لهما، وعلى اللبنانيين الاختيار بينهما، معسكر يقوده حزب الله، ويضم التيار الوطني الحر، وفريق «8 آذار»، والذي يرى أن الانتخابات لن تحدث تغييراً كبيراً، ومعسكر آخر يضم كل الجهات والأحزاب والشخصيات التي لا توافق على خيارات الحزب ولا على سلاحه، ولا على استسلام المنظومة وأهل الحكم له ولتوجهاته، ولا يرضون بحمايته لهم مقابل مناصب وصفقات ومكاسب.

ووفق تأكيد مصادر لـ «البيان»، فإن المعسكر الثاني يريد بناء دولة حقيقية، بجيش واحد وسلاح واحد، وحدود مضبوطة، واقتصاد قوي، وإعادة ربط لبنان بمحيطه الحيوي الطبيعي والعربي، لما في ذلك من إعادة للبنان إلى موقعه التاريخي.

Email