لبنان.. غبار المعركة السياسية يغطي على لقمة العيش

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحت وطأة تفلّت سعر الدولار، وانهيار القدرة الشرائية لدى الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، وتمدد شرارة الأزمات في أكثر من اتجاه، لا سيما في ضوء ارتفاع أسعار المحروقات، وتلويح المطاحن والأفران بانقطاع الطحين والخبز، وصولاً إلى «يوم الغضب»، الذي ينفذه اتحاد النقل البري اليوم (الخميس)، فإن ثمّة إجماعاً على أنّ البلد أصبح واقفاً على شفير انفجار اجتماعي وشيك، بدأ فتيله يشتعل على الأرض بشكل ملموس، منذراً بقرْب خروج الأمور عن السيطرة، وفق التقديرات والتحذيرات التي تناقلتها أوساط مراقبة، لتدحرج كرة الحِراك المناطقي خلال الساعات الأخيرة.

علماً بأنّ الأسبوع الفائت، كان أقفل على ملخص التشخيص، الذي خرج به «مرصد الأزمة» لوضعية الانهيار الراهن في البلد، ومفاده أنّ «الارتطام الكبير حصل، ولبنان دخل في دوّامة انهيارات قطاعية متتالية»، فيما كلّ ما يسجّله شريط الأحداث اليومية، لا يعدو كونه نتاج الهزّات الارتدادية لهذا الارتطام، في مختلف تشعّبات المشهد، سياسياً واقتصادياً ومالياً ومعيشياً.

تحليق للدولار

وشهدت الساعات الماضية، تحليقاً «تاريخياً» إضافياً لسعر الدولار، في مواجهة انهيار «تاريخي» لليرة اللبنانية، إذْ تجاوز الدولار سقف الـ 33 ألفاً، متجهاً نحو الـ 34 ألف ليرة، وخارقاً كلّ المخاوف من تسجيل سقوف تصاعدية إضافية، مع ما يعنيه ذلك من تداعيات مخيفة في كلّ الاتجاهات، وبالتالي، دخول لبنان مرحلة «اضطرابات متنقلة»، قد تشهد منعطفات ومنزلقات خطيرة على المستوى الميداني، في مرحلة تهدد بانفجارات متتالية على أكثر من صعيد، تضع مصير البلد وأهله على كفّ عفريت، في حين لا يزال أهل السلطة «عالقين» في دوّامة العبث السياسي، بعضهم ماضٍ في مقاتلة طواحين الهواء، وبعضهم الآخر منخرط في صراع شعبوي مرير، وشدّ عصب سياسي وطائفي ومذهبي، والرهان ببلد وشعب، لقاء مقعد نيابي في انتخابات مايو المقبل.

أمّا الحكومة «المعطّلة»، فلا تزال في موقف المتفرّج على تدهور الاقتصاد، تاركةً حبْل المنصّات الإلكترونية على غاربه، عبر الضرْب على وتر التحكّم بسعر الصرْف، وذلك في تجاوز للقوانين، وغياب المحاسبة والمراقبة.

ووسط هذه الدوّامة من المعاناة المستمرّة، والخشية المتزايدة من انفجارات إضافيّة في أيّ وقت، تلوّح بما هو أكثر من كارثي، لا يزال اللبنانيون «قابعين» في خانة الانتظار، حتى جلاء غبار المعارك السياسيّة العبثيّة، التي دفعت ببلدهم إلى مدار مفتوح على شتّى الاحتمالات، في وقت أصبحوا فيه، فعليّاً وحرفيّاً، متروكين من دون أيّ حماية اجتماعية. وهذه الحماية، يُفترض أن يؤمّنها مجلس الوزراء «المعطّل»، حتى إشعار آخر.

Email