لبنان رهانه على الخارج وجيشه تحت رعاية أمميّة

ت + ت - الحجم الطبيعي

وسط تفاقم الشلل الذي يطبع الواقع الحكومي والرسمي، ولوْ سعى رئيس الحكومة نجيب ‏ميقاتي إلى ملء الفراغ القسري المفتعل والمتمادي في العمل الحكومي عبر اجتماعات ‏اللجان الوزارية، برزت مجدّداً معادلة الرهانات على أدوار دوليّة لكسْر الأزمة، ما ‏يعكس استعصاء الجهود الآيلة إلى إنهاء تعطيل جلسات مجلس ‏الوزراء.

وفيما برزت مجدّداً عودة الأوساط ‏الحكوميّة إلى الرهان على صاحب المبادرة الأمّ في الوضع اللبناني، أي الرئيس ‏الفرنسي إيمانويل ماكرون، من خلال الجولة التي سيقوم بها خلال اليوميْن المقبلين على ‏عدد من الدول الخليجيّة، فإنّ أوساطاً لبنانيّة معنيّة أبدت حذراً شديداً في الرهان على التحرّك الفرنسي الجديد، نظراً إلى عقْم التجارب التي جعلت أصدقاء لبنان، من ‏الدول الغربيّة وفي مقدّمها فرنسا والدول العربيّة، تُعرِض عن تعليق الآمال على استجابة ‏لبنان للموجبات البديهيّة التي يستلزمها دعمه ومساعدته.

قلق دولي

تزامناً، برزت مؤشرات متزايدة على القلق الدولي على الوضع في لبنان ‏وانعكاسات أزمته على الجيش، عكسها إعراب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو ‏غوتيريس عن مخاوفه من استمرار التدهور الاجتماعي والاقتصادي، وعدم قدرة مؤسّسات ‏الدولة اللبنانية على تقديم الخدمات الأساسيّة، ممّا يقوّض تنفيذ القرار 1701. ولفت، في ‏تقرير، إلى أن تقلّص قدرة القوّات المسلّحة اللبنانيّة على مواصلة عملياتها في منطقة ‏عمليات القوات الدوليّة العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل» هو «مصدر قلق». 

ومن هنا، انشغل الداخل اللبناني بما أعلنته قيادة «اليونيفيل»، لجهة بدْء برنامج دعم الجيش، والذي لا يتعلّق بتقديم شحنات شهريّة من المحروقات أو وجبات غذاء لنحو 27 ألف عسكري، أو ‏كميات من الأدوية، بل يتجاوز ذلك لجهة الدعم اللوجستي، مع ما يعنيه الأمر من اتّجاه لعلاقة أكبر، وربّما لمشروع أكبر، علماً أنّ القرار 1701 ‏أناط بالجيش اللبناني، مع «اليونيفيل»، مهمّة حفظ الأمن في الجنوب اللبناني، وحدّد عديد كلّ منهما، ‏وتضمّن بوضوح طلب بسْط سلطة الدولة اللبنانيّة على كامل أراضيها وضبْط جميع المعابر ‏البرية والجوية والبحرية.

محاولة رعاية

وعليه، انشغل الكثير من الأوساط السياسية والإعلامية بمضامين وأبعاد بيان «اليونيفيل»، والذي انطوى على أمريْن: الأوّل وصْف القوّات المسلّحة ‏اللبنانيّة، بأنّها شريك استراتيجي، ‏والثاني أنّ هذا الدعم يأتي تنفيذاً لطلب مجلس الأمن المتّخذ منذ أغسطس الماضي. وذلك، في سابقة، ‏يمكن اعتبارها بأنّها محاولة دوليّة لرعاية الجيش اللبناني، بينما تسقط مؤسّسات الدولة اللبنانية ‏تباعاً، وكأنّ المطلوب أن ‏يبقى الجيش قادراً على اجتياز هذه المرحلة الصعبة، ليكون له دور أساسي ‏في عملية منْع الانهيار والحفاظ على وجود الدولة. 

ومن هنا، ارتفع منسوب الكلام عن أنّ الجيش اللبناني قد يصبح، بمعنى ما، ضمن سياق القوّات الدوليّة التي تحظى برعاية مجلس ‏الأمن الدولي والدول الدائمة العضويّة فيه، والأمم المتحدة خصوصاً، إذا دخلت ضمنه مسألة ‏تأمين تمويل دولي أيضاً لدعم رواتب العسكريّين. وذلك، وسط معلومات تردّدت، ومفادها إنشاء صندوق دعم دولي للجيش، ‏برعاية الأمم المتحدة، لفترة زمنيّة محدّدة، بسبب تداعيات الأزمة الاقتصاديّة.


 


 

Email