«تريندز» يفكّك مفاهيم الأيديولوجيا الإسلاموية

أصدر مركز تريندز للبحوث والاستشارات، الدراسة السابعة من سلسلة: «اتجاهات حول الإسلام السياسي»، تحت عنوان: «قراءة نقدية في الأيديولوجيا الإسلاموية: في تفكيك المفاهيم». وتكشف الدراسة، أن الأيديولوجيا الإسلاموية، تحدٍّ فكري ومعرفي، يستدعي بذل الجهد على كل الأصعدة للاستجابة له، وهو أمر لا يقل أهمية عن مواجهة ما تمثله الجماعات الإسلاموية من مخاطر اجتماعية وسياسية وأمنية. وتطرح الدراسة، مقاربة تفكيكية نقدية للجهاز المفاهيمي، الذي يشد بنية الأيديولوجيا الإسلاموية شدَّاً، ويخترق خطابات حركاتها، وتكمن أهمية هذه المفاهيم، في كونها تجمع بين الجانبين النظري والعملي، فهي تنبئ عن الرؤية الإسلاموية للعالم والبشر والوجود، وتوضح ما ينبغي على الإسلامويين فعله في الواقع، لتجسيد تلك الرؤية.

وانتقت الدراسة، أمثلة من هذه المفاهيم، وسلكت منهجاً يقوم على استنطاق نصوص دعاة الإسلاموية، في مختلف المراحل التاريخية، ومقاربتها من زاوية نقدية، تكشف ما تنطوي عليه من أبعاد أيديولوجية وسلطوية، برغم تقنُّعها بغطاء ديني مضلل. وشملت الدراسة، ثلاثة عناصر موزعة بحسب طبيعة المفاهيم، حيث ركز العنصر الأول على مفهوم شمولية الإسلام، بصفته يمثل النواة المعرفية المبدئية، التي تنبثق عنها سائر المفاهيم والتصورات. وفيما اهتم العنصر الثاني من الدراسة، بمفهومي الدعوة والتدافع، وهما من المفاهيم الاجتماعية، استقل العنصر الثالث بالمفاهيم السياسية، وهي الحاكمية، والشريعة، والخلافة، والجهاد.

وتؤكد الدراسة، أن الجماعات الإسلاموية، تبني منظومتها الأيديولوجية على جهاز مفاهيمي، تصنع به معاني خطاباتها، وتمنحها معقولية وجاذبية، ويشكل هذا الجهاز، النواة الصلبة التي تلتقي حولها تلك الجماعات، مهما تفرقت بها السبل، وتباينت اتجاهاتها، ولم تطرأ عليه تغييرات جوهرية، منذ أن وضع بنيانه المؤسسون، برغم تباعد الأزمنة واختلاف البيئات.

وتوضح الدراسة، أن هذه المفاهيم محكومة بآفاق الإسلامويين المعرفية، وهي آفاق محدودة، لم تنفتح على المعارف الحديثة، خصوصاً في علوم الأديان وعلوم الإنسان والمجتمع، ولم تستوعب منجزات الحداثة الفكرية، والقيم التي انبنت عليها، بل إنهم قلبوا رهان تحديث الإسلام والمسلمين، إلى رهان أسلمة الحداثة.

وتشير الدراسة، إلى أن هذه المفاهيم، تعكس ما يمكن نعته بـ «المركزية الإسلاموية»، التي تستدعي معاني الاستعلاء والتفوق وإرادة الهيمنة، وهو ما يمثل استعادة بصورة صريحة أو ضمنية، للفكرة الموروثة عن الفرقة الناجية، تلك التي تمثل الإسلام الصحيح، التي سيكون جزاؤها «الجنة»، في مقابل غيرها من الفرق المنغمسة في الضلالة، التي سيكون مآلها «جهنم»، ويترتب على هذا المنطق، استبعاد المخالفين فكرياً وسياسياً من دائرة الانتماء إلى الإسلام، إضافة إلى ما يفضي إليه من عداوة وكراهية لغير المسلمين.

وتوصلت الدراسة، إلى ضرورة بذل النخب العربية جهداً معرفياً وفكرياً، لصياغة مقاربة شاملة، ترسيخ معارف ومهارات وقيماً، لا سيَّما على مستوى مناهج التربية والتعليم، ومستوى الوسائط الإعلامية، وهيئات المجتمع المدني، لمجابهة الأيديولوجيا الإسلاموية، وكشف أضاليلها، وتعرية ما تنطوي عليه من مخاتلة وخداع، وما تمثله من تكبيل للعقل، وتعطيل لملكة التفكير الحر، وللتنبيه إلى ما ينجرُّ عنها من مخاطر على استقرار الدول والمجتمعات.

 

الأكثر مشاركة