قرار يضع مصير الحكومة اللبنانية أمام منعطف حاسم

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ظل التطوّرات التي يشهدها التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، ومطالبة وزراء «حزب الله» و«حركة أمل»، إصدار موقف يعتبر مذكّرات التوقيف التي أصدرها المحقّق العدلي القاضي طارق البيطار كأنّها لم تكن، واستبدال البيطار بقاضٍ آخر، أكّد مراقبون لـ«البيان»، أنّ مصير الحكومة قد يكون بات رهناً بما ستّتخذه من موقف إزاء هذيْن المطلبيْن، وأنّ حكومة نجيب ميقاتي تعرّضت لهزة كبيرة هدّدت تماسكها ووحدتها وكان ‏لها ارتداداتها الإضافية من خلال تأجيل جلسة مجلس الوزراء.

وارتفع منسوب الكلام عن معادلتيْن تحكمان المشهد، إذا طار البيطار طار التحقيق، وإذا لم يطرْ البيطار طارت الحكومة، فيما في الجانب المكمّل للصورة، استحضار تجارب موقف حزبي اعتراضي على المحقّق ‏العدلي في القضية دفع الأمور نحو إجهاض التحقيق برمّته، ‏رغم كل المزاعم والحجج التي يُراد لها تبرير نسْف التحقيق.

وبدا واضحاً أنّ حزب الله نفّذ وعيد أمينه العام، غداة الهجوم الأعنف الذي ‏شنّه على البيطار والذي اتسمت نبرته فيه بالتهديد الواضح بما وصفه «كارثة قادمة»، وكأنّ الأمر لم يُرضِ الحزب عند هذا المنسوب التصعيدي البالغ ‏الخطورة، فذهب أبعد إلى نقل الضغط إلى قلب مجلس الوزراء وتعريض الحكومة الوليدة لأول هزّة داخلية.

وبدأ الاضطراب الحكومي على أثر عدم مثول وزير المال ‏السابق النائب علي حسن خليل أمام المحقّق العدلي، الذي رد بإصدار ‏مذكرة توقيف غيابية بحقه، في الوقت الذي تسلم طلب كف يده عن ‏القضية بناءً على مذكرة «الارتياب المشروع» التي قدمها خليل ووزير ‏الأشغال السابق، النائب غازي زعيتر، أمام المحكمة المختصة.

وفي هذه ‏الأجواء، وما رافقها من مواقف، تحولت الجلسة الرابعة لمجلس الوزراء، منذ نيْل الحكومة الثقة، ‏حلبة صدام ومكاشفات، ولو بقفازات، لتشكّل أول اختبار واضح لمدى ‏تماسك الجسم الحكومي وتجانسه وانسجامه في مواجهة التحديات ‏الكبرى الماثلة. وفي المحصلة، طار جدول ‏الأعمال، وحطّ مكانه بنْد وحيد، هو أداء المحقق البيطار وتحقيقاته، فيما انسحبت هذه الأجواء على الجلسة الخامسة، التي كانت مقرّرة الأربعاء، تأجيلاً.

وفيما لم تفت التهديدات من عزيمة القاضي البيطار، ولا نزاهة القضاة الذين لجأ لهم المُدّعى عليهم لمنع البيطار من استدعائهم، وصولاً لكف يده عن التحقيق، بالرغم من أنّه يعمل على إنجاز كل الإجراءات التي تضع المتّهمين في قفص الاتهام، ولو دفترياً، قبل 19 من الجاري، تاريخ استعادتهم حصاناتهم، فإنّ ثمّة إجماعاً على أن الواضح من مسار الصدام بين رجل القانون والخارجين عليه، أنّه لن يتراجع عما بدأه، كما أنهم لن يتراجعوا.

وتوقعّت مصادر مطلعة لـ«البيان»، أن يُقصى القاضي البيطار ويتمّ إلحاقه بسلفه القاضي فادي صوان، بحجّة منْع تفجّر الحكومة، ومنعاً لحصول «7 مايو» جديد، في إشارة إلى ما شهده لبنان في 7 مايو 2008.

Email