قصة خبرية

«بسطة» تجمع أربعة أشقاء خريجين على شاطئ غزة

ت + ت - الحجم الطبيعي

اختصر المسن أحمد طومان «أبو شادي» الطريق المظلم أمام الخريجين في قطاع غزة، وافتتح «بسطة» صغيرة للمشروبات الساخنة والباردة، والمأكولات السريعة، على شاطئ دير البلح، في إطلالة بسيطة على الميناء، ليوفر لأبنائه الأربعة الخريجين فرصة عمل بدخل بسيط، ليهرب من نفق البطالة المظلم في القطاع.

«البسطة» كانت نتاج حالة اليأس الشديد للأسرة بعدما انتهى أبناؤه الأربعة من الجامعات منذ سنوات، وجلسوا في البيت بلا أي فرصة عمل أو دخل، في ظل ظروف اقتصادية سيئة، وتزداد سوءاً في غزة، فكانت الملاذ الأخير للأب وأبنائه.

أبو شادي، كان يعمل، وفقد عمله منذ عام تقريباً، ثم اتجه للعمل في مواد البناء داخل غزة، وفقد عمله أيضاً، فاتجه لأصدقائه ليحصل على موافقة لفتح «بسطة» صغيرة أمام ميناء دير البلح، في مكان غير مسموح لأحد باستئجاره لقربه من موقع يتبع للأجهزة الأمنية، وحصل على الموافقة، وشق طريقه نحو النجاح.

كانت البداية «بسطة» صغيرة للمشروبات الساخنة والباردة، وتجهيز المأكولات السريعة مثل الكبدة والهمبرجر، بسعر بسيط شيكل واحد، وبدأ من هنا نجاحه بعشرة كراسي وطاولة، حتى وصل به الحال لتوسيع المكان بعد النجاح، بعشرات الكراسي والطاولات، بعد الإقبال الملحوظ عليه.

في البداية كان يساعده ابنه شادي فقط نتيجة الإقبال القليل، ولكن بعد النجاح قرر أن تكون «البسطة» فرصة عمل لأبنائه الأربعة الخريجين، وانخرط بقية أبنائه معه في العمل، خاصة أن ثلاثة منهم من الخريجين، والرابع لم يتبقَ عليه إلا فصل دراسي واحد للحصول على الشهادة، لكنه توقف عن الدراسة لسوء الظروف الاقتصادية في الأسرة، والنظرة القاتمة للمستقبل. يحصل كل ابن من الخريجين الأربعة على مصروفه اليومي من والده نهاية كل يوم بما يعادل 3 دولارات (10 شيكل)، ويعودون إلى بيتهم بفرحة كبيرة لقدرتهم على توفير قوت يومهم.

إطلالة على الميناء

ويقول أبو شادي خلال حديثه لـ«البيان»: «البسطة موجودة في إطلالة جميلة بسيطة تطل على ميناء دير البلح بأسعار رمزية، وأقوم بتوزيع العمل بين أبنائي الأربعة كل يوم، وسعادتي كبيرة لقدرتي على توفير قوت يوم أبنائي، وأتمكن من تلبية طلبات أحفادي بمنحهم القليل من المال نهاية كل يوم».

ومن ضمن أبناء أبو شادي يساعده موسى وهو من ذوي الهمم وحاصل على شهادة الصحافة والإعلام، ونتيجة ظروفه الخاصة، أوكل والده لتجهيز المشروبات الساخنة لعدم قدرته على التنقل بين الزبائن لتلبية طلباتهم.

أما شادي المتخصص في الخدمة الاجتماعية، وإبراهيم الذي حصل على شهادة هندسة الديكور، يعملان على استقبال الزبائن وتقديم الطلبات لهم، ويستمران في العمل مع والدهم من ساعات العصر من كل يوم حتى الثانية فجراً. أما ابنه الرابع مؤمن الذي حصل على شهادة في تخصص الملتميديا فيعمل في ساعات العصر مع والده على البسطة، ويضطر للمبيت في المكان للحفاظ عليه، وتقديم المشروبات الساخنة والباردة للزبائن الرياضيين الذين يقصدون منطقة الميناء لممارسة رياضة المشي والجري صباح كل يوم.

ويضيف أبو شادي: «تمكنت من تعليم أبنائي الأربعة، وتزويج أربعة من أبنائي الثمانية، وتوفير فرصة عمل لأربعة من أبنائي، فهناك الكثير من الفلسطينيين في غزة لم يتمكنوا من تعليم أبنائهم أو تزويجهم، فأنا محظوظ بهذا الأمر». ويعيل أبو شادي أسرة مكونة من ثمانية أبناء، وله ما يقارب من 25 حفيداً، ولا يوجد له أي راتب ثابت، بعد فقدانه عمله كطباخ في مطعم.

Email