الوقود يفاقم أزمات لبنان ودياب يرفض دعوة عون لاجتماع استثنائي

ت + ت - الحجم الطبيعي

 تصاعدت أزمة الوقود المتفاقمة في لبنان إلى حد الخروج عن السيطرة، بعدما اضطرت المخابز والشركات والمستشفيات إما إلى تقليص ساعات عملها أو الإغلاق التام، مما يزيد من صعوبة الحياة للبنانيين الذين يعانون بالفعل من آثار الانهيار المالي.

اختفى زيت الوقود من الأسواق وتصبّب اللبنانيون عرقاً في المنازل بلا إضاءة أو أجهزة تكييف، وباتوا يتخلصون بطبيعة الحال من محتويات أجهزة التبريد (الثلاجات)، في الوقت الذي يضطرون فيه للوقوف بالساعات في محطات الوقود بانتظار البنزين الذي تحول إلى سلعة نادرة. ويقول كثيرون إن أوضاع الحياة أسوأ مما كانت عليه في الحرب الأهلية بين سنتي 1975 و1990.

وفي أحدث الإخفاقات السياسية دخلت الحكومة في خلاف مع البنك المركزي حول قراره وقف دعم المحروقات، وهي مقدمة تفضي إلى قفزة كبيرة في الأسعار.

وفي حين دعا الرئيس ميشال عون، إلى اجتماع استثنائي للحكومة لبحث الأزمة الوقود في البلاد.. رد رئيس حكومة تصريف الأعمال المكلف حسان دياب بالرفض. وقال في بيان إن «الاجتماع يخرج عن الواجبات الدستورية لمجلس الوزراء المؤقت».

وذكر المكتب الإعلامي في رئاسة مجلس الوزراء «بما أن الحكومة مستقيلة منذ 10 أغسطس 2020، والتزاماً بنص المادة 64 من الدستور التي تحصر صلاحيات الحكومة المستقيلة بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال، ومنعاً لأي التباس، فإن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب لا يزال عند موقفه المبدئي بعدم خرق الدستور، وبالتالي عدم دعوة مجلس الوزراء للاجتماع».

وفي سياق متصل بالأزمة، قال عون في بيان إن حاكم المصرف المركزي رياض سلامة يصر على إنهاء دعم المحروقات على الرغم من القوانين والقرارات التي تسمح له بالتراجع عن هذا القرار.

في هذه الأجواء، قطع عدد من اللبنانيين الغاضبين أمس الطرقات في مناطق عديدة شمال البلاد وجنوبها احتجاجاً على الأزمات والأوضاع المعيشية الصعبة التي يعاني منها لبنان.

ففي بلدة البيرة في عكار شمال لبنان نصب شبان عدداً من الخيم إلى جانب الطريق العام احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية الصعبة وفقدان المازوت والبنزين والأدوية.

أما في ملف التشكيل الحكومي ، وغداة اللقاء الثامن بين عون ورئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي، والذي «فرمل» النفحات التفاؤليّة التي سادت عشية انعقاده، إذْ اعتصم الأخير في نهايته بحبْل الصمت، على قاعدة «إن شاء الله خير»، بانتظار استكمال المشاورات واستئناف اللقاءات الرئاسيّة الأسبوع المقبل، تردّدت معلومات مفادها أنّ الأجواء لا تزال على ضبابيّتها، والأمور مفتوحة على كلّ السيناريوات، ذلك أنّ المشاورات الجارية تعترضها «بعض المناورات» التي سبق أن أدّت إلى تفجير أرضيّة التأليف، فيما العمل يتركّز راهناً على محاولة عدم الدوْس على أيّ من «ألغامها».

وفي المعلومات التي توافرت لـ«البيان»، فإنّ البحث بات شبه منجز في ما يتّصل بخريطة توزيع الحقائب، فيما التشكيلة الوزاريّة المرتقبة دخلت مرحلة «إسقاط الأسماء» على الحقائب، وفق ما تنصّ عليه مسودة توزيع الحصص على الطوائف والأطراف الرئاسيّة والسياسيّة. وعلى مرحلة المشاورات الراهنة، يمكن البناء على النتائج لتحديد مسار عمليّة التأليف، وخصوصاً أنّ ميقاتي يريد بلورة نتائج واضحة لمباحثاته مع عون في مهلة زمنيّة لا تتجاوز نهاية الأسبوع المقبل، وفق تأكيد أوساطه لـ«البيان»، في حين ذهب بعض الترجيحات المتفائلة إلى توقّع انتهاء التشكيلة الأسبوع المقبل.

لقاءات أخرى

وفي انتظار تلمّس مدى حقيقة الأجواء الإيجابيّة التي حرص الجانبان، عون وميقاتي، على ضخّها، لفتت مصادر مواكبة للملفّ الحكومي لـ«البيان» إلى أنّ الأجواء الإيجابيّة التي تردّدت أصداؤها أخيراً لا تعني بالضرورة أنّ الأمور أصبحت في خواتيمها، وفضّلت انتظار نتائج اللقاءات الرئاسيّة المقبلة، لاتضاح الصورة أكثر، أسوةً بما درجت عليه العادة في عملية التأليف من تقلّبات سريعة في الأجواء بين الإيجابيّة والسلبيّة. وذلك، وسط ارتفاع أسهم «فرضيّة» أن يكون ميقاتي ثالث رئيس مكلّف على التوالي ‏يطيحه عون، بعد مصطفى أديب وسعد الحريري، عبر ‏استمراره في وضع العراقيل في وجه تأليف حكومة الإنقاذ الإصلاحيّة، وفق تعبير المصادر نفسها.

وفي الانتظار أيضاً، تردّدت معلومات مفادها أنّ عملية التأليف لا تزال عالقة في مربّعها الأوّل، ولم تتجاوز عقدة واحدة ‏من عقد توزيع الحقائب الوزاريّة، لا الحقائب العادية ولا الحقائب الخدمية، قبل الوصول ‏إلى الحقائب السياديّة التي يبدو أنّها وُضِعت جانباً كيْلا تفرمل عملية التأليف في بدايتها. وعليه، ارتفع منسوب الكلام عن أنّ لبنان ليس أبداً أمام معضلة تشكيل، إنّما أمام انقلاب متدحرج على المؤسّسات، من أول أهدافه تعطيل الاستحقاقات النيابيّة والرئاسيّة وافتعال أزمة نظام.

لا اعتذار

أمّا النقطة الوحيدة المؤكدة في هذا الإطار، فهي أنّ ميقاتي، وبحسب تأكيد أوساطه لـ«البيان»، ليس في وارد الاعتذار حالياً، ولا يربط تكليفه بأيّ مدّة زمنيّة، وهو مُصرّ ‏على استكمال مساعيه، من أجل «تأليف ‏حكومة متجانسة تذهب إلى العمل، بدلاً من أن تذهب إلى الخلافات على الملفّات داخل الحكومة»، وفق أوساطه. ومن هنا، تتوافق المصادر المتابعة للتأليف على أنّ لبنان أمام أسبوع حاسم، سيتقرّر فيه مصير استمرار ميقاتي في مهامه أو الاعتذار.

Email