سنة على انفجار مرفأ بيروت..هل العدالة تبخّرت على حرارة الانقسام؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

سنة كاملة مرت على الانفجار الذي هز لبنان ودمّر مرفأ بيروت، في الرابع من أغسطس العام الماضي، بسبب انفجار كمية من نيترات الأمونيوم، ما أسفر عن تضرر عدد من شوارع العاصمة، ومقتل أكثر من 200 شخص، وجرح أكثر من 6 آلاف، وترك 300 ألف شخص بلا مأوى، كما أدى الانفجار إلى تدمير 226 مدرسة و20 مركزاً للتدريب و32 حرماً جامعياً، ولم تكشف التحقيقات حتى اليوم كيفية حدوث الانفجار.

ولم تقدم التحقيقات الرسمية حتى الآن أي نتائج للرأي العام، بل أعاقتها صراعات السلطة بين النخبة السياسية. ويُشتبه في أنه تم انفجار كميات كبيرة من نترات الأمونيوم الكيميائية شديدة الانفجار. لكن لم يتضح بعد لماذا تم تخزينها دون إجراءات سلامة في المرفأ لسنوات؟ وكيف انفجرت؟ ومتى سُتجرى محاسبة المسؤولين؟.

أنقاض ورماد

كانت قوة الانفجار هائلة لدرجة أنه لم يقتصر على تحويل أجزاء كبيرة من الميناء إلى أنقاض ورماد فحسب، بل أدى أيضاً إلى تدمير المناطق السكنية المحيطة بشكل كبير. حتى إن العديد من اللبنانيين الذين شهدوا الحرب الأهلية التي دامت 15 عاماً في بلادهم يتحدثون عن أسوأ تجربة في حياتهم.

وكما لو أن الانفجار لم يكن صادماً بما يكفي لسكان بيروت... فقد تبعته مأساة لم تنته بعد. فمرفأ بيروت لم تبدأ إعادة إعماره حتى يومنا هذا. ولم تبدأ شركة فرنسية إلا مؤخراً في التخلص من الحبوب التي كانت مخزنة في صوامع بالقرب من موقع الانفجار والتي أصابها العفن. وبحسب تقديرات «مبادرة بيروت للتراث» غير الحكومية، دمر الانفجار حوالي 800 مبنى تاريخي، وتم ترميم ثلثها مجدداً.

رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري اعتبر في هذه المناسبة أن «معظم الجرائم التي أحيلت على المجلس العدلي ذهبت أدراج الرياح السياسية، وجريمة المرفأ هي أم الجرائم في تاريخ لبنان، والظلم سيقع على كل اللبنانيين، وأهالي الضحايا في مقدمتهم، إذا ضاعت في بحر المزايدات لقاء حفنة من (جوائز الترضية) القضائية لتنفيس الغضب العام».

تحرير العدالة

الحريري دعا، في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، اليوم، ونقلته وكالة الأنباء الألمانية، إلى «تحرير العدالة من المبارزات السياسية والاستثمار السياسي»، مطالباً بتحقيق دولي شفاف في انفجار مرفأ بيروت. وقال إن «البركان الذي عصف ببيروت وأهلها وأحيائها، ليس منصة للمزايدات والاستثمار السياسي في أحزان المواطنين المنكوبين، واتخاذها ممراً لتسجيل المواقف وإغراق المسار القضائي بتوجيهات شعبوية لتهريب الحقيقة»، لافتاً إلى أن «هذا يوم لتحرير العدالة من المبارزات السياسية والمحاكمات الإعلامية، وليس يوماً لإطلاق الحملات الانتخابية ورشوة الرأي العام اللبناني».

ورأى أن «للعدالة قاعدتين، لجنة تحقيق دولية تضع يدها على الملف وساحة الجريمة، أو تعليق القيود التي ينص عليها الدستور والقوانين وما ينشأ عنها من محاكم خاصة تتوزع الصلاحية والأحكام في الجريمة الواحدة».

مرحلة خطيرة

رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية حسان دياب قال بدوره، إن لبنان يمر بمرحلة خطيرة جداً تهدد مصيره ومستقبله. وقال، في بيان صحافي اليوم نشره موقع رئاسة مجلس الوزراء اللبناني على «تويتر»، إن انفجار الرابع من أغسطس الماضي كشف عورات البلد، وانكشف جانب من الفساد الذي ينهش لبنان، وظهرت معالم الدولة العميقة دولة الفساد.

وأضاف أن على الجميع إدراك أن العدالة الحقيقية هي حجر الزاوية في حماية لبنان من السقوط، مشيراً إلى أن «تحقيق العدالة يبدأ بكشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن تلك الكارثة، وحماية دماء الشهداء وبلسمة جراح المصابين والمتضررين». وقال دياب: «لن تكون عدالة حقيقية في لبنان إن لم تتحقق العدالة الحقيقية في انفجار مرفأ بيروت، لا يمكن للبنانيين الشعور بالأمان إذا لم تنكشف الحقائق الكاملة لتلك الكارثة التي لا يمكن تجاوز آثارها الإنسانية والنفسية والاجتماعية، فضلاً عن الدمار الذي أصاب العاصمة ومحيطها».

واعتبر أنه بعد مرور سنة على هذا الانفجار، لا تزال المعالم «صارخة، والوجع يدمي القلوب، ونار حرقة أهالي الشهداء والجرحى لم تنطفئ».

أين الحكومة؟

وبعد مرور سنة على الكارثة، يشعر الضحايا، أو بعضهم، بأن الحكومة تخلت عنهم. وحتى الآن لم يطلع أي ممثل سياسي رفيع المستوى على الوضع بعينيه. ويعتبر كثيرون أن تجارب الأشهر القليلة الماضية محبطة، وأن الحكومة لم تظهر نفسها طوال الوقت، وفقاً لما تنقل عنهم وكالة الأنباء الألمانية.

وبالنسبة للعديد من اللبنانيين يعتبر الانفجار وعواقبه مثالاً على تداعي النخبة السياسية الفاسدة التي استغلت البلد وخربته، إذ علقت في صراع مرير على السلطة ولم يتمكنوا من تشكيل حكومة جديدة منذ شهور، والبلد يعاني من شلل كامل.

Email