تقارير « البيان»

تونس واستعصاء الحلول بسبب تناقض الرؤى

ت + ت - الحجم الطبيعي

حينما دعا الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي كبار المسؤولين في بلاده إلى أداء مهامهم على الوجه الأفضل أو إعادة الأمانة إلى الشعب، كان يقصد ما يقول، وينطلق من الدور التاريخي والاجتماعي والسياسي للاتحاد الذي قال إن عمره يفوق عمر الدولة الوطنية إذ أسس في عام 1942 فيما استقلت البلاد في عام 1956، ومن قراءة الواقع الصعب الذي تواجهه تونس في ظل استعصاء الحلول للأزمة الشاملة، والخشية الجدية من انهيار الدولة نتيجة الشلل الذي يضرب مؤسساتها، وحالة الاحتقان الاجتماعي العاكسة لخيبة أمل المجتمع في نخبته السياسية الفاشلة في إدارة شؤون الحكم منذ عام 2011، والعاجزة عن توفير اقتراحات واقعية للخروج من النفق، ولا سيما في ظل اتساع الأزمة الصحية التي وصلت إلى مستوى كارثي.

التنحي

وطالب الطبوبي الأطراف السياسية الحاكمة، وفي صدارتها رؤساء الدولة والحكومة والبرلمان، إلى الاستقالة والتنحي وإعادة الأمانة إلى الشعب إن عجزوا عن الحكم، وهو ما يعني الدعوة إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية سابقة لأوانها، يرى المراقبون أنها قد تكون الحلّ الأسلم قبل أن تتأزم الأوضاع أكثر، بسبب الانسداد السياسي والشلل الحكومي والانهيار المالي وغياب إرادة الإصلاح لدى الأطراف المتصارعة على الحكم.

شبهات فساد

في يناير 2021 أجرى المشيشي تعديلاً حكومياً أطاح من خلاله الوزراء المحسوبين على الرئيس قيس سعيد الذي رد على ذلك برفضه دعوة الوزراء الجدد إلى أداء اليمين الدستورية بما يسمح لهم بتولي مهامهم، وبرر ذلك بقراءة تأويلية للدستور، وبوجود شبهات فساد وتضارب لدى بعض الوزراء المعينين، ومنذ ذلك الحين لا يزال الوضع على ما هو عليه، إذ يتولى 11 وزيراً إدارة وزارات أخرى بالوكالة، وحينما سارعت حركة النهضة بتعديل قانون المحكمة الدستورية لتشكيلها وفق مصالحها، ولاستعمالها في تصفية حساباتها مع مؤسسة الرئاسة، رفض سعيد ختم القانون وقابل الضغوط الداخلية والخارجية، بمزيد من التشدد في موقفه.

ويشير المراقبون المحليون إلى أن البلاد تدفع اليوم ثمن محاولات تدمير مقومات الدولة الوطنية خلال السنوات العشر الماضية، واستبعاد الكفاءات الحقيقية واستبدالها بالطارئين على المشهد السياسي، وهو ما لا يزال قائماً، إذ تواجه البلاد صراعاً على النفوذ مع تناقض تام في رؤى الأطراف الممسكة بمقاليد الحكم.

Email