هل تنتظم انتخابات ليبيا تحت إشراف أممي لنسف مخططات الميليشيات؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدأت جملة من المؤشرات، تصب في اتجاه طلب السلطات الليبية تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية تحت إشراف مباشر من الأمم المتحدة، بما يضمن حريتها ونزاهتها وشفافيتها، ولا سيما في ظل عدم الحسم النهائي في ملفي حل الميليشيات والجماعات المسلحة المحلية وإجلاء القوات الأجنبية والمرتزقة عن البلاد، مقابل إصرار المجتمع الدولي على إجراء الاستحقاق الانتخابي في الرابع والعشرين من ديسمبر القادم.

وفيما تنطلق بعد غد الإثنين، اجتماعات ملتقى الحوار السياسي بجنيف للحسم في موضوع القاعدة الدستورية التي سيتم اعتمادها في الانتخابات، والإعلان عنها رسمياً الخميس، دعا رئيس مجلس النواب عقيلة صالح حكومة الوحدة الوطنية إلى دعم المفوضية الوطنية العليا للانتخابات للقيام بدورها في تنفيذ الاستحقاق الانتخابي، وقال في تصريحات من الرباط: «ندعم مسار الانتخابات ونطالب بإجرائها في موعدها المحدد في 24 ديسمبر تحت إشراف الأمم المتحدة حتى يختار الشعب الليبي من يمثله»، وفق تعبيره.

وأكد محللون ليبيون لـ«البيان» أن تنظيم الانتخابات تحت إشراف مباشر من الأمم المتحدة سيضفي عليها شرعية دولية بما يجعل نتائجها مقبولة من جميع الأطراف، كما سيقطع الطريق أمام التشكيك في نزاهتها إذا جرت في ظل استمرار سيطرة الميليشيات المسلحة على مدن غرب البلاد ذات الاتساع الديمغرافي والنسبة الأعلى من الناخبين، وكذلك في ظل استمرار وجود القوات الأجنبية والمرتزقة، وخصوصا مع رغبة قوى إقليمية في تمكين قوى سياسية بعينها على الفوز رغم ضعف قاعدتها الشعبية.

وأضاف المحللون أن أقل من ستة أشهر، بات يفصل ليبيا عن موعد الانتخابات، وهي فترة لم تعد كافية لحل أزمة المسلحين المحليين والأجانب، كما أن توحيد المؤسسة العسكرية قد يتطلب وقتاً أطول، وبالتالي فإن أطرافاً ليبية، ومنها البرلمان وقيادة الجيش وأنصار النظام السابق، تتجه للدفع نحو دعوة الأمم المتحدة للإشراف على الاستحقاق الانتخابي.

مؤشر أمريكي

وفيما تشير مصادر مطلعة إلى وجود نوايا إقليمية ودولية للضغط من أجل ضمان إشراف الأمم المتحدة على الانتخابات، ولاسيما من الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية كريستيان جيمس إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن كان واضحًا جدًا في كلامه ونيته خلال مؤتمر «برلين 2» عن ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها نهاية العام الجاري لصالح الشعب الليبي، والعمل مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لتحقيق هذا الهدف، وأبرز أن بلاده دعت عدة مرات إلى انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة إلى خارج الأراضي الليبية بموجب القرارات الأممية السابقة، وأن هذا الموقف لايزال ثابتاً حتى الآن، لكنه لفت بالمقابل أن واشنطن تتفهم أن هذا الانسحاب قد يأخذ بعض الوقت، وأن الولايات المتحدة تعمل مع شركائها الدوليين على خلق الظروف المواتية لتنفيذ تلك القرارات وتحقيق ذلك الهدف، مؤكدًا أن انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة سوف يوفر هامشًا أكبر ومساحة للسلام والاستقرار، وهو ما تحتاجه ليبيا الآن.

 غطاء أممي

ويشير مراقبون محليون أن مؤشرات أمريكية عدة تصب في اتجاه العمل على توفير غطاء أممي للانتخابات الليبية المرتقبة، حتى منطلقا لتوحيد حقيقي وعلى أسس صلبة، وليس للإنقسام من جديد، وبالذات في حالة التشكيك في النتائج. 

برلين 2 يفتح الطريق

والأربعاء الماضي، دعا مؤتمر برلين 2 مجلس النواب ومجلس الرئاسة المؤقت وحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة والسلطات والمؤسسات ذات الصلة إلى اتخاذ الاستعدادات اللازمة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وطنية حرة ونزيهة وشاملة في 24 ديسمبر 2021، بما في ذلك على وجه السرعة ووفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2570، توضيح الأساس الدستوري للانتخابات وسن التشريعات حسب الضرورة، على النحو المنصوص عليه في خارطة طريق منتدى الحوار السياسي الليبي، والترتيبات لضمان المشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة للمرأة وإدماج الشباب، ولتوفير التمويل الكافي للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات. تلتزم بالدعم الشامل للحكومة المؤقتة للوحدة الوطنية، حسب الاقتضاء وبناء على طلبها.

 خطوات 

كما دعا منتدى الحوار السياسي الليبي إلى اتخاذ خطوات لتسهيل الانتخابات إذا لزم الأمر ووفقاً لخارطة طريق منتدى الحوار السياسي الليبي، وأكد أهمية تنفيذ تدابير بناء الثقة لخلق بيئة مواتية لانتخابات وطنية ناجحة، وأهمية توعية الناخبين والتصدي لخطاب الكراهية والمعلومات المضللة، وذكّر بأن الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة والشاملة للجميع ستسمح للشعب الليبي بانتخاب حكومة تمثيلية وموحدة وتعزيز استقلال ليبيا وسيادتها وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية.

Email