«إخوان تونس».. مشروعٌ منبوذ وشعبية في الحضيض

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تترك حركة النهضة الإخوانية الذكرى الأربعين لتأسيسها، تمر من دون توجيه رسائل رأى فيها المراقبون تهديداً مباشراً لخصومها السياسيين، مقابل الإمعان في التنصّل من مسؤوليتها عن الأوضاع الكارثية التي تواجهها البلاد على مختلف الصعد منذ عشر سنوات. وتتزعم الحركة الحزامين البرلماني والحكومي، في ظل حالة غليان اجتماعي، وأزمة اقتصادية خانقة، وتراجع حظوظ في نوايا التصويت أمام التقدم الصاروخي لخصمها اللدود الحزب الدستوري الحر، واحتلال رئيسها راشد الغنوشي، المركز الأول في قائمة الشخصيات الأقل شعبية بين التونسيين.

وتتقاذف «الإخوان»، خلافات حادة مع مؤسسة الرئاسة، كشف عنها الرئيس قيس سعيد في عدة مناسبات، متهماً إياها بالعمل على اختراق مؤسسات الدولة والالتفاف بالدستور، وأن رئيسها الغنوشي يتصرف من موقعه رئيساً للبرلمان كأنه رئيس للبلاد. وأعربت «النهضة»، عن انشغالها لعدم توقيع الرئيس سعيد، قانون المحكمة الدستورية الذي صدّق عليه البرلمان وتحاول من خلاله الحركة تكريس محكمة دستورية وتعيين أعضائها وفق الولاءات الحزبية. وزعمت «الإخوان»، أنّ عدم التصديق على القانون يمثل استمراراً لخرق الدستور وتعطيل استكمال بناء الهيئات الدستورية، وتهديداً للتجربة الديمقراطية وإرباك العمل التشريعي للبرلمان، مدعية أن هذا الأمر يهدد بمزيد من تفاقم الأزمة السياسية وتعميق الأزمة الصحية والاقتصادية والاجتماعية. ولا يريد «الإخوان» المحكمة الدستورية، وفق الرئيس سعيد، أن تكون محكمة بقدر ما يريدون أن تكون محكمة تصفية حسابات. وشدّد سعيد أنّه سيُغلب الدستور رغم عدم اقتناعه بعدد من نصوصه، على كل الاعتبارات والتشريعات، وأنّ المحكمة الدستورية ليست لعبة.

ويمر «إخوان تونس» بفترة صعبة بعد أن انكشفت حقيقة مشروعهم الإيديولوجي أمام الشارع، وعجزوا عن الاندماج في المجتمع، ما جعل الحركة حالة سياسية واجتماعية وثقافية معزولة تستفيد فقط من الانضباط التنظيمي وسط منتسبيها وفق مفهوم الولاء المطلق. وتواجه الحركة أيضاً صراعاً داخلياً في انتظار مؤتمرها المؤجل منذ العام الماضي، والذي يصر أغلب قيادييها على أن يشهد انتخاب رئيس جديد بدلاً من راشد الغنوشي الساعي للبقاء في صورة مرشد عام وفق ما اقترح مقربون منه، فيما عرفت الحركة في الفترة الماضية استقالة عدد من رموزها، آخرهم أمينها العام السابق والنائب الحالي في البرلمان، زياد العذاري، الذي أكّد أنّ استقالته مردها الاختلاف في التوجهات السياسية، مشيراً إلى أنّ الأحزاب ليست سجوناً وأي شخص منتمٍ للحزب من حقه أن يقيم الفترة التي قضاها فيه.

ويجمع مراقبون، على أن «إخوان تونس» مصرون على البقاء في الحكم، لا يؤمنون بمبدأ التداول السلمي للسلطة، وأنّ مجرد التفكير في البقاء في صفوف المعارضة يعد خطاً أحمر لهم، نظراً لأنه سيفك قبضتهم عن مفاصل الدولة ويمنعهم من مواصلة عملهم على تنفيذ مشروع التمكين الذي يسابقون الزمن من أجل تنفيذه لإرساء ديكتاتورية جديدة.

 

Email