لبنان.. الحريري يتشاور مع «الإفتاء» على الاعتذار

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحت وطأة انعدام الحلول وانسداد الآفاق، انتهى الأسبوع الماضي في لبنان على مشهد تناسل المصائب من رحم الانهيار، في وقت ارتفع منسوب القلق على مصير مبادرة البرلمان، مع احتمال أن تكون قد اصطدمت بحائط مسدود وسميك، إلى درجة عجز فيها عن تقديم شيء جديد، يمكن أن يشكّل منفذاً من الأزمة الحكوميّة، التي استعصت على الجميع.

ولم يكن الإعلان الأخير للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عن الاتجاه إلى إنشاء آلية تمويل طارئة للخدمات الأساسيّة في لبنان، سوى إنذار مبكّر بالغ الجديّة حيال ما يمكن أن يتربّص بلبنان من أخطار.

وتأسيساً على هذه المعطيات، وبعدما سُدّت الطرق أمام التأليف، أحال رئيس الحكومة المكلّف ملفّه إلى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وأبلغ المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى قراره، ليُبنى على التشاور مقتضاه.

ومن دار الفتوى، أطلّ الحريري، أمس، مصارحاً اللبنانيّين أنّ «البلد يشهد تدهوراً سياسيّاً واقتصادياً كلّ يوم»، وواعداً بالتكلّم لاحقاً، في حين أكّد المجلس الشرعي الإسلامي، في بيان أصدره، رفض التطاول على مقام رئاسة الحكومة، ومصادرة حقّ الرئيس المكلّف وصلاحياته في تشكيل الحكومة، من جهات حزبيّة تستدرج البلاد إلى صراع فئوي ومذهبي لا تُحتمل نتائجه السلبية، محملاً من أسماهم «الغارقين في نرجسيتهم الوهميّة»، مسؤوليّة «رفض مدّ يدهم إلى الأيادي الممدودة من وراء الحدود لإنقاذ لبنان من الغرق في دوّامة الفوضى والانهيار».

وفي السياق، علمت «البيان» أن الحريري، وبعدما فنّد أمام أعضاء المجلس الشرعي الإسلامي العراقيل، التي وُضعت في طريقه لتفشيله، أعرب عن نيّته الاعتذار، إلا أنّ المشاركين رفضوا ذلك. وفي المعلومات أيضاً، أنّ اتجاه الحريري للاعتذار سيُحسم هذا الأسبوع، فيما هناك رأيان داخل المجلس الشرعي: الأول يوافق الحريري في موضوع الاعتذار، والثاني يطلب منه التريث.

وعليه، من المتوقّع، إن صحّت المعلومات المنسوبة إلى مصادر موثوقة أن يؤسّس بيان المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى إلى إطلاق حملة سياسيّة، تنتهي باعتذار الحريري عن المهمّة المكلّف بها، بعد أن يلاقي البرلمان في خطوة نعي مبادرته المؤجّلة منذ أيام، لتأخذ الخطوتان معاً مفاعيلها المتوقّعة وأبعادها الكبرى، إيذاناً بمرحلة جديدة لا يمكن لأحد التكهّن بنتائجها، وخصوصاً إنْ قادت الاستشارات النيابيّة المقبلة إلى ما لا يريده الطرف الآخر، فتكون البلد عندها قد دخلت نفقاً جديداً لا يوجد فيه أيّ بصيص أمل إلى مخرج قريب.

خيارات

في المقابل، تفيد معطيات «البيان» أنّ كلّ التقديرات السياسيّة التي تشير إلى توجّه لدى الرئيس المكلّف للاعتذار هي سابقة لأوانها، ولا تعبّر عن حقيقة التوجّهات على جدول أعمال الحريري الذي سيستمرّ في دراسة كلّ الخيارات المتاحة، في ظلّ عدم تحقيق أي تقدّم في الملفّ الحكوميّ، وفي مقدّمها الاستمرار في التكليف، الذي يشكّل حتى الساعة العنوان الأوّل في توجّهاته.

مبادرة «معلّقة»

وفي الانتظار، أكدت مصادر مواكبة لمسار مبادرة البرلمان لـ«البيان» أنّها وصلت أمام «حائط مسدود»، وباتت تحتاج إلى معجزة لإحداث أيّ خرق إيجابي في عملية التأليف، على وقع احتدام معركة الشروط والشروط المضادّة بين ضفة الرئاسة الأولى و«التيار الوطني الحرّ» من جهة، والرئيس المكلّف من جهة مقابلة، وبالتالي، يبدو أنّ الاتصالات الجديّة حول ملفّ التأليف قد عُلّقت إلى أجل غير مسمّى، ما خلا مشاورات محدودة، من ضمن سياق مبادرة برّي، تبحث عن باب جديد، تنفذ منه لاستئناف هذه الاتصالات.

Email