رئيس تونس.. صلاحيات أوسع لضبط الانفلات

ت + ت - الحجم الطبيعي

يوم الأحد الماضي، ألقى الرئيس التونسي قيس سعيّد، خطاباً أكد فيه أن رئيس الدولة هو القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية والمدنية، استناداً إلى الدستور.

الرئيس سعيّد اختار مناسبة ذات صلة، وهي الاحتفال بعيد قوات الأمن الداخلي، للإضاءة على هذه المسألة الحساسة على صعيد إعادة بناء النظام السياسي في تونس.

وكان كلامه رسالة واضحة بحضور رئيس الحكومة هشام المشيشي ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، وهذا الأخير هو زعيم حركة النهضة الإخوانية التي كالت الاتهامات للرئيس التونسي، بادعاء أنه يسعى لاحتكار السلطات، مستندة كذلك إلى ما تزعم أنه غياب لذكر هذه المسألة في الدستور.

في بلد مثل تونس، لا ينبغي الانصياع للكليشيهات الرخوة في التعاطي مع القضايا الجوهرية، فيما يعاني التونسيون بين شظف العيش، وضربات الإرهاب بين الحين والآخر.

ربما لا يتضمن الدستور نصاً صريحاً في شأن ما، لكن ووفق أساتذة وباحثون في القانون الدستوري، ومنهم رابح الخرايفي، يرون أنه «في غياب المحكمة الدستورية فإن مهمة تأويل الدستور مناطة برئيس الجمهورية». وتنقل «إندبندنت» البريطانية عن الخرايفي قوله إن «قراءة قيس سعيّد لعبارة القوات المسلحة الواردة في دستور عام 2014، وعلاقتها بصلاحياته، هي قراءة سليمة، على اعتبار أن الدستور لم يتحدث صراحة عن الجيش».

القوات المسلحة

لكن الرئيس التونسي قال في الكلمة التي ألقاها في افتتاح الاحتفال، «جئتكم بالنص الأصلي للدستور الأول الذي ختمه الحبيب بورقيبة، وجئتكم بالدستور الحالي، رئيس الجمهورية يتولى القيادة العليا للقوات المسلحة». وأضاف إن «رئيس الدولة هو القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية والمدنية، فليكن هذا الأمر واضحاً بالنسبة إلى كل التونسيين في أي موقع كان. لا أميل إلى احتكار هذه القوات لكن وجب احترام الدستور».

وحتى لو كان ما قاله سعيّد توسيع للصلاحيات، فإنه في غياب المحكمة الدستورية، يمثل ضبطاً للنظام السياسي وقطعاً للطريق على الفوضى الأمنية التي سادت في عهد حكومة الترويكا برئاسة «النهضة»، ذلك العهد الذي شهد جرائم اغتيال سياسي، وكذلك هجمات إرهابية، بينما ما زالت البلاد تشهد أسوأ أزمة سياسية واقتصادية، ووبائية.

قراءة سليمة

بهذا المعنى تحدث الخرايفي حين رأى أن «اللهجة الحادة التي تحدث بها رئيس الجمهورية، تفيد بأنه قد يذهب إلى مرحلة الفعل في مقاومة الفساد، وفي وضع حد للإفلات من العقاب، من خلال محاسبة النواب الفاسدين الهاربين من العدالة، والمتمتعين بالحصانة»، مذكراً بأن «القضاء تقدم بـ 54 مطلباً منذ عام 2015، لرفع الحصانة عن نواب إلا أن البرلمان لم يستجب لأي طلب».

الجمهورية الثالثة

وبخصوص عبارة «المصاهرة» التي استخدمها رئيس الدولة، أكد الخرايفي- وفقاً لـ «إندبندنت»- أن المقصود بها هو صهر رئيس البرلمان راشد الغنوشي، وزير الخارجية الأسبق، رفيق عبد السلام، معتبراً أن «قانون الطوارئ يمكّن رئيس الجمهورية من صلاحيات واسعة»، ومستحضراً استدلال الرئيس سعيّد، بمقولة الشاعر امرئ القيس، بتصرف، مخاطباً الجميع، قائلاً، اليوم صبر وغداً أمر.

واعتبر الباحث في القانون الدستوري، أن «الحل في تونس هو الجمهورية الثالثة، من خلال تنقيح عميق للدستور، واستعجال النظر في القوانين المرتبطة بالعملية الانتخابية».

Email