تقارير «البيان»

لبنان.. ماذا بعد الإنذار الأوروبي الأخير؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد مشاورات استمرت أسبوعاً مع نظرائه الأوروبيين بمشاركة واشنطن، تحرّك وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، في اتجاه لبنان، ناطقاً باسم كل الأوروبيين، معلناً رفض عملية التعطيل الممنهج لتشكيل الحكومة الجديدة والمبادرة الفرنسية. طفح كيْل باريس من التعطيل المتعمّد الذي تمارسه القوى السياسية ‏اللبنانية، وتمنع من خلاله محاولات إخراج البلاد من أزمته المستفحلة، ليخلص وزير خارجيتها إلى اعتبار أنّ الأوان قد حان لتشديد الضغوط الدولية على ‏معرقلي تشكيل حكومة الإنقاذ.

لم يكتفِ الدبلوماسي الفرنسي، بالتقريع لأداء المنظومة الحاكمة في لبنان، بل لوّح بخيارات أخرى في التعاطي مع هذا السلوك، من خلال إشارته لضرورة التشدّد في الضغوط، ما يعني ووفق القراءات المتعدّدة، أنّ المجتمع الدولي يقف على عتبة الانتقال إلى مرحلة جديدة في التعاطي مع السلطة السياسية اللبنانية ونهجها المتصلّب، والذي لم تنفع في تبديله الأساليب الدبلوماسية والنداءات ولا التحذيرات من الأسوأ القادم.

ومن بوّابة تصريحات لودريان، معطوفاً على موقف كان سجله الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، منذ أسابيع، لجهة تشديده على ضرورة تبديل استراتيجية الخارج في التعاطي مع أزمة لبنان، ضجّت القراءات باعتبار أنّ ما جاء على لسان لودريان يُعتبر الإنذار الأخير، وإلا فإنّ المجتمع الدولي سيُدرج مسؤولين لبنانيين على قوائمه السوداء.

وكاد لودريان أن يسمي المسؤولين، حين أشار إلى أنّ التعطيل المتعمّد لأي احتمال للخروج من الأزمة يجب أن ‏يتوقف فوراً، ولا سيّما من قبل بعض الفاعلين في النظام السياسي اللبناني، من خلال مطالب متهوّرة ومن زمن ‏آخر، غامزاً من قناة تمسّك بعض القوى بأثلاث معطّلة وبحقها في اختيار وزرائها وتسميتهم وتحديد عددهم في التركيبة العتيدة، تحت ستار الصلاحيات والميثاقية وحسْن التمثيل وضمان حقوق طوائفها.

لم تأتِ تصريحات لودريان من العدم، بل اقتضتها، وفق مراقبين، معركة رسائل لا تزال تتطاير شظاياها بين المقار الرئاسية في لبنان، مرسّخةً الانطباع بأنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لن يتراجع عن حرب الإلغاء التي يخوضها ضد تكليف سعد ‏الحريري، الأمر الذي يدفع إلى الاعتقاد أكثر فأكثر بأنّ الأمور تتّجه نحو مزيد من التأزيم في ‏ملف التأليف، سواءً في ظل الانسداد الداخلي، أو تحت وطأة دخول العامل الإيراني على خط ‏التصدي للمبادرة الفرنسية وإجهاض مندرجاتها التخصصية في تكوين التشكيلة الوزارية.

زخم ونصائح

وفرضت الوقائع المتسارعة خلال الأيام الماضية، الملف الحكومي بنداً أول على أجندة المواكبة الدولية، والتي تمّ التعبير عنها في الحراك الدبلوماسي العربي والغربي، الذي حضر بزخْم غير مسبوق في المقار الرسميّة والسياسية المعنيّة بالملف.

وأشارت مصادر مطلعة لـ«البيان»، إلى أنّ كل اللقاءات الدبلوماسية التي شهدتها المقار الرئاسية والسياسية والدينية ‏لم تحمل مبادرة معينة، بل اقتصرت على إسداء النصائح للقيادات اللبنانية بوجوب الإسراع في ‏عملية تأليف الحكومة، ووضْع الخطة الإصلاحية المنصوص عليها في المبادرة الفرنسية ‏موْضع التنفيذ.

وفي انتظار ما يمكن أن يبرز من جديد خارجي حيال لبنان، تردّدت معلومات مفادها أنّ العمل جارٍ لتنسيق موقف فرنسي ـ أوروبي مشترك مع الولايات المتحدة، لوضْع ‏قائمة المستهدَفين في الضغوط الدولية لدفعهم لوقْف العرقلة، وعلى رأس القائمة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، بوصْفه الطرف الذي تشير كل الأصابع إلى ‏مسؤوليته المباشرة في رفض رئيس الجمهورية توقيع مراسيم التشكيل.

Email