تقارير «البيان»

آثار سوريا تحدّت النهب والدمار

ت + ت - الحجم الطبيعي

صحيح أن الحرب السورية أتت على كل أشكال الحياة في سوريا، بل كان التاريخ والآثار أحد أبرز الأهداف المرصودة من بعض العصابات لما لها من قيمة تاريخية، إلا أنها صمدت أمام هذه العبثية في كل شيء وحافظت على نفسها من عملية التدمير والنهب على يد بعض المسلحين الذين أطلقوا خلال سنوات الحرب تجارة الآثار والتاريخ.

والحديث هنا عن ما يسمى بالمدن «المنسية» أو المدن «الميتة» وهي تحفة أثرية تاريخية في الشمال السوري بين محافظتي إدلب وحلب، بقيت صامدة خلال سنوات القتال بحكم أصالتها وعدم قدرة تجار الحروب على نقلها لتكون أقوى من عمليات تشويه وسلب التاريخ، فما هي المدن الميتة؟ التي أصبحت في الآونة الأخيرة حديث معظم السوريين؟

خارطة جغرافية

تنتشر هذه المدن بآثارها على شكل خارطة جغرافية متكاملة تبدأ من جبال الكتلة الكلسية ووديانها وشعابها في شمال غربي سوريا، باتجاه آثار أفاميا الشهيرة جنوباً ومن حلب شرقاً وحتى منطقة جبل الزاوية ووادي العاصي غرباً وهي من أكثر تجمعات المناطق الأثرية في العالم يعود بنائها إلى الفترة بين القرنين الأول والسابع للميلاد وأحياناً حتى القرن العاشر وهي من المناطق المهمة في تاريخ المسيحية.

هذه المدن أصحبت في الآونة الأخيرة حديث السوريين، على كل تنوعهم وانتماءاتهم، خصوصاً في ظل بقاء هذه الآثار تتحدى الحرب والدمار، إذ إنها لم تتعرض إلى التخريب أو التدمير، لعدة أسباب منها نوعية الحجر الضخم والقاسي وعدم وجود تحف أثرية صغيرة يمكن الاستفادة منها في عملية البيع والتهريب.

التاريخ المشترك

وتقول الباحثة في الآثار أروى مخائيل إن هذه الآثار طالما توحد حولها كل السوريين لما لها من تعبير عن التاريخ المشترك على كل من يسكن هذه الأرض، وهي عامل يوحد ثقافة كل السكان المحليين، وبالتالي ظلت المكان الوحيد الذي لم يتأثر بما جرى، واليوم يتزايد الحديث عن هذه الآثار لما لها من تأثير في وجدان الشعب السوري.

وتضيف أن هذه الآثار نجت نتيجة قوتها من العصابات التي امتهنت سرقة التاريخ، ولو كان بالإمكان نقلها بالكامل خارج البلاد لفعلت هذه العصابات، إلا أنها كانت أقوى من قرصنة التاريخ والآثار. خصوصاً آثار تدمر الذي دمرها تنظيم داعش الإرهابي، إلا أن من حسن حظ هذه المباني الأثرية أنها كانت بالضخامة التي تتحدى كل عمليات النهب.

 

Email