قصة خبرية

أبو بهيج مكوجي نابلس منذ 66 عاماً

ت + ت - الحجم الطبيعي

داخل ممر ضيق، عند نهاية سوق البصل الشهير، وسط البلدة القديمة في نابلس شمال الضفة الغربية، يقع محل المكوجي أبو بهيج، وأنت في الطريق إليه، تتناهى إلى مسامعك ألحان أم كلثوم والعندليب الأسمر، إنها ترافق الثمانيني بهجت قاسم زبلح «أبو بهيج»، منذ بداية يومه بالعمل في كي الثياب، قبل أكثر من ستة عقود ونيف.

يحتفظ أبو بهيج بقطع نادرة وثمينة داخل محله الذي يزيد عمره على 50 عاماً، مثل أشرطة الكاسيت القديمة، وجهاز تلفاز قديم، ولا يزال يعد قهوته على «بابور كاز» تجاوز عمره 60 عاماً، وعدد من المكاوي التي انقرضت، وعلاقات ملابس خشبية تعود لعشرات السنين، فمحل أبو بهيج يحمل في ثناياه تفاصيل الماضي الأصيل، وذكريات جميلة من زمن العراقة والأصالة.

لم يرق لأبي بهيج العمل في مهنة والده في تبييض النحاس، وتلبية لرغبة والدته اختار العمل بكي الملابس، تعلّم المهنة على يد أمهر العاملين فيها منذ كان بعمر 14 عاماً، وعمل معهم سنوات عدة، وبعد أن اكتسب الخبرة العملية الكافية افتتح محلاً خاصاً به في العام 1970 وبدأ باستقبال زبائنه.

تطور المهنة

يقول أبو بهيج لـ«البيان» عن بداية عمله في المهنة «كانت أدواتنا بسيطة وهي عبارة عن مكواة تعمل على الفحم وكانت تستخدم غالباً بالبيوت، ومكواة حديدية تعمل بالتسخين على بابور الكاز تزن حوالي كيلوغرامين، ثم تطورت إلى مكواة تعمل بالبخار المنبعث من السخان الكهربائي (البويلر)، ثم المكواة الكهربائية المعروفة لدى الجميع»، ولا يزال أبو بهيج يحتفظ بأدوات العمل القديمة داخل محله، ويعتبرها جزءاً من تراث المهنة تستحق الاحتفاظ بها. ولفت أبو بهيج في معرض حديثه إلى أن مهنة الكي قديماً كانت تعبر عن الذوق العام، لاهتمام الناس قديماً في لباسهم ومظهرهم، باختيارهم أفضل أنواع الأقمشة التي يسهل كيها، وأبرز ما يميز أبو بهيج عن غيره، أنه يتقن كي اللباس الفلسطيني الفلوكلوري، المعروف باسم القمباز، وكشف عن طريقته الخاصة في كي ياقة القميص، باستخدامه خليط النشا بالماء، لتبقى صلبة ومحافظة على مظهرها وأناقتها.

على الرغم من انتشار أماكن أكثر تطوراً لغسيل الملابس وكيها، إلا أن المكوجي أبو بهيج لا يزال يحتفظ بعدد لا بأس به من زبائنه الذين يأتون إليه من مدينة نابلس وقراها، لا سيما كبار السن الذين يرتدون البدلة الرسمية، ولا يخفي أن مهنة المكوجي قد تراجعت بسبب تردي الوضع الاقتصادي من ناحية، وانتشار موضة الجينز، وتوفر المكواة في كل بيت من ناحية أخرى.

Email