هل تقع ليلة القدر في الليالي الزوجية؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

يجتهد المسلمون بكل بقاع الأرض في نيل الثواب الكبير الذي وعد الله تعالى به عباده خلال رمضان، ومع اقتراب العشر الأواخر من هذا الشهر المبارك تتشوَّق أنفسهم إلى إصابة ليلة القدر والفوز بأجرها الذي هو خير من ألف شهر.

ومن المعلوم أن هذه الليلة العظيمة تكون في الليالي الوترية من العشر الأواخر، وربما يغيب عن الكثيرين أنها قد تقع في الليالي الزوجية أيضاً.

فقد وردت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحري ليلة القدر على ثلاثة أوجه، الوجه الأول: الحث على التماسها في الليالي الفردية من العشر الأواخر، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُلْتَمِسًا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَلْيَلْتَمِسْهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وِتْراً"، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: "وَإِنِّي أُريْتُهَا لَيْلَةَ وِتْرٍ".

والوجه الثاني من الأحاديث النبوية الشريفة يحث على تحري ليلة القدر في الليالي الزوجية، كالذي ورد في قوله صلى الله عليه وسلم: "التمسوا ليلة القدر آخر ليلة من رمضان"، وهذا الحديث يحتمل أن تكون هذه الليلة زوجية أو فردية.

ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "الْتَمِسُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى، أَوْ خَامِسَةٍ تَبْقَى، أَوْ سَابِعَةٍ تَبْقَى"، ومعنى هذا أن ليلة القدر قد تكون في الليالي الفردية أو الزوجية على السواء، لأن الشهر قد يصل إلى ثلاثين أو ينقص إلى تسع وعشرين.

ودلَّت أحاديث أخرى بصورة أوضح على إمكانية مجيء ليلة القدر في الليالي الزوجية، "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهَا كَانَتْ أُبِينَتْ لِي لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَإِنِّي خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِهَا فَجَاءَ رَجُلانِ يَحْتَقَّانِ مَعَهُمَا الشَّيْطَانُ فَنُسِّيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، الْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ".

قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: "إِذَا مَضَتْ وَاحِدَةٌ وَعِشْرُونَ، فَالَّتِي تَلِيهَا ثِنْتَانِ وَعِشْرِونَ، وَهِيَ التَّاسِعَةُ، فَإِذَا مَضَتْ ثَلاثٌ وَعِشْرُونَ، فَالَّتِي تَلِيهَا السَّابِعَةُ، فَإِذَا مَضَى خَمْسٌ وَعِشْرُونَ فَالَّتِي تَلِيهَا الْخَامِسَةُ"، فتفسير أبي سعيد رضي الله عنه للحديث يعني أنها قد تقع في الليالي الزوجية أيضاً.

أما الوجه الثالث من الأحاديث الشريفة فقد دلَّ على الجمع بين الأمرين، وهو تحري ليلة القدر في جميع ليالي العشر الأواخر، كقوله صلى الله عليه وسلم: "تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ"، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثُمَّ أَيْقَظَنِي بَعْضُ أَهْلِي فَنُسِّيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْغَوَابِرِ".

Email