متخصصون وقانونيون: التوعية ودعم الأسرة بوصلة تأهيل المتعافين ومواجهة الإدمان

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد متخصصون وقانونيون أهمية نشر الوعي وتوفر الدعم الأسري لمواجهة آفة الإدمان وتأهيل المتعافين وإعادة دمجهم، مشيدين في الوقت ذاته باستراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة الشاملة في مواجهة هذه الآفة من خلال تكاتف المؤسسات المعنية في الدولة، والتي تسير وفق منهجية تأخذ بعين الاعتبار توفير كافة أشكال الدعم والمساندة لإعادة دمج المتعافين في مجتمعهم، إلى جانب التثقيف وتعزيز الوعي من مخاطر الإدمان على الفرد والمجتمع.

وتقول عفراء الحاي مبارك، مديرة إدارة التدريب والاستشارات بجمعية النهضة النسائية بدبي، إن الجمعية تنظم دورات تدريب وتأهيل بعنوان «العلاج المعرفي للمتخصصين في الإدمان» منبثقة من مبادرة «كن معهم ليكونوا أقوياء» والتي أطلقتها منذ العام 2019، وتسعى من خلالها إلى تطوير الكوادر الوطنية وامتلاك الخلفية العلمية المتخصصة حول آفة المخدرات والإدمان عبر توفير اختصاصيين نفسيين واجتماعيين كـ«مرشدي تعافي»، بالإضافة إلى بحث العوامل المؤدية إلى التعاطي والأسس الوقائية والعلاجية لهذه المشكلة.

وبينت أن الدورات التدريبية التي تنظمها الجمعية بالتعاون مع هيئة تنمية المجتمع، تناولت محاور أساسية، وهي التعريف بالعلاج المعرفي ومكوناته وخصائصه وفنياته، وتوضيح النماذج المعرفية في العلاج النفسي، وتقنيات وفنيات العلاج السلوكي، وتطبيق منهجيات العلاج، ووضع خطة العلاج، وممارسة التمارين العلاجية.

«كونوا معهم ليكونوا أقوياء»

وأضافت عفراء مبارك أن مبادرة «كونوا معهم ليكونوا أقوياء» تستهدف المجتمع بشكل عام، ونزلاء المؤسسات العقابية والإصلاحية بدبي، وأسر النزلاء الإماراتيين، والمتعافين من الإدمان، وأمهات المتعافين بشكل خاص.

من جانبها، أفادت ناعمة الشامسي مدير إدارة التنمية الأسرية بهيئة تنمية المجتمع بدبي أن نوعية العلاقات الاجتماعية إلى جانب قلة التوعية من قبل بعض الأسر أولاً، ومدى قيام المدارس بدورها ثانياً، قد يكون سبباً في انزلاق الأبناء نحو هذه الآفة، مشيرة إلى أن منصات التواصل الاجتماعي أيضاً لها دور في هذا السياق إذا أُسيء استخدامها.

وأكدت أهمية الدور الكبير الذي تلعبه وسائل الإعلام، بوصفها شريكاً رئيساً في عملية التوعية بأضرار المخدرات ودعم جهود المكافحة، وإبراز الآثار السلبية والمدمرة لها، والعواقب التي تترتب على تفشيها في المجتمع.

وأوضحت أن حماية الأبناء من خطر الإدمان يقع بالدرجة الأولى على عاتق الأسرة، حيث تشكل الأسرة 50% من عوامل نجاح علاجهم إذا ما وقعوا في شرك المخدرات.

زيارات دورية

بدورها، أكدت ندى الدوسري ضابط أول توعية مجتمعية بمركز إرادة للعلاج والتأهيل بدبي، أن المركز يهدف للوصول إلى أكبر شريحة من المجتمع لتوعيتهم بخطر هذه الآفة.

وأوضحت أنه من خلال هذه الزيارات يمكن للمختصين كشف وبحث العوامل المؤدية إلى التعاطي وتشجيع المرضى على العلاج، مؤكدة أن المركز يركز على تحقيق السرية التامة لمن انجرفوا نحو هذه الآفة، وكذلك لذويهم.

وأشارت إلى أن المركز يقوم بعلاج ومتابعة المدمنين ويعمل على إعادة تأهيلهم وذويهم عبر جلسات وبرامج مختلفة وثرية لفهم سلوكيات المدمن والوقوف على أسباب المشكلة، بالإضافة إلى أنه ينظم لهم أنشطة رياضية وعلاجات فردية وجماعية.

وأوضحت أن من أسباب العودة إلى الإدمان، مثيرات الذكريات مثل الأماكن التي كان يتعاطى فيها أو أصدقاء الكيف أو حتى بعض الموسيقى والأجواء المعينة التي تذكره بهذه المتعة المؤقتة.

مداخل علاجية

إلى ذلك، أكد فايز منسي الغامدي أخصائي نفسي إكلينيكي ومعالج أسري وزوجي ورئيس وحدة العلاج النفسي والاجتماعي بجامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية، أهمية الدورات التأهيلية في إطلاع المختصين على أحدث الأساليب المهنية والمداخل العلاجية، لافتاً إلى ضرورة تفعيل دور المؤثرين مجتمعياً وفي مجال الإعلام وحسابات التواصل الاجتماعي في التوعية وإيصال ثقافة التدابير الوقائية، وأضاف أن هذه الدورات تتيح للمختصين القدرة على تصميم برامج وقائية.

من جهته، يقول المحامي والمستشار القانوني علي مصبح ضاحي: إن المخدرات والعقاقير المخدرة بأنواعها آفة يجب توحيد الجهود لمواجهتها، مشيراً إلى أنها تستهدف الشباب والمراهقين بشكل خاص، وقد تباع لهم في البداية بمبلغ زهيد جداً بهدف استدراجهم، كما حذر من أضرار عقاقير تحت مسمى منشطات أو مقويات أو فيتامينات لتقوية عضلات الجسم تستخدم من قبل بعض الرياضيين.

وأضاف أن القوانين الناظمة لمهنة الصيدلة والمؤسسات الصيدلانية لمواجهة بيع تلك المنتجات بصورة عشوائية، غير كافية، ومن المهم وضع تشريعٍ خاص ينظم تداول تلك المنشطات، ويحظر أيضاً المنتجات الأخرى التي تتسبب بأضرار مشابهة، وعليه فإن من الضروري أن يشمل القانون عقوبات رادعة لتجار ومتعاطي هذه العقاقير.

إصلاح وتأهيل

وأوضح الملازم خالد الأهدل من المؤسسات العقابية والإصلاحية بدبي، أن نزلاء المؤسسات العقابية أشخاص أخطأوا في حق أنفسهم ومجتمعهم، فتم إيداعهم المؤسسات الإصلاحية والعقابية بهدف الإصلاح والتأهيل وتطوير المهارات أملاً بتجاوز محنتهم، والتكيف مع مجتمعهم بأمان ليصبحوا قادرين مستقبلاً على الالتحاق بسوق العمل، وإعادة بناء مجتمعهم من جديد.

ولفت إلى أن المؤسسات العقابية، تقدم برامج وأنشطة للنزلاء بشكل عام تشمل برامج تعليمية ودينية ورياضية ومهنية، كما تقدم برامج ودورات تأهيلية لفئة المتعاطين والمتعافين من الإدمان بالتعاون مع عدد من المؤسسات مثل هيئة تنمية المجتمع بدبي وجمعية النهضة النسائية وغيرها.

آفة فتاكة

ويقول الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد، كبير المفتين مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي: «المخدرات آفة فتاكة في المجتمعات الإنسانية عامة، لما فيها من الفتك بحياة متعاطيها جسدياً ومادياً وأخلاقياً، لذلك كان تعاطيها محرماً شرعاً وعقلاً، أما الشرع فقد تظاهرت نصوصه على التحريم، وقد حرم الله تعالى إذهاب العقول باستعمال ما يزيلها أو يفسدها أو يخرجها عن مخرجها المعتاد، ولا شك أن تناول المخدر يَظهر أثره في العقل والسلوك فوراً».

وأضاف: «لذلك كله، فإن من الواجب على الفرد والجماعة أن ينتبهوا لخطر هذا الداء العضال الذي لو استحكم في الأمة لكان على الأمة أن تنعي نفسها، وعليه نرى الدول الحريصة على شعوبها ومجتمعاتها تسُنّ التشريعات الزاجرة الكفيلة بتغييب مظاهرها في المجتمع، فتشرع العقوبات الرادعة عن المشاركة في نقلها أو تعاطيها أو ترويجها أو غير ذلك من دلالة أو إشارة أو معاونة أو إيواء أو تستّر، وذلك كله حفاظاً على الأمة ومقوماتها».

Email