أمين عام مجلس حكماء المسلمين: الإمارات نموذج متفرد في نشر قيم التعايش والتسامح

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد المستشار محمد عبدالسلام، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، أن الإمارات تمثل نموذجاً متفرداً في تشجيع وتعزيز ونشر قيم التعايش والتسامح بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة.

وقال بمناسبة مرور 10 أعوام على تأسيس المجلس، إن إنشاء المجلس جاء في وقت حرج للغاية من تاريخ الأمة والعالم تعالت فيه أصوات العنف والحروب والصراعات، واصفاً المجلس بأنه منصة عالمية للحكمة والوسطية والاعتدال في مواجهة خطابات التعصب والكراهية والتمييز.

وأوضح أن مجلس حكماء المسلمين أحدث حراكاً كبيراً على مستوى الحوار بين الأديان توج بتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية في أبوظبي، منوهاً بأن المجلس يقود جهوداً كبيرة لتوحيد صف الأمة ولم شملها من خلال حوار شامل لجميع مكونات المجتمع المسلم.

إعلان التأسيس

وعن الإعلان في أبوظبي عن تأسيس مجلس حكماء المسلمين قبل 10 أعوام في 21 رمضان من العام 1435 الهجري بحضور عدد من كبار علماء الأمة كأول هيئة دولية مستقلة تسعى لتعزيز السلم ونشر قيم الحوار والتسامح والتعايش الإنساني قال: «لقد عانت الأمة كثيراً خلال العقود الأخيرة بسبب ما تشهده بعض المجتمعات المسلمة من حالات اضطراب واحتراب، وتصاعد خطابات العنف والتطرف والإرهاب، فضلاً عما يشهده عالمنا اليوم من تحديات ونزاعات وصراعات كانت نتيجتها ملايين اللاجئين والمشردين والمعوزين، وظهور تحديات عالمية جديدة لم يكن العالم الإسلامي بمنأى عنها مثل قضايا الأمن المائي والغذائي، والتغيرات المناخية والتحديات البيئية، وتصاعد خطابات الكراهية والعنصرية والتمييز، وظهور ما يسمى الإسلاموفوبيا والدينوفوبيا وغيرها من القضايا الدينية والاجتماعية والإنسانية».

وأضاف الأمين العام: «لذا كانت هناك حاجة ملحة لتدخل عاجل وضروري سعياً لوقف حال الاحتراب وحقن دم الإنسان، والعمل على استعادة الأمة ريادتها ووحدتها، وتجنيبها عوامل الانقسام والتشرذم، ومواجهة الفكر المتطرف من خلال تصحيح المفاهيم المغلوطة وتنقيتها مما علق بها من شوائب الفهم التي انحرفت بها عن مقاصدها النبيلة».

وأكد أنه في هذا السياق جاء قرار إنشاء المجلس في أبوظبي باعتباره هيئة دولية مستقلة برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وعضوية نخبة من حكماء الأمة وعلمائها ووجهائها ممن يتسمون بالحكمة والعدالة والوسطية للعمل على لم شمل هذه الأمة، وإطفاء الحرائق التي تجتاح جسدها، ومواجهة ما يهدد القيم الإنسانية ويشيع شرور الطائفية والعنف».

إنجازات المجلس

وبشأن ما حققه المجلس في مجال الحوار بين الأديان على مدار الأعوام العشرة الماضية أكد الأمين العام أن المجلس أحدث حراكاً كبيراً على مستوى الحوار بين الأديان، من خلال جولات الحوار بين الشرق والغرب وتوجت بإطلاق الرمزين الدينيين الأبرز في العالم فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وثيقة الأخوة الإنسانية، في أبوظبي عام 2019، الوثيقة الأهم في التاريخ الإنساني الحديث، وذلك برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.

الإمارات نموذجاً

وأكد الأمين العام أن الإمارات تعد نموذجاً متفرداً في تشجيع التعايش والتسامح بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة على كافة المستويات الداخلية والخارجية، فعلى الصعيد الداخلي تعد الإمارات نموذجاً رائداً للتعايش الإنساني بين جميع البشر، فعلى أرضها الطيبة المباركة يعيش أشخاص ينتمون إلى 200 جنسية حول العالم في تسامح وأمان وسلام.. فالتسامح والتعايش المشترك من القيم الراسخة في المجتمع الإماراتي الأصيل، والتي يستمدها من وسطية الدين الإسلامي الحنيف، ومن العادات والتقاليد العربية النبيلة، ومن حكمة وإرث زايد الخير، في ظل قيادة حكيمة تؤمن ببناء الإنسان والإنسانية، حيث تُعد دولة الإمارات حاضنة لقيم التسامح والسلم، والأمان، والتعددية الثقافية، والاحترام المتبادل، وهو أمر متأصل في الشعب الإماراتي كما كفلته أيضاً قوانين دولة الإمارات التي أكدت قيم العدل والاحترام والمساواة، وجرّمت الكراهية والعصبية، وأسباب الفرقة والاختلاف.

وقال: «أود هنا أن أشيد بالجهود الدؤوبة لمعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، والذي يعد رائداً من رواد التسامح والتعايش الإنساني، وأؤكد أهمية الشراكة الاستراتيجية التي تجمع مجلس حكماء المسلمين ووزارة التسامح والتعايش في العديد من البرامج والفعاليات والأنشطة الهادفة على المستويين المحلي والدولي».

دور الشباب

وحول دور الشباب في تعزيز الإخاء الإنساني وكيفية جعلهم سفراء سلام للمجتمع المدني العالمي ومبادرات المجلس  في هذا الصدد، قال: «يولي مجلس حكماء المسلمين أهمية كبيرة للشباب باعتبارهم قادة المستقبل، وذلك من خلال مجموعة من البرامج الهادفة في مقدمتها «منتدى شباب صناع السلام الذي انطلق في عام 2018 بنسخته الأولى بمبادرة من مجلس حكماء المسلمين وبالشراكة مع الأزهر الشريف، ومؤسسة روز كاسل، بهدف تدريب جيل من الشباب على التعايش وبناء السلام، وذلك انطلاقاً من رؤية مشتركة لعالَمٍ يتعاون فيه الناس - على مختلف جنسياتهم ودياناتهم وعرقياتهم وخلفياتهم- على تعزيز أواصر السلام والأخوة الإنسانية كافة، ليحلَّا محل الصراع والعنف والحرب».

إنجازات مناخية

وتحدث الأمين العام، عن إنجازات المجلس في مجال المناخ وخططه المستقبلية في ضوء جهوده لتفعيل دور قادة الأديان في مواجهة التحديات العالمية خاصة قضية المناخ، حيث أكد أن المجلس يبذل جهوداً كبيرة من أجل تعزيز دور قادة ورموز الأديان في مواجهة التحديات العالمية، وذلك لما يمثله هؤلاء القادة والرموز من صوت مؤثر في الملايين من أتباعهم حول العالم، وفي هذا الإطار جاءت دعوة المجلس لقادة ورموز الأديان من أجل أن يشكلوا صوتاً واحداً في مواجهة التحديات العالمية وفي مقدمتها قضية التغير المناخي، حيث نظم مجلس حكماء المسلمين مؤتمراً لقادة ورموز الأديان في جنوب شرق آسيا أعقبه القمة العالمية لقادة ورموز الأديان من أجل المناخ، والتي عقدت في أبوظبي خلال شهر نوفمبر الماضي، والتي أطلقت وثيقة «نداء الضمير: بيان أبوظبي المشترك لقادة ورموز الأديان من أجل المناخ»، والذي وقعه فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، إلى جانب 38 من قادة الأديان ورموزها، ومثل دعوة إلى صنّاع السياسات والقرار حول العالم من أجل اتخاذ خطوات جادة تجاه ظاهرة التغير المناخي، وما تحمله من تأثيرات سلبية أحدثت خسائر مادية وبشرية كبيرة.. وتوجت هذه الجهود بتنظيم مجلس حكماء المسلمين، جناحاً للأديان في COP28، وذلك لأول مرة في تاريخ مؤتمرات الأطراف، وذلك بالتعاون مع رئاسة مؤتمر الأطراف COP28 وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ووزارة التسامح والتعايش، والذي شكل مبادرة استثنائية مثلت جسراً للتواصل بين علماء وقادة الأديان وبين جميع المعنيين بالتغير المناخي».

تحديات جسيمة

وبشأن ما تشهده الأمة الإسلامية والعالم من تحديات جسيمة من حروب وصراعات وصولاً إلى الفقر والتطرف وما تشكله من تهديد خطير على سُبل العيش والسلام والاستقرار ودور مجلس حكماء المسلمين في هذا الصدد ورؤيته للتفاعل مع هذه الأحداث والتحديات نوه بأنه: «منذ تأسيس مجلس حكماء المسلمين برئاسة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، قبل عقد من الزمان، وهو يتفاعل بشكل كبير مع القضايا والتحديات التي تواجه الأمة الإسلامية والعالم أجمع، فقد انبرى المجلس للدفاع عن قضايا الأمة فكانت القضية الفلسطينية في مقدمة أولوياته.. فعقد المجلس مؤتمر نصرة القدس بالتعاون مع الأزهر الشريف، وخلال الأحداث الأخيرة التي يشهدها قطاع غزة أدان المجلس بشدة ما يتعرض له القطاع والأراضي الفلسطينية، مؤكداً ضرورة وقف إطلاق النار وتوفير المساعدات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين فوراً ودون تأخير.. كما كان للمجلس موقف سباق من قضية مسلمي الروهينغيا، وفي أوج الأزمة بعام 2017، عقد المجلس مؤتمراً اجتمع فيه ممثلون عن ميانمار من المسلمين والمسيحيين وعن الحكومة البورمية للحديث حول إمكانية حل هذه الأزمة، كما زار وفد من المجلس  والأزهر الشريف مخيمات مسلمي الروهينغيا اللاجئين في بنغلاديش، بالتزامن مع استكمال الاستعدادات لانطلاق أولى القوافل الإغاثية والإيوائية لمساعدة ودعم اللاجئين الذين تجاوز عددهم مئات الآلاف من الشعب البورمي وعانوا أوضاعاً إنسانية ومعيشية صعبة».

حرق القرآن

وفي مواجهة حملات حرق المصحف الشريف وتصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا والإساءة إلى الرسول محمد عليه أفضل الصلوات والسلام، أدان مجلس حكماء المسلمين مثل هذه الممارسات الاستفزازيَّة التي تتنافى مع كافة الأعراف والمواثيق الدوليَّة التي تدعو إلى ضرورة احترام الآخر وقبوله وعدم الإساءة للمقدسات والرموز الدينيَّة.

وأوضح أنه خلال عام 2021 أصدر المجلس  تقريراً خاصّاً حول الموقف القانوني لمحاربة خطاب الكراهية ضد الإسلام، وإجراءات التقاضي في أوروبا، وفي عام 2023 رحب المجلس بقرار البرلمان الدنماركي الخاص الذي نصَّ على حظر «المعاملة غير اللائقة» للنصوصِ الدينيَّة ذات الأهمية الدينية الكبيرة لمجتمعات دينيَّة معترف بها، الذي يحظر عمليّاً حرق المصحف، مؤكِّداً أن إقرار هذا القانون يعد خطوةً مهمةً من شأنها أن تُسهم في تعزيز روح التسامح والتعايش المشترك، والاحترام المتبادل للمقدسات والرموز الدينية.

تحديات عالمية

وحول نظرة مجلس حكماء المسلمين للتحديات العالمية ودور العلماء والحكماء في مواجهتها، أكد المستشار محمد عبدالسلام، أن المجلس لديه إيمان راسخ بأهمية تعزيز صوت الحكمة والعقل في مواجهة التحديات العالمية، والعودة لتعاليم الأديان السمحة التي يرى فيها الترياق لجميع ما يواجهه عالمنا اليوم من تحديات.

Email