إنجاز يعزز مكانة الدولة ضمن صدارة قطاع الفضاء عالمياً

الإمارات تستقبل اليوم سلطان النيادي بعد إنجاز «طموح زايد 2»

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تستقبل اليوم دولة الإمارات رائد الفضاء سلطان النيادي عقب إنجازه أطول مهمة فضائية في تاريخ العرب، «طموح زايد 2»، التي امتدت 6 أشهر، أجرى خلالها 200 مهمة بحثية علمية، فيما قضى أكثر من 4400 ساعة في الفضاء، وقرابة 600 ساعة في إجراء التجارب العلمية، والتي ألهمت ملايين الشباب العرب أنهم قادرون على الإسهام الإيجابي في مسيرة البشرية العلمية والحضارية.

إنجاز تاريخي

ونجح النيادي في تحقيق إنجازات نوعية وتاريخية، رسخت اسم دولة الإمارات إقليمياً وعالمياً في قطاع الفضاء، إذ أصبح أول رائد فضاء عربي يخوض مهمة «السير في الفضاء» خارج محطة الفضاء الدولية، ضمن البعثة الـ69 في شهر أبريل الماضي، والتي استمرت نحو 7 ساعات لتنفيذ عدد من المهام الأساسية، كالصيانة والتحديث، علاوة على إكمال السلسلة التحضيرية لتركيب عدد من الألواح الشمسية على المحطة، وعزز هذا النجاح ريادة الإمارات عالمياً في قطاع الفضاء، إذ أصبحت الدولة الـ10 عالمياً في مهمات السير في الفضاء خارج المحطة الدولية.

وأصبحت مهمة سلطان النيادي التاريخية على متن محطة الفضاء الدولية، نموذجاً ملهماً لجيل المستقبل من العلماء ورواد الفضاء، وخاصة مع نجاحه في مهمته في إجراء عدد من التجارب العلمية التي ستعود بالنفع على المجتمع العلمي العالمي والبشرية بشكل عام، وإلى جانب مهامه العلمية على متن المحطة، وشملت مهمة سلطان جانباً مجتمعياً، تجسد في إجراء 19 فعالية سميت سلسلة «لقاء من الفضاء»، تحدث فيها بالصوت والصورة إلى الجمهور في مختلف مناطق الدولة، وحضرها أكثر من 10000 شخص ما بين طلاب وعشاق لعلوم الفضاء.

دعم كبير

وعاد رائد الفضاء سلطان النيادي من متن محطة الفضاء الدولية يوم 4 سبتمبر الجاري، عقب إنجازه أطول مهمة فضائية في تاريخ العرب بنجاح، والتي امتدت 6 أشهر، دعمه فيها فريق مركز محمد بن راشد للفضاء، وزميله هزاع المنصوري مسؤول متابعة المهمة من محطة المراقبة الأرضية، بينما تم إطلاق المهمة يوم 3 مارس الماضي، في تمام الساعة 9:34 صباحاً بتوقيت دولة الإمارات العربية المتحدة، على متن المركبة الفضائية دراجون، التي حملت على متنها سلطان النيادي، ورائدي فضاء وكالة ناسا ستيفن بوين ووارين هوبيرغ، ورائد الفضاء الروسي أندري فيديايف.

مهام ضخمة

ونجح رائد الفضاء الإماراتي، وطاقم Crew-6 في مهمته في تنفيذ العديد من الإنجازات المهمة، ومن بينها إعادة تعيين موقع التحام المركبة الفضائية دراجون، التابعة لشركة «سبيس إكس»، في محطة الفضاء الدولية، وذلك يوم 6 مايو الماضي. وكانت هذه العملية الثالثة لنقل المركبة دراجون من منفذ إلى آخر، حيث تم تكرار هذه المهمة في مناسبتين فقط، في مهمتي الطاقم Crew-1، والطاقم Crew-2.

وخصص النيادي 4400 ساعة لإجراء 200 مهمة بحثية علمية رائدة على متن محطة الفضاء الدولية، ومن بينها العمل على أجهزة لرصد الحالة الصحية للطاقم، مرتدياً قميصاً ورابطة رأس يقيس عبرهما نبضات القلب، وضغط الدم، والتنفس وغيرها من الأمور؛ بهدف دراسة عمل وظائف أجسامهم في بيئة الجاذبية الصغرى، فيما شارك إلى جانب أعضاء الطاقم، في التجهيز لمهمة السير في الفضاء خارج محطة الفضاء الدولية، لتركيب عدد من الألواح الشمسية، إذ كان يعمل على مناورات الذراع الروبوتية Canadarm2 عبر نظام المحاكاة على الحاسوب.

تجارب نوعية

وجهز النيادي معدات تجربة إنتاج بلورات البروتينات الخاصة بالأجسام المضادة PCG2 على متن محطة الفضاء الدولية إذ تساعد هذه التجربة على تحليل إنتاج البلورات الخاصة بالأدوية في بيئة الجاذبية الصغرى، ما يسهل إنتاجها على الأرض وفي الفضاء، ويقصر مدة إنتاج أدوية جديدة، وفي إطار تعاون البعثة 69 على متن محطة الفضاء الدولية مع طاقم Ax-2، عمل رائد الفضاء سلطان النيادي مع رائدة الفضاء السعودية ريانة برناوي من طاقم Ax-2 على معالجة عينات في وحدة «كيبو» اليابانية، وذلك بهدف دراسة آثار الجاذبية الصغرى في استجابة الخلايا البشرية للالتهابات.

وشارك النيادي في أنشطة البحث البشري المدرجة في جدول الطاقم في محطة الفضاء الدولية، والتي تضمنت الفحص بالموجات فوق الصوتية، وفحوص الرؤية، واختبارات السمع، بينما كانت فيزياء الفضاء جزءاً من جدول أعمال الطاقم، إذ سعى العلماء والمهندسون إلى فهم كيفية تفاعل المواد التي صُنعت في الأرض مع ظروف الجاذبية الصغرى.

وشارك سلطان النيادي في تفريغ 6200 رطل من التجارب العلمية الجديدة، وإمدادات الطاقم، وأجهزة المحطة التي قدمتها مركبة الشحن سبيس إكس دراجون، كما شارك الطاقم في عدد من التجارب العلمية الأخرى، التي تعنى بالتحقيق في آثار الجاذبية الصغرى في احتراق المواد من أجل تعزيز سلامة المركبات الفضائية، واختبار أداة جديدة لقياس المناعة في الفضاء، وإجراء بحث على أنسجة عضلة القلب المزروعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد؛ لتقييم وظائف القلب البشري في بيئة الجاذبية الصغرى.

وجمع النيادي عينات الهواء من مختبري وحدتي «ديستني» و«كولومبوس» قبل تنظيف حديقة «فيجي» لإنتاج النباتات على متن محطة الفضاء الدولية، فيتم تحليل هذه العينات لأغراض البحث، كما شارك مع طاقم البعثة 69 في إرسال ما يقرب من 1950 كيلوغراماً من التجارب العلمية القيمة، وشحنات أخرى إلى الأرض، عبر مركبة الشحن الفضائية «دراغون»، وصولاً إلى الإعداد لدراسة CapiSorb Visible Systems لفيزياء السوائل، والعمل على بحوث متخصصة عن رقائق الأنسجة الخاصة بوظائف القلب، في داخل مختبر وحدة «كيبو»، واختبار إمكان طباعة أنسجة غضروف الركبة في الفضاء، إذ ظهر سلطان وهو يضع علبة مخصصة لحفظ عينات أنسجة غضروف الركبة في آلة طباعة الأعضاء على متن محطة الفضاء الدولية.

تعاون عالمي

وشملت تجارب النيادي العلمية في أول مهمة طويلة الأمد لرواد الفضاء العرب، والتي تمت بالتعاون مع العديد من وكالات الفضاء العالمية والمؤسسات البحثية، ومن بينها وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية، ووكالة الفضاء الكندية، والمركز الوطني للدراسات الفضائية، مجموعة واسعة من البحوث إذ ضمت هذه الموضوعات، بحوثاً عن جهاز القلب والأوعية الدموية، إذ إن نظام القلب والأوعية الدموية يضمن استمرار إمداد الدماغ والجسم بالدم المحمل بالأكسجين، فيما تعد أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الأول للوفاة على وجه الأرض، إذ ربطت البحوث الخمول البدني بتطور عوامل الخطر، إلى جانب تصلب الشرايين ومقاومة الأنسولين.

وتضمن أحد بحوث المهمة موضوعاً عن «ألم الظهر»، إذ أوضحت الدراسات الحديثة أن 52 % من رواد الفضاء يعانون آلاماً في الظهر في أول يومين إلى خمسة أيام من سفرهم إلى الفضاء، إضافة إلى أن دراسة أخرى وجدت أن ما يقرب من نصف طياري المروحيات العسكرية وأفراد الطاقم يعانون آلاماً في أسفل الظهر إثر تقلبات قوى الجاذبية. واستهدفت هذه التجربة الدراسات المتعلقة بآلام الظهر كونها مهمة ليس لغاية الإبلاغ عن التدابير الوقائية لتقليل أخطار الانزلاق الغضروفي لدى رواد الفضاء، ولكن لتوفير رؤى ثاقبة عن استقرار العمود الفقري المتعلق بتحسين صحة الظهر لدى عامة الناس.

وتركز بحث «جهاز المناعة» في أهميته بخصوص مسؤولية مقاومة الجسم للعدوى، ويعد مهماً للحفاظ على سلامة وظائف أعضاء الجسم. ويمكن أن يتأثر الجهاز المناعي سلباً بالعديد من العوامل المرتبطة برحلات الفضاء، بينما الغرض من التجربة، أنه قد توفر الدراسات عن كيفية تأثير رحلات الفضاء في الجهاز المناعي فوائد للطب القائم على الأرض، والتي تتضمن معلومات عن كيفية تسبب الإجهاد في تغيرات في الجهاز المناعي لدى البالغين الأصحاء، والتغيرات التي قد تسبق المرض.

ومن جهته يدرس علم السوائل كلاً من الخواص وكيفية تفاعل الرغوة والسوائل والمواد الحبيبية الأخرى في الأماكن الخالية من الجاذبية، بينما الغرض من هذه التجربة، البحث في هذا الموضوع في الفضاء بما يمكن أن يساعد على فهم السوائل من دون جاذبية ويمكن أن يكون له تطبيقات صناعية، مصحوبة بنظرة علمية عن الظواهر الديناميكية من دون قوى الجاذبية. ويمكن أن تساعد هذه المعلومات مصممي المركبات الفضائية مستقبلاً على التفكير في كيفية تفاعل السوائل في الفضاء.

بيولوجيا النبات

وساعدت بحوث «بيولوجية النبات» على فهم جوهر كيفية نمو النباتات عبر اختبار وحدات بناء حياة النبات وصولاً إلى المستوى الجزيئي، فيما الهدف من التجربة، أنه يمكن تطبيق المعلومات الجديدة المكتسبة من البحوث المقامة على متن محطة الفضاء الدولية لتزويد رواد الفضاء الغذاء في مهماتهم الفضائية، وتعلمنا المزيد عن كيفية تكيف النبات في بيئات معينة، ويمكنها التوصل لنتائج علمية أخرى متقدمة في ما يخص الإنتاج الزراعي على الأرض.

مهمات مستقبلية

ويعد «الإشعاع الفضائي» مصدراً أساسياً لتعرض صحة رواد الفضاء للضرر في قيامهم بالمهمات الفضائية طويلة الأمد. وتختلف طبيعة الإشعاع الذي يتم مواجهته في الفضاء عن ذلك في الأرض، ويتكون في الغالب من أيونات عالية الطاقة من البروتونات إلى الحديد، ما يؤدي إلى مستويات إشعاع تتجاوز بكثير تلك التي يواجهها العاملون في مجال الإشعاع المهني.

واستهدف الغرض من هذه التجربة أن يساعد المزيد من البحث والتقدير الكمي الأكثر تفصيلاً للبيئة الإشعاعية، على متن محطة الفضاء الدولية، على تطوير وتعزيز القدرات للتنبؤ بالتعرض للإشعاع الفضائي لمهمات الاستكشاف المستقبلية.

تأهيل متقدم

وعلى مدار نحو 3 أعوام شملت التدريبات الكثير من البرامج والتأهيل المتقدم، ومن بينها التجهيز لمهمة السير في الفضاء إذ تم التدريب في مختبر الطفو المحايد التابع لناسا، في مركز جونسون للفضاء في هيوستن، بولاية تكساس، فيما خضع النيادي لـ9 جولات كل منها ست ساعات، فتدرب تحت الماء لمحاكاة السير في الفضاء باستخدام النموذج الكامل لمحطة الفضاء الدولية.

وتضمنت التدريبات جلسة تدريب على الطائرة النفاثة (T-38 Jet ) فتجعل التدريبات النظرية والعملية، رواد الفضاء والمتخصصين في البعثات يفكرون بسرعة في المواقف المتغيرة، والتجارب الذهنية الضرورية لرواد الفضاء للتدرب على قسوة رحلات الفضاء فتم تدريب سلطان على الصيانة، والأدوات المستخدمة ومهارات الطيران والاتصال.

وشملت التدريبات «برمجة الروبوتات» فتم التدريب مع وكالة الفضاء الكندية، ووكالة الفضاء الأوروبية، و«جاي أي أكس أي» للتحكم في جهاز المحطة الفضائية للتحكم من بعد، والذي أطلق عليه اسم «كندا آرم 2» من متن محطة الفضاء الدولية، والذي يساعد على التقاط سفن الشحن الفضائية، وأداء عمليات السير في الفضاء، والتعامل مع الحمولات وأنشطة الصيانة على متن محطة الفضاء الدولية.

تطوير

أسهم رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي في تطوير المسارات العلمية والتكنولوجية في الدولة، بإجرائه نحو 200 تجربة علمية في مختلف المجالات استغرقت نحو 585 ساعة، وكان من أبرزها، دراسة الآثار الجاذبية الصغرى على استجابة الخلايا البشرية للالتهابات بالتعاون مع رائدة الفضاء السعودية ريانة برناوي من طاقم «Ax-2»، وتجربة إنتاج بلورات البروتينات الخاصة بالأجسام المضادة «PCG2»، وإجراء دراسات عن كيفية احتراق مواد معينة في الجاذبية الصغرى، إضافة إلى إعداد بحوث عن رقائق الأنسجة عن وظائف القلب والدماغ والغضاريف، وغيرها من التجارب العلمية التي تم العمل عليها بالتعاون مع طاقم البعثة 69.

وحقق رائد الفضاء الإماراتي نجاحاً في التجارب العلمية بالتعاون مع 25 جامعة محلية وعالمية و10 وكالات فضاء دولية، إذ نفذ النيادي نحو 19 تجربة بحثية بالتعاون مع وكالة ناسا، ووكالة الفضاء الأوروبية، ووكالة الفضاء الكندية، ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية «جاكسا»، والمركز الوطني لدراسات الفضاء بفرنسا، وأسهم هذا التعاون في إنجاز تجربة «Lumina» الأولى من نوعها لدراسة درجات الإشعاع الفضائي بمحطة الفضاء الدولية، إضافة إلى إعداد دراسات علمية طبية تشمل دراسة نظام القلب والأوعية الدموية ودراسة مسببات الأمراض في الفضاء.

تدريبات

نفذ رائد الفضاء سلطان النيادي أكثر من 1700 ساعة من الاختبارات والتدريبات العامة والخاصة بمهمة «طموح زايد 2»، وذلك استعداداً لأول مهمة طويلة الأمد لرواد الفضاء العرب، إذ بدأ رائد الفضاء التدريب مع وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» في أوائل سنة 2020.

Email