آبار الزمن الماضي .. حكايات المياه وشغف الحياة

راشد المزروعي متحدثاً عن أهمية الآبار في حياة الأجداد | تصوير: زيشان أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

حافظت الآبار على أهميتها في كل مناطق الدولة، وخاصةً في البادية، وكانت ولا تزال علامة ناصعة على استدامة المياه والحياة، حتى إن البعض من تلك الآبار بلغ عمرها مئات السنين، وتعاقبت عليها أجيال، ومع ذلك، لا يُعرف متى حُفرت، أو مَن الذي قام بحفرها، ولتلك الآبار، سواء التي نضبت أو التي لا يزال بها ماء، أسماء، ومن تلك الآبار طوي زبيدة وطوي مرقّبات وطوي حمدة وطوي سهيلة وطوي الرفيعة وطوي تاهل وطوي طويلع وطوي الحصن وطوي الصرمه، على سبيل المثال لا الحصر، وفي مجملها تسمى «عدود»، ومفردها «عدّ»، وهو البئر أو الطوي الذي لا ينقطع ماؤه أو لا ينضب (مديم أو الدائم)، حتى إنهم يطلقaون على الشخص الكريم «عدّ»، وهو كناية عن الكرم، وهناك آبار تم حفرها عن طريق أشخاص في السنوات اللاحقة، وهي أيضاً قديمة جداً، ولكن معروفٌ من قام بحفرها، ومتى تم ذلك، ويسمى هذا النوع من الآبار «بدوع»، ومفردها «بدع»، وهي كثيرة، وفي مختلف مناطق الدولة، وهذه قد يبقى ماؤها قوياً أو يقل أو ينضب، وأيضاً يوجد نوع آخر يسمى «جفارة»، ومفردها «جفر» أو «يفر»، كما تنطق محلياً، وكانت في الماضي تحفر على جوانب الأودية الجاري ماؤها، فتتغذى منها، حيث يرتفع بها منسوب الماء عند هطول الأمطار وجريان الأودية.

الدكتور راشد أحمد المزروعي، الباحث في التراث والأدب الشعبي، ذكر ذلك، وأردف قائلاً: «هناك ما يسمى «بحوث»، وهي تشبه «اليفارة»، ولكنها تكون أقرب من مجرى الوادي أو البطحاء من «اليفارة»، وربما تكون ضحلة العمق لوفرة المياه في أرضها، وربما تدفنها البطاح والوديان عند مرورها عليها، ومثلها البحص أو البحايص، وهناك أيضاً مياه الغدران، وهي المياه المتجمعة من الأمطار أو من شعاب الوديان والبطاح، فيكون هناك الغدير الذي يعيش عليه البدو لعدة شهور، ولا يحتاجون للري من الطوي، وأيضاً توجد عدة غدران في مختلف مناطق البادية الوسطى من الشارقة، وأشهرها غدير المهراني وغدير حليس وغدير طويرش، وغدير المرخة وغدير سويدان، وغيرها الكثير».

يضيف الدكتور راشد: «أما تنقّل البدو في فصل الشتاء من مكان لآخر، فغالباً ما يحدث في حال توفر العشب والماء في مكانٍ آخر، وفي حالة عدم وجود الماء قريباً منهم، فلا يشكّل معضلة لهم، حيث كانوا يجلبونه على الإبل أو الحمير من مسافات بعيدة، وفي فصل الصيف، ينتقل البدو قريباً من الآبار والموارد المائية، لحاجتهم هم وحلالهم للماء، في ظل حرارة الصيف اللاهب، كما أن البعض منهم يحضر إلى الواحات الزراعية ذات الأفلاج المائية والشرائع والنخيل، مثل الذيد وفلج المعلا وشوكة وحتا ومسافي والباطنة وغيرها».

يكمل الدكتور راشد: ما زالت إلى الآن تحت ذات المسمى، ومما يذكر أنه في عام 1950 - 1955، استقدمت تلك الحفّارات بواسطة شركات التنقيب عن البترول لحفر آبار مياه لتلك الشركات، وهذه الرقوق أو الآبار الارتوازية، أثرت في المياه الجوفية، فبدأت تتناقص المياه الجوفية في الطوى القريبة منها، والتي تجمعت مياهها في باطن الأرض منذ ملايين السنين، وفي الستينيات والسبعينيات، زاد عدد الآبار الارتوازية، بعد أن أصبح من السهل الحصول على آلات حفر الآبار.

ومن الآبار التي لا يزال بها ماء طوي خضيرة، وهي «دهرية» أي قديمة جداً، وما زال بها ماء ولكنها مغطّاة، وأيضاً طوي مليحة، ما زال بها ماء حتى اليوم، حيث تقع في مزرعة، ولكنها غير مستغلّة، لذلك ما أصبح من الآثار، وهو موروث لا بد من المحافظة عليه.

Email