مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء لـ «البيان»:

سلطان النيادي محترف ومؤهل لوضع بصمة إماراتية جديدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد المهندس سالم المري مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء، أن الإمارات استطاعت بفضل النجاح الكبير الذي حققته مشروعاتها، أن تضع بصمتها عالمياً، وتصبح وجهة مثالية لوكالات الفضاء العالمية، وأن مهمة سلطان النيادي تسطر تاريخاً جديداً .

حيث ستصبح الإمارات الـ11 عالمياً بين الدول التي تنجز مهمة طويلة الأمد في المحطة الدولية، والأولى عربياً التي ترسل رائدين للفضاء، مشيراً إلى أن مهمة «سبيس إكس كرو 6» لديها 3 فرص إطلاق تبدأ من 26 إلى 28 فبراير الجاري، وأن النيادي سينفذ 20 تجربة علمية بالتعاون مع الجامعات الإماراتية.

بينما سيجري 15 محادثة مباشرة عبر موجات الراديو مع الجمهور، وأن مهمة المنصوري ألهمت الأجيال ومازالت، بينما مستهدفات النيادي تضيف للأبحاث العلمية، وأن 2023 سيشهد إنجازات جديدة وأنهم يستهدفون زيادة كفاءة وأعداد الكوادر المواطنة.

نجاح كبير

وتفصيلاً قال المري لـ «البيان» إن الإمارات استطاعت بفضل النجاح الكبير الذي حققته مشروعاتها خلال السنوات القليلة الماضية، أن تضع بصمتها عالمياً، وتصبح وجهة مثالية لكثير من الدول ووكالات الفضاء العالمية والمؤسسات العلمية، لتعزز من شراكاتها مع الدولة في هذا القطاع.

لافتاً إلى «برنامج الإمارات لرواد الفضاء» استطاع منذ انطلاقه تحقيق نجاحات وإنجازات كبيرة ومهمة، حتى أصبح هناك فريق وطني من رواد الفضاء يضم هزاع المنصوري وسلطان النيادي ونورا المطروشي ومحمد الملا.

وأضاف إن هذه الإنجازات تعزز الاستراتيجية الوطنية الرامية لتطوير الكوادر الوطنية العلمية، وترسيخ دورهم في الاستكشافات في قطاع الفضاء والمشاركة في رحلات الاستكشاف المأهولة، وهو ما تجسد من خلال إطلاق مهمتي رائدي الفضاء المنصوري والنيادي «طموح زايد» لمحطة الفضاء الدولية.

والذي سبقها سلسلة من التدريبات المتواصلة والتي بدأت قبل 5 سنوات، وذلك في إطار تأهيلهما المستمر، وإكسابهما العديد من الخبرات الاحترافية، التي تؤهلهما لإجراء مهمات متقدمة وتشغيل مكونات محطة الفضاء الدولية.

تعاون دولي

وذكر أن «برنامج الإمارات لرواد الفضاء» يرتكز في مستهدفاته على تعزيز التعاون الدولي بين المركز ومختلف وكالات الفضاء العالمية وفي مقدمتها وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» والوكالة الأوروبية «إيسا»، ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية «جاكسا»، والوكالة الروسية «روسكوسموس»، وصولاً إلى الهندية والأوروبية وغيرها.

مؤكدا أن هذا التعاون الدولي من شأنه ترسيخ ووضع منهجية واستراتيجية مستقبلية لبناء قطاع فضائي وطني واعد وطموح، وأن نتائج هذا التعاون أعطى صورة إيجابية عن قدرات البرنامج وأعضائه الذين يتلقون تدريبات رفيعة وعلى أعلى مستوى من الاحترافية.

وأشار إلى أن «برنامج الإمارات لرواد الفضاء» يحقق وما زال نتائج متقدمة، حيث يستعد رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي، لانطلاق مهمته ضمن فريق «سبيس إكس كرو 6».

والتي تعد أول مهمة طويلة الأمد لرواد الفضاء العرب، وثاني مهمة ضمن برنامج الإمارات لرواد الفضاء، بعد مهمة هزاع المنصوري، التي ما زالت تحقق إيجابيات كبيرة حتى الآن، وصولاً للإعداد المتواصل والمستمر لرائدي الفضاء نورا المطروشي ومحمد الملا، اللذين يواصلان تدريباتهما المتقدمة في «ناسا» ضمن «الدفعة 23».

بالإضافة إلى كافة الشركاء العالميين، ليصبحوا مشغلين لمحطة الفضاء الدولية، مؤكداً أنه خلال الفترة المقبلة سيكون لهما دور مهم في تقديم الدعم لمهمة النيادي، وبدء تنفيذ أدوار ومهام جديدة مع وكالة الفضاء الأمريكية لتطوير قدراتهما، وهو ما يعكس استدامة برنامج الإمارات لرواد الفضاء.

قدرات احترافية

وعن تفاصيل التجهيزات والاستعدادات النهائية لمرحلة ما قبل انطلاق مهمة سلطان النيادي، أفاد مدير مركز محمد بن راشد للفضاء، أن التدريبات التي حصل عليها الرائد واستمرت أكثر من 4 سنوات ماضية، بالإضافة إلى التدريبات المتخصصة على المهمة وكبسولة الإطلاق واستمرت لمدة عام ونصف، تعكس القدرات الاحترافية المتقدمة التي أصبح يتسم بها النيادي، ما يجعله وفريق مهمته قادرين على التعامل مع أي مستجدات أو تحديات طارئة في مثل هكذا مهمات.

وذكر أن النيادي سيخضع لفترة عزل قبيل الانطلاق إلى محطة الفضاء الدولية المقرر لها 26 فبراير المقبل على متن المركبة الفضائية «سبيس اكس دراجون انديفور»، وأن هذه الفترة ستكون بين 15 ـ 20 يوماً في مركز كينيدي في ولاية فلوريدا الأمريكية، وذلك لجعله جاهزاً تماماً ضمن بيئة نظيفة، لتجنب الإصابة بأي أمراض قبيل الانطلاق.

مبيناً أنه وخلال هذه الفترة سيكون خلالها تدريبات يومية وتجهيزات بدنية، ومتابعة كافة الإجراءات والاختبارات الطبية، فيما وبعد انتهاء هذه المرحلة ستبدأ فترة التجهيز للانطلاق نحو المحطة الدولية.

15 اتصالاً

وشرح المري أن الجدول المخصص للنيادي خلال 6 شهور سيحمل الكثير من التفاصيل المحددة بالتعاون مع فريق المهمة، والتي تتضمن إجراء 20 تجربة علمية، سيقوم النيادي بإجراء عدد كبير منها بشكل شخصي، وأن هذه التجارب تأتي بالتعاون مع الجامعات الإماراتية.

موضحاً أنها ستتطرق إلى تجارب علوم الحياة، وأخرى تستهدف التغيرات التي تحدث للسوائل ضمن بيئة الفضاء، فضلاً عن أخرى تبحث في مدى وكيفية تحمل مختلف المواد لظروف الجاذبية، بالإضافة إلى تجارب تختص بعلم النفس الذي يبحث في تأثيرات العيش في هذه البيئة على أجهزة جسم الإنسان، خاصة خلال الفترات الطويلة خارج الكرة الأرضية، وصولاً للتجارب البيولوجية التي ترتبط بالنباتات وكيفية زراعتها ونموها وتأثيرات الجاذبية عليها.

وكشف المري أنه خلال فترة المهمة والتي تبلغ 6 شهور سيتم إجراء 15 محادثة مباشرة مع النيادي على متن المحطة من خلال موجات الراديو، يلتقي خلالها طلبة الجامعات والجمهور، من خلال تحديد برنامج تثقيفي تعليمي يتضمن فيديوهات لرائد الفضاء عن مشاركته وتجاربه وتشمل كافة تفاصيل المهمة، فضلاً عن الجولات التي سيتم بثها لمكونات محطة الفضاء الدولية.

طموح زايد

وتطرق مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء أن مهمة «طموح زايد» التي نفذها هزاع المنصوري واستمرت 8 أيام حققت نتائج رائعة، من بين أهمها إلهام الأجيال الجديدة، فيما يتواصل تأثيرها حتى الآن، بينما مهمة النيادي ترسخ نجاح المهمة الأولى، وتنطلق لتحقق مستهدفات جديدة أكبر، خاصة أنها طويلة وتستمر لـ6 أشهر، وتحمل عدداً كبيراً من التجارب، وتعزز بصمة الإمارات في قطاع الفضاء.

حيث تعد المهمة تاريخية كونها الأولى لدولة عربية، كما أننا أصبحنا الأول بالمنطقة الذين نرسل رائدي فضاء للمحطة الدولية، وهذه كلها مكتسبات عظيمة تعكسها ثقة القيادة الرشيدة في القدرات والكفاءات المواطنة والدعم اللامحدود لقطاع الفضاء ما يعطي رسالة للعالم أن الإمارات تبتكر وتفكر وتخطط بشكل استشرافي بعيد المدى، ولديها استراتيجية تؤكد أنها شريك موثوق لوكالات الفضاء العالمية.

وأوضح المري فيما يخص وجود هزاع المنصوري احتياطياً للنيادي، مثلما حدث في المهمة الأولى «طموح زايد»، أن طرق التعامل مع الرائد الاحتياطي في مهمات الإطلاق تختلف تفاصيلها بين وكالة الفضاء الروسية المسؤولة عن المهمة الأولى، وبين الوكالة الأمريكية المسؤولة عن مهمة النيادي.

حيث كان من المقرر في مهمة المنصوري أنه في حال حدوث أمر طارئ سيحل مكانه الرائد البديل «النيادي»، لكن حالياً فإن الأمور تختلف نوعاً ما حيث إن «ناسا» تضع رائداً احتياطياً لفترة محددة، وأنه في حال حدوث أمر طارئ مثل مرض أحد أفراد الطاقم، فإنه يتم تأجيل إطلاق المهمة بين 3 ــ 4 أيام، أما إذا كان الأمر الطارئ أقوى وأكبر، فإنه بالإمكان تأخير إطلاق الرحلة وصولاً لإمكانية وضع طاقم ثان بديل، مؤكداً أن هذه الأمور نادرة الحدوث جداً، خصوصاً مع وجود فترة العزل، التي تضمن جاهزية تامة لكافة رواد فضاء المهمة، وتمتعهم بكامل لياقتهم الجسدية والصحية والنفسية.

فرص إطلاق

وفيما يخص فرص الإطلاق للصاروخ «فالكون 9» الذي يحمل مركبة الفضاء «سبيس إكس دراغون إنديفور» وما يترتب عليها من إجراءات وتعديل للمواعيد، ذكر المري أن أكثر العوائق التي تؤجل عمليات إطلاق هذه المهمات هي حالة الطقس السيء والأعطال الفنية التقنية، موضحاً أن هذه الفترة من العام مناسبة من حيث الإطلاق الآمن، وأنه في حال حدوث أمر طارئ من حيث الطقس فإنه يتم تعديل جدول الإطلاق.

مشيراً إلى أن المهمة لديها 3 فرص إطلاق تبدأ أيام 26، 28،27 فبراير، وأنه فيما يخص الصاروخ «فالكون 9» فهو متطور ويتميز بكفاءة كبيرة، وأن المسؤولين عن الإطلاق في «ناسا» يحاولون قدر المستطاع عدم تأجيل الإطلاق بشكل كبير، لأن ذلك يترتب عليه تغيير في جدول المهمة ودخول أطقم عمل جديدة.

ولفت مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء إلى أن الدكتورة حنان السويدي المسؤولة عن متابعة الحالة الصحية وجاهزية رائد الفضاء النيادي، تقوم بالتعاون مع الفريق الطبي الأمريكي المختص، بمتابعة فريق المهمة تفصيلياً قبيل الإطلاق وعلى مدى الـ6 شهور، وتتنوع مستهدفاتها لتشمل متابعة الوضع الصحي والنفسي، لافتاً إلى أن السويدي تتولى مسؤولية التأكد من صحة الرواد خلال فترة العزل الصحي، ومتابعة الحالة الصحية لسلطان النيادي خلال وجوده على متن المحطة، وأنها كانت المسؤولة عن مهمة هزاع المنصوري «طموح زايد» ومتابعة حالته الصحية.

روسيا وأمريكا

وعن أوجه الاختلاف والتشابه بين التجربتين الروسية والأمريكية فيما يخص الإطلاق للمهمتين الإماراتيتين، أشار سالم المري إلى أنهما مختلفتان، حيث إن التكنولوجيا التي تعمل بها وكالة الفضاء الروسية بدأت منذ نحو 50 عاماً و تتسم بالموثوقية والكفاءة، التي جعلتها تشرف على مهمات كثيرة جداً طوال هذه السنوات، أما فيما يخص التعاون مع وكالة الفضاء الأمريكية.

فهي تعتمد على تكنولوجيا وتقنيات متقدمة جداً تتمتع بالكفاءة كذلك، غير أن هناك فروقات خاصة بكبسولة الإطلاق للمهمتين، حيث إن الأمريكية أكبر ومساحتها أوسع، فيما ينعكس ذلك على راحة رواد الفضاء خلال الإطلاق. وعن الإنجازات المتنوعة التي يحققها مركز محمد بن راشد للفضاء وتعزيز دور الإمارات عالمياً، قال إن المركز أنجز الكثير من المشروعات المتنوعة خلال السنوات الماضية.

والتي انعكست إيجاباً على قدرات برنامج الفضاء الإماراتي ونجاحاته، مؤكداً على أهمية الشراكات الدولية التي يؤسسون لها مع كافة الوكالات العالمية والمؤسسات المتخصصة بقطاع الفضاء، ومن بين أهم هذه الشراكات تلك المتعلقة بالطيران الفضائي البشري، حيث إنهم يسعون للتعاون مع الوكالات ذات الباع والخبرات الكبيرة في هذا الشأن مثل اليابان وأمريكا وروسيا وكندا وأوروبا، حيث إن هذا القطاع يتسم بالصعوبة والتطور، ولذلك يجب مواكبة ذلك وتبادل الخبرات معهم لضمان استدامة برنامج الإمارات لرواد الفضاء.

مشروعات جديدة

وأوضح سالم المري بأن العام الجاري 2023 سيشهد إنجاز العديد من المشروعات الجديدة والتي من شأنها تعزيز انجازات برنامج الفضاء الإماراتي وإضافة الكثير من النجاحات النوعية له، والتي تجعله واحداً من بين أهم البرامج الدولية، متابعاً أن بداية هذه المشروعات تأتي من خلال انطلاق مهمة رائد الفضاء سلطان النيادي، يليها وصول المستكشف راشد إلى سطح القمر خلال إبريل المقبل.

والذي يمثل مشروعاً وطنياً رائداً في قطاع الفضاء ومحطة تاريخية كونه أول مهمة عربية تهبط على سطح القمر في حال نجاحها. وأردف أن المركز سينجز خلال العام الجاري التحضير النهائي لمهمة القمر الاصطناعي «فاي1» التجريبي الذي يرسخ مكانة الدولة لتكون في طليعة الداعمين للابتكار في مجال الفضاء، ولعب دور جوهري في دعم الجهود العالمية في مجال العلوم والتكنولوجيا.

حيث سيستضيف حمولة اتصالات إنترنت الأشياء التي تتولى تخزين وإرسال البيانات المجمعة من أجهزة إنترنت الأشياء في المناطق النائية، والصناعات والمركبات المستقلة باستخدام تقنية الجيل الخامس وبشكل مجاني للشركاء.

وأضاف : العام الجاري سيشهد كذلك اكتمال النموذج النهائي للقمر الاصطناعي «MBZ-SAT» ثاني قمر إماراتي يتم تطويره وبناؤه بالكامل من قبل فريق يضم عدداً من المهندسين الإماراتيين بعد «خليفة سات» الذي لعب دوراً محورياً في دعم صناعة الفضاء المحلية، وسيكون القمر الاصطناعي الأكثر تقدماً في المنطقة في مجال صور الأقمار الاصطناعية عالية الدقة، حيث سيوفر البيانات بدقة وسرعة عالية للمستفيدين.

وختم بالقول: خلال السنوات المقبلة سيكون هناك الكثير من المشروعات الجديدة التي سيتم الإعلان عنها، ومواصلة إطلاق الأقمار الصناعية النوعية الجديدة، مبيناً أنهم يركزون جداً على بناء الكوادر البشرية المتميزة وزيادة أعدادهم لمواكبة كافة مشروعات مركز محمد بن راشد للفضاء.

Email