أكدوا أهمية وضع أدوات لضبط المحتوى

مشاركون: الإعلام الرقمي فرض نفسه على الوسائل التقليدية

جانب من الفعاليات في منتدى الإعلام العربي( البيان)

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد عدد من المشاركين في منتدى الإعلام العربي أن الإعلام الرقمي فرض نفسه على الوسائل التقليدية وبات يستخدم على نطاق واسع في العالم.

مشيرين إلى نقطة مهمة وهي ضرورة تطوير المحتوى وتحسين الأداء والاهتمام بالقضايا التي تشغل الجمهور وابتكار أساليب جديدة تعزز مكانة وسائل الإعلام التقليدية وقدرتها على التأثير من خلال منصات تفاعلية تواكب احتياجات الجمهور وأذواقه.

وأوضح عدد من المشاركين في تصريحات خاصة لـ«البيان» أن وصول الإعلام الرقمي إلى قمم مهمة في قطاع الإعلام بشكل عام لم يعد بالإمكان تجاوزه أو الاستغناء عنه، مشيرين إلى أنه لم يعد مجرد ديكور أو هامش للإعلام المكتوب أو المرئي أو المسموع، بل بات منافساً حقيقياً لهم. وبالتالي يتعين على الصحف التكيف مع المنتجات الرقمية.

ولفت المشاركون إلى أن هذه الأهمية التي بات الإعلام الرقمي يحظى بها وبالقدر الذي تمنح الإعلام بشكل عام هامشاً واسعاً من المرونة والقدرة على المناورة وسهولة الحركة، إلا أنها تحمل في طياتها الكثير من المخاطر لجهة انفلات عقال المستخدمين واستخدام الإعلام الرقمي في الترويج لقيم ومفاهيم مخالفة تشكل تهديداً لمنظومة القيم الاجتماعية التي يرتكز عليها مجتمعنا وتشكل أبرز عوامل استقراره، مؤكدين أهمية وضع ضوابط وأدوات لضبط المحتوى.

وأكد المشاركون أن الإمارات وعبر جملة من التشريعات قد نجحت في صنع هذه المعادلة الصعبة وبات الإعلام الرقمي أداة بناء في المجتمع الإماراتي، فيما تصاحبه مخاوف كثيرة في دول أخرى كونه معول هدم في مجتمعاتها.

مواثيق شرف

وعن دور الإعلام الرقمي وكيفية التعامل معه قال رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير جريدة اليوم السابع المصرية أكرم القصاص: «علينا أن نفرق بين ما يتم نشره على مواقع التواصل الاجتماعي أو في الصحف، حيث لا تزال الصحافة والمؤسسات الصحفية سواء في النسخ الورقية أو الإلكترونية، قادرة على صياغة مواثيق شرف وهناك نقابات وأجهزة يمكن من خلالها وضع القواعد المهنية.

بينما ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي التي تتعلق بالموضوعات الأكثر تداولاً والقضايا السطحية أو المعروفة بـ «الترند»أو القضايا التي تتنافى مع القواعد هذه أمور مختلفة تتعلق بما يجري في الإعلام، وعلى الرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً من الإعلام، ولكنها ليست أدوات إعلامية والدليل على ذلك أنه لا يوجد منافسة بينها وبين الصحافة».

وتابع القصاص: «السوشال ميديا تفرض أحياناً بعض القضايا على الصحافة، لكن المحتوى يظل هو الأساس في الصحافة وفقاً للقواعد المتفق عليها، والسؤال المطروح هل من الممكن أن يتم وضع ضوابط عامة لما يتم تناوله في مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يتم نشر ما يسيء أو يتنافى أو يتدخل مع أحكام القضاء والقضايا العامة والخلافات بين الأشخاص، وأن يتم إبداء الآراء التي قد تظلم طرفاً على حساب طرف آخر؟».

وتحدث عن الحلول بالنسبة إلى الصحافة، موضحاً: «يجب أن يكون لدينا القدرة على تطوير المحتوى وتحسين الأداء والاهتمام بالقضايا التي تشغل الجمهور والاستمرار، وفي الجانب الآخر يجب أن يكون المحتوى المقدم درامياً وثقافياً وإخبارياً متاحاً بشكل كبير يقدم خدمة إلى القارئ لأنه يوجد بحر من المعلومات وربما يمكن أن نسميه فوضى من المعلومات».

لوائح قانونية

بدوره أكد أحمد شوبير (إعلامي رياضي من مصر) أن الإعلام الرقمي والمواقع الإخبارية إلى جانب مواقع التواصل الاجتماعي باتت منصات تنافس الإعلام الرسمي التقليدي وأمر واقعي يجب التعامل معه، مشيراً إلى أن هناك حاجة ملحة لضوابط وأطر قانونية تحاسب من يروّجون للشائعات أو الأخبار المغلوطة.

وذكر أن ما يعرف بـ«الترند» بات يتحكم في بعض المواقع وتحديداً تلك التي يديرها أفراد، معتبراً الحل يكمن في نقطتين رئيسيتين الأولى ما أسماه الضمير المهني الذي يجب أن يتحلى به الجميع وليس فقط من يعملون في المجال، معتبراً ما تشهده الساحة الإعلامية صعب وأن التصدي له ينبغي أن يكون بترسانة ولوائح قانونية تضبط عملية النشر.

من جهته، أكد أسامة موسى مخرج وصانع أفلام من شركة فكرة ميديا، أن التدفق المعلوماتي نتيجة للتطور التكنولوجي الذي نشهده يؤكد أن هناك حاجة لتدخل رسمي من الجهات المعنية في كل دولة، إلى جانب الضابط الشخصي الذي يعززه منظومة القيم الأخلاقية التي يتحلى بها الفرد، حيث لا يوجد ضابط أو رقيب على تفاعل البعض في بعض المنصات.

واعتبر كل إنسان مسؤول عما يقدمه لكونه يحمل جهازاً ذكياً يمكن له من خلاله البث والمشاركة وحتى إبداء الإعجاب سواء كان ما ينشره صحيحاً أو مغلوطاً، داعياً في هذا الإطار إلى استثمار الإعلام الرقمي الجديد من خلال التحلي بالمسؤولية والإيجابية والعمل على نشر محتوى بنّاء.

وعد التطور التكنولوجي وما أفرزه من تقنيات يشكل ثورة بكل معنى الكلمة فكرياً ومجتمعياً أتت بتأثيراتها على القيم والمبادئ وأفرزت تحديات جمة، مشيراً إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي هي سلاح ذو حدين وقوته قد تفوق السلاح التقليدي... والوعي هو الذي ينهي حالة التخبط والنشر اللا مسؤول أحياناً.

من جهته، أكد الدكتور نبيل الخطيب مدير عام الشرق للأخبار، في تصريح خاص لـ «البيان»، أهمية العمل على وضع قوانين واضحة تحجم الذين يستخفون بعقول الجمهور مما يقدمونه من محتوى سلبي تجعل من الصعب عليهم القيام بذلك، وخاصة أن التكنولوجيا والمنصات الرقمية سمحت لكل من يريد أن يعتلي تلك المنصات ويقول ما يريد.

ولفت إلى عدم وجود قوانين واضحة تنظم هذا الأمر، لذلك نحن بحاجة إلى نقاش حول ما هو المسموح والممنوع في المحتويات التي تقدم للجمهور بشكل عام، وكيف يمكننا أن نعكس ذلك بالقانون، بالإضافة إلى بذل جهد حول التوعية المجتمعية.

وتابع: «كلما استطاعت المؤسسات الإعلامية الموثوقة والتي تحظى باحترام الجمهور أن تنتج محتوى تفاعلياً ومتوائماً مع تلك المنصات وتحاكي ما تقدمة وفق ضوابطها ومعاييرها المتعارف عليها في الساحة الإعلامية، وتطوع إمكاناتها بإنتاج محتوى جذاب للجمهور عبر منصات التواصل الاجتماعي سيمكنها إزاحة الغث وإبقاء الثمين».

متغيرات

ويرى عطية الزهراني مسؤول تحرير جريدة اليوم السعودية، أن جائحة «كوفيد 19» حملت معها العديد من المتغيرات ومنها رقمنة الإعلام، حيث أسهمت في إعادة ترتيب المشهد الإعلامي ودفعت الإعلاميين إلى تطوير إمكاناتهم التكنولوجية، وأفرزت العديد من المحتوى الرقمي جعل المعلومات متوفرة بشكل كبير.

ولفت إلى أن ما أفرزت عنه جائحة «كوفيد 19» من ظهور العديد من المنصات الإعلامية على الساحات يحتاج إلى زيادة الوعي من القائمين عليها مما يقدمونه من محتوى، فضلاً عن تركيزهم على التدريب المهني للخروج بشكل صادق للجمهور.

ومن جهتها قالت الإعلامية منى الشاذلي: «إن الإعلام الرقمي مثل كافة أنماط الإعلام الأخرى، مع انتشاره يصبح مفتقداً لبعض الضوابط ومع الاستمرارية يصبح واقعاً ويتم تنظيمه شيئاً فشيئاً، وذلك من خلال وسائل تكشف الأخبار غير الحقيقية أو المزيفة، ومع مرور الزمن سوف تصبح هناك آليات أكثر انضباطاً».

وأوضحت أن مهنة الإعلام تحتاج إلى إخلاص واحترام للمهنة لاعتبارها مهنة ذات تأثير تستحق كل التقدير، ومن يعمل في هذا المجال يجب أن يعلم بأنه ليس الطريق إلى الثراء أو بوابة الدخول إلى مجال الفن، بل الإعلام مهنة يجب أن تنال منا الإخلاص والاحترام.

أدوات حديثة

من ناحيته، يقول الكاتب والأكاديمي البحريني عبد الله المدني: «إن الإعلام العربي بصفة عامة ينقصه أدوات حديثة لمواكبة الإعلام العالمي»، مشيراً إلى أن معظم المحللين في العالم العربي يحللون من وراء مكاتبهم ولا ينزلون للميدان ويغامرون كما يغامر الصحفي الغربي الذي ينتقل بنفسه لمكان الحدث ويلتقي بصناع الحدث ويكشف ما وراء الحدث وجذوره.

وأضاف: «يجب أن يتحرى الصحافي العربي المصداقية عبر نزوله إلى الميدان بنفسه والتحليل من قلب الحدث والتعامل مع صناعه».

مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من الصحف التي لعبت دوراً مهماً في تأسيس الصحافة وتوعية وتثقيف أجيال في العقود الماضية بدأت تنحسر، مؤكداً ضرورة دعمها من قبل الحكومات ورجال الأعمال والقطاع الخاص بشكل عام، لوقف المجزرة الحاصلة في حق الصحافة الورقية التي لا غنى عنها رغم الزحف الرقمي.

تحديث دور الإعلام

في الأثناء، شدد الإعلامي المصري أحمد موسى مدير قناة البلد على ضرورة تحديث دور الإعلام ليصل لكل متلقٍ بكافة أعماره، لاسيما جيل الشباب الذي يرغب في تلقي المعلومة بلغة مختلفة غير تقليدية التي اعتدنا عليها، وبالتالي تقع على عاتقنا نحن الإعلاميين في تحديث لغتنا لتصل إلى الشباب الذي يتابع البرامج التقليدية عبر مقاطع مرئية قصيرة في تطبيقات مثل «التيك توك والتوتير والفيسبوك» وغيرها، وأضاف موسى أن هذا التحديث لا يلغي دور الإعلام التقليدي، والصحافة المقروءة.

ويرى الإعلامي اللبناني طوني خليفة المدير العام لقناة المشهد، أن الإعلام التقليدي والرقمي والمرئي والمسموع في تنافس دائم، مشيراً إلى أن الإعلام التقليدي، إن صح التعبير، يجب أن يواكب متطلبات العصر والإعلام الجديد، عبر التوأمة والدمج لإحداث التناغم والتمازج بين ما يريده الجيل الجديد وما تعوّد عليه الجيل القديم والمتوسط. وأكد خليفة أن الإعلام العربي يجب أن يواكب العصر والحراك العالمي بأدوات متطورة.

 
Email