قطاع الفضاء الوطني.. إنجازات نوعية وطموح بلا حدود

ت + ت - الحجم الطبيعي

أولت دولة الإمارات اهتماماً خاصاً بمجال الفضاء واستكشافه، وسخرت كافة الإمكانيات والجهود لتحقيق هذه الخطوة الطموحة، حتى تمكنت في غضون سنوات معدودة من الدخول لنادي الفضاء العالمي، ونجحت في تحويل طموحاتها الكبيرة في مجال الفضاء إلى واقع ملموس وإنجازات غير مسبوقة.

علوم الفضاء

وكان لقاء المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مع فريق وكالة ناسا المسؤول عن رحلة أبولو إلى القمر، حافزاً لتوجيه اهتمام الإمارات نحو الفضاء، ما أدى إلى ولادة قطاع وطني للفضاء مع تأسيس شركة الثريا للاتصالات في أبريل 1997، وشركة الياه للاتصالات الفضائية «ياه سات» بعد عشر سنوات في عام 2007.

وقبل ذلك بوقت قصير من تأسيس «ياه سات»، أنشأ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة» التي تهدف إلى تعزيز علوم الفضاء والأبحاث العلمية في دولة الإمارات العربية والمنطقة.

وعملت المؤسسة منذ فبراير 2006 وحتى أبريل 2015 قبل دمج المؤسسة مع «مركز محمد بن راشد للفضاء»، وفي عام 2014، جرى تأسيس وكالة الإمارات للفضاء بموجب مرسوم بقانون اتحادي، وتهدف إلى تطوير قطاع الفضاء في الدولة.

حيث تتولى الوكالة هذه المسؤولية عبر إقامة الشراكات والبرامج الأكاديمية والاستثمارات في مشاريع الأبحاث والتطوير والمبادرات التجارية، ودفع عجلة أبحاث علوم الفضاء واستكشافه.

دعم كبير

وتمكنت الإمارات في وقت قصير من تحقيق إنجازات يشار لها بالبنان في قطاع الفضاء على مستوى الوطن العربي والعالم، بفضل الدعم الكبير من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

حيث أطلقت الإمارات مسبار الأمل لاستكشاف المريخ بتاريخ 20 يوليو 2020 تحت إدارة فريق إماراتي مختص، والذي أتم في العشرين من الشهر الجاري عامين على إطلاقه، وتمكن منذ وصوله إلى مدار كوكب المريخ من توفير مساهمات علمية غير مسبوقة ومعلومات هي الأولى من نوعها حول الغلاف الجوي للكوكب الأحمر في أوقات مختلفة.

حيث أرسل في اليوم السادس من الوصول أول صورة للكوكب الأحمر التي التقطت عند شروق الشمس، وأظهرت بركان «أوليمبوس مؤنس»، الذي يعد أكبر بركان على كوكب المريخ وأكبر بركان في المجموعة الشمسية، كما رصد ظاهرة فريدة لم يسبق رؤيتها أطلق عليها فريق العمل اسم «الشفق المنفصل المتعرج» والتي تفتح آفاقاً جديدة للتعمق بدراسة بيئة البلازما ذات الديناميكية العالية في المريخ.

وتلا هذا الإنجاز تصنيع وإطلاق قمر ظبي سات الاصطناعي، والذي طوره نخبة من طلبة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، وترتكز مهام قمر ظبي سات على تقييم دقة مختلف استراتيجيات التحكم في مجال التوجيه والأنظمة الفرعية، إلى جانب التحقق من صحتها من خلال التقاط مجموعة من الصور باستخدام كاميرا رقمية عالية الدقة، إذ إنها تعتمد على مستشعر سوني أي أم إكس 477 ونظام عدسة بطول بؤري 50 ملم.

فضلاً عن تقييم الخوارزميات الجديدة التي عمل الطلبة على تطويرها مع اختبار البرنامج، كما يهدف هذا المشروع إلى تدريب طلبة الدراسات العليا بشكلٍ مكثف ومبتكر حتى يصبحوا مهندسين مؤهلين للعمل في هذا المجال، وإنشاء مكتبة برمجيات يمكن استخدامها في المهام المستقبلية وغيرها.

رائد فضاء

ومواصلة لسلسلة الإنجازات التي حققتها الدولة تمكنت الدولة من إرسال أول رائد فضاء عربي إلى الفضاء وهو هزاع المنصوري، وذلك في عام 2019.

وشكل إرسال المنصوري إلى الفضاء جزءاً من خطة برنامج الإمارات لرواد الفضاء، بهدف إجراء مجموعة من التجارب العلمية التي تدرس تفاعل المؤشرات الحيوية لجسم الإنسان في الفضاء، إلى جانب الاضطرابات في النشاط الحركي ومؤشرات حالة العظام، فضلاً عن توثيق الحياة اليومية لرواد الفضاء على متن المحطة، كما تم اختيار سلطان النيادي أمس الأول ليقوم بمهمة تستغرق 6 أشهر في الفضاء الخارجي.

وإلى جانب ذلك ترك «مزن سات» بصمة واضحة في عالم الفضاء الخارجي، والذي تم تصنيعه بمشاركة كوادر وطنية شابة من جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والجامعة الأمريكية في إمارة رأس الخيمة.

وتم إطلاقه إلى مداره على متن الصاروخ الروسي «سويوز» في عام 2020، بهدف إثراء دوره الفعال في دراسة الغلاف الجوي للأرض من خلال مجموعة المعلومات والصور التي تفيد في حل مختلف المشكلات التي تواجه الكوكب، بعد أن يتم تحليلها ودراستها بشكلٍ علمي بالاعتماد على الأساليب المتطوّرة.

وبالتالي تعزيز كافة أنشطة البحث العلمي وتنظيم أنشطة القطاع الفضائي الوطني، ولم تقتصر إنجازات الفضاء عند حد معين، بل أُطلقت العديد من الأقمار الصناعية لأغراض مختلفة.

وأصبحت «وكالة الإمارات للفضاء» و«مركز محمد بن راشد للفضاء»، بمجهوداتهما ودعم القيادة، منصتين مهمتين لإطلاق المشاريع والخطط المعنية بالقطاع، والمعنيتين بهذا الملف الحيوي الذي سيضع للإمارات بصمة مهمة عالمياً خلال الفترات المقبلة.

وشكل إصدار وكالة الإمارات للفضاء، السياسة الوطنية لقطاع الفضاء في الدولة، خطوة فارقة نحو تحقيق رؤية الدولة وطموحاتها للوصول إلى أعلى المراتب الدولية والإقليمية في هذا الشأن، من خلال تنمية وتطوير قدراتنا، وبناء قطاع فضائي إماراتي قوي ومستدام، يدعم ويحمي المصالح الوطنية والقطاعات الحيوية، ويساهم في تنويع الاقتصاد ونموه.

ويعزز الكفاءات الإماراتية المتخصصة، ويطور القدرات العلمية والتقنية العالية، ويؤصل ثقافة الابتكار والاعتزاز القومي، ويرسخ دور دولة الإمارات ومكانتها إقليمياً وعالمياً.

وتدعم السياسة الوطنية لقطاع الفضاء جهود البحث العلمي والابتكارات والتقنيات الفضائية والأبحاث ذات الصلة، ودعم المشاريع الفضائية على رأسها مشروع «مسبار الأمل» لاستكشاف كوكب المريخ، فيما تكمن أهمية السياسة في ضمان تقديمها مساهمة رئيسية لما تشهده الإمارات من نهضة علمية وتقنية في مختلف المجالات والصناعات، خاصة أن الفضاء يعد من بين القطاعات الوطنية الرئيسية السبعة ضمن الاستراتيجية الوطنية للابتكار.

كما يدعم مركز محمد بن راشد للفضاء الابتكارات العلمية والتقدم التقني، ودفع عجلة التنمية المستدامة في هذا القطاع، خاصة أنه يضم كوادر إماراتية عالية الكفاءة ذات مستوى علمي رفيع، من المهندسين، والفنيين، والخبراء، الذين يعملون داخل منظومة احترافية، بهدف تعزيز الدور الإماراتي.

والانضمام إلى النادي العالمي للدول المتسابقة في الاكتشافات العلمية والعلوم المتقدمة، ويعمل المركز على رفد الأجيال العلمية الجديدة بالعلوم المتقدمة والاكتشافات العلمية، من خلال مرافق البحث والتطوير الموجودة في مقره.

Email