خلال كلمة الإمارات أمام الجمعية العامة لـ«المكتب الدولي للمعارض»

ريم الهاشمي: «إكسبو دبي» ترجمة حية للحوار والتعاون الدولي

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكدت معالي ريم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، مدير عام «إكسبو 2020 دبي»، أن المعرض الذي استضافته دبي منح دول العالم فرصة المساهمة برؤاها الفريدة في حوار عالميّ مثمر عبر تسخير جناح مستقل لكل دولة وإيجاد منصة للتعاون الدولي. جاء ذلك خلال كلمة «إكسبو 2020 دبي»، ألقتها الهاشمي، أمس، خلال الجلسة 170 للجمعية العامة للمكتب الدولي للمعارض.

وتالياً نص الكلمة: «السيد الرئيس، السيد الأمين العام، أصحاب المعالي والسعادة، السيدات والسادة، الأصدقاء الأعزاء... أسعد الله صباحكم بكل خير، في 27 نوفمبر 2013، وقفت أمامكم لتقديم ما كان آنذاك أهم خطاب في حياتي. وبينما أقف هنا اليوم بعد تسع سنوات لإلقاء كلمتي العاشرة والأخيرة أمام هذا الجمع الكريم، تبدو تلك اللحظة أقرب إليّ من أي وقت مضى.

فما زلت أستحضر كل ما مررنا به منذ أن فازت دبي باستضافة هذا الحدث العالمي، وما زلت أذكر كل ما بنيناه معاً». وتابعت: «عندما خطونا تلك الخطوات الأولى في رحلتنا، تعهدنا بتقديم ما يسهم بتغيير حياة أبنائنا وبناتنا نحو الأفضل. لم يكن الكثيرون ليتوقعوا تسارع الأحداث التي شهدها عالمنا وحجم المسؤوليّة التي كانت ستُلقى على عاتقنا حينما قطعنا ذلك العهد الصادق، فكان ذلك بمنزلة اختبار لقوة عزيمتنا والتزامنا بقضيّتنا ومسيرتنا».

سقف الطموحات

أفادت الهاشمي بالقول: «وفي الوقت الذي نتطلع فيه إلى «إكسبو 2025 أوساكا»، ونتمنى لليابان كل التوفيق في البناء على النجاح الذي حققته في أولمبياد طوكيو، فإننا نلتفت إلى الوراء معتزّين بالجهود المشتركة التي تكللت بإقامة هذا الحدث الدولي لأول مرة في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا..

وهو الحدث الدولي الثاني الذي أقيم في دولة نامية بعد شنغهاي.. كان هذا الحدث علامة فارقة للمنطقة وشعوبها.. حدثٌ رفع سقف الطموحات لما يمكن أن نحققه بالعمل معاً على حد تعبير معالي ديميتري كيركنتزس».

وأضافت: «رحبنا بالعالم بروح الضيافة الإماراتية الحقيقية؛ في مجتمع يفتح ذراعيه لكل من يجيب دعوتنا. منح إكسبو دبي دول العالم فرصة المساهمة برؤاها الفريدة في حوار عالميّ مثمر عبر تسخير جناح مستقل لكل دولة وإيجاد منصة للتعاون الدولي، فكان بذلك منارة أضاءها زوارنا وشبابنا ونساؤنا وبناتنا وأصحاب الهمم والمبتكرون والمبدعون وقادة اليوم وروّاد الغد من أبنائنا».

أكملت: «عبر أكثر من 35,000 فعالية، وبمساعدة 30,000 متطوع متفانٍ من 135 دولة، استطعنا أن نجعل الغاية من هذا الحدث العالمي واقعاً ملموساً بفضل المكتب الدولي للمعارض والأمين العام وفريقه..

وهي غاية تمثّلت في إبراز التقدم البشري المستمر والاحتفاء به وتعزيزه، فما قدّمناه لم يقتصر على التقنية والإبداع والقدرات الصناعية والمكونات الثقافية، بل كان أسمى تجسيد لإمكانات الإنسان وما يجمعنا من تسامح وتعاطف. وحققنا ذلك بعملنا معاً... في ظل جائحة عالمية، وفي أصعب الأوقات، أبرزنا أفضل ما في أنفسنا وشاركناه مع 24.1 مليون زائر قدموا إلينا، وربع مليار زائر شاركونا هذه الرحلة عبر الإنترنت والعالم الافتراضي».

نجاح

وذكرت الهاشمي: «على الرغم من المخاوف المتعلقة بالجائحة العالمية، نجحنا في الترحيب بملايين الزوار من جميع أنحاء العالم بأمان، مقدمين لهم تجربة استثنائية في ظل تكاتف مساعينا جميعاً في بادرة عاجلة وضرورية من التضامن العالمي. أما أكثر من أسعدنا وكانوا روح موقعنا وألهمونا التفاؤل والأمل فكانوا ملايين طلاب المدارس الذين حضروا هذا الحدث مفعمين بشغفهم ليستكشفوا عوالمَ جميلة برعاية معلميهم ومرشديهم».

وتابعت: «السيّدات والسّادة، كل ما تقدّم هو خير دليل على قيمة التعاون الدولي الحقيقي. لقد أظهر لنا إكسبو دبي في هذه اللحظة التاريخيّة عظمة التواصل والتعاون لخدمة السلام والازدهار والحفاظ على كوكب الأرض الذي يحتضننا. وقد تجلى ذلك في تصميم الموقع وبناء أجنحته جنباً إلى جنب وفي الفنون والعمارة والفعاليات وفي قولنا وفعلنا، وفي طريقة عملنا على إدارة شؤون مدينتنا.

فالتزم كل منا بأفضل معايير الاستدامة والإدارة المسؤولة للموارد وسعى إلى إثرائها بكل جديد. كما رأينا ذلك في القصص التي سردناها حتى يتعارف زوارنا، ويمضوا بمعارف الإنسان قُدماً... وسرعان ما أصبح كلّ واحد منهم سفيراً ونصيراً لعالم منفتح ومستقبل واعد بعد أن رأوا ذلك المستقبل، وعلموا أنه ليس ببعيد».

شكراً

ووجهت الهاشمي شكرها خلال الكلمة فقالت: «رحّبنا في الأشهر الستة الماضية بجميع الشعوب والديانات والثقافات. فشكراً لشعب دولة الإمارات العربية المتحدة وجميع الذين زارونا مرة تلو الأخرى ليكتشفوا الجديد في كل مناسبة وفي كل عمل قدمناه.

كما أتقدّم بجزيل الشكر والامتنان لقيادة دولة الإمارات العربية المتحدة التي كان لها حضور بارز في هذا الحدث العالمي وكانت مصدراً للمشورة والإلهام. وشكراً لأخوتنا وأخواتنا من الشمال إلى الجنوب، ولأكثر من 16,000 قيادي دولي وجميع شعوبهم...

والشكر موصول إلى جميع فئات المجتمع من سياسيّين ورواد أعمال وأكاديميّين وناشطين». وأردفت: «كان برنامج الإنسان وكوكب الأرض من الوسائل التي أعانتنا على الوفاء بالعهد الذي قطعناه لأبنائنا. فقد صُمّم هذا البرنامج الرائد ونُفّذ بمشاركة 192 دولة بحثاً عن حلول للتحديات التي تواجهنا في حياتنا، كتغير المناخ والأمن الغذائي والأمن المائي...

ومستقبل التعليم والعمل... والصحة والعافية، والاستكشاف المسؤول للمجهول على الأرض وفي السماء. ويُعدّ هذا البرنامج الرائد، الذي أصبح حِراكاً يضم 20,000 من صانعي التغيير من جميع أنحاء العالم، استجابتنا الجماعية للتحديات المشتركة في عصرنا».

تغيير إيجابي

وأكملت حديثها قائلة: «لطالما كانت دبي، التي تضم 200 جنسية، وجهة رائدةً لمعالجة القضايا العالمية وتقديم وجهات نظر قيّمة ومتعدّدة. رحبنا في «إكسبو» بجميع الشعوب وشهدنا تطلّعهم إلى إحداث تغيير إيجابي، كما لمسنا رغبتهم في أن يكونوا جزءاً من ذلك التغيير ورأينا حرصهم الفردي والجماعيّ على تحقيقه.

لقد أثبتنا معاً قدرتنا على بناء عالم جديد أكثر استدامة وأمناً وصحة. وأقمنا مدينة مستدامة وأوجدنا مجتمعاً يتّسم بالابتكار والإبداع والذكاء والتسامح. لقد أنشانا مدينة ومجتمعاً يسعى لتحقيق الكرامة الإنسانية ويطمح إلى مزيدٍ من التقدم والازدهار».

وأضافت: «السيدات والسادة، هذا ليس الختام، بل بداية خُطىً راسخة نحو غدٍ أفضل. إذا لا يمكن أن نوقف الحوارات الحيوية والأساسية التي أطلقناها طوال الوقت الذي قضيناه معاً. واليوم علينا تعزيز الروابط التي جمعتنا وتعزيز الأثر الذي أحدثناه والعمل بالفكر الإبداعي والمبتكر الذي أوجدناه. صحيح أن «إكسبو 2020 دبي» أغلق أبوابه، لكنّ أبواب «مدينة إكسبو دبي» ستظلّ مفتوحة. لقد أصبحت «مدينة إكسبو دبي» وجهة للعلم والتعليم، الأمر الذي سيجعلها مثالاً حيّاً للمناطق الحضريّة المبتكرة الحاضنة لجهود التعاون وتبادل المعرفة وصناعة المواهب المستقبلية.

وستُسخَّر مزايا البنية التحتية الاستثنائية للمدينة في توليد القيمة الاقتصادية محليّاً وعالميّاً بصفتها مركزاً للتقنية النظيفة والخضراء. كما ستستند المدينة إلى الأسس التي قام عليها «إكسبو» الافتراضي وإلى وجودنا في عالم «ميتافيرس»».

وأكملت: «ستحافظ المدينة على التزامات المسؤولية البيئية المشتركة التي كانت بمثابة بوصلة أخلاقيّة في مرحلة التشييد وفي أثناء إقامة الحدث العالمي. وبذلك ستواصل المدينة رحلتها نحو الحياد الكربوني بحلول عام 2030، في شهادة على السعي الدؤوب إلى تحقيق مبادرة بلادنا الاستراتيجية للحياد المناخي بحلول 2050.

وبعد أن أصبحت وجهة لأكثر من 24 مليون زائر في الأشهر الماضية، ستبقى «مدينة إكسبو دبي» حيّاً حضريّاً نبضه العمارة والثقافة والفنون ومقصداً لأفراد مسؤولين وفاعلين من مختلف مناحي الحياة. وكما دعوناكم من قبل للانضمام إلينا لنصنع معاً عالماً جديداً، ندعوكم لتشاركونا الانتقال إلى أسلوب حياة جديد. وهي دعوة لبدء كتابة تاريخ تدوّنه الحكومات والشركات والمواطنون.. ويسطر أحرفه الشركاء والمستثمرون والزوار.. ويحييه أهلنا وأصدقاؤنا.. تاريخ نتشارك فيه القصص والعبر.. ونحقق فيه كلّ ما يُمكن.. وكلّ ما يجب أن يكون».

رؤية

اختتمت معالي ريم الهاشمي كلمتها قائلة: «لنعمل - بحلول مئوية الإمارات بعد خمسين عاماً من الآن - على أن يُخلّد العالم هذه البداية وأن يشهد لنا بحسن صنيعنا في الأعوام القادمة. لطالما كانت هذه رؤية دبي والإمارات العربية المتحدة: أن نكون وجهة لتواصل العقول وصنع المستقبل.. فهذا أمسُنا ويومُنا وغدُنا.

اليوم أقف أمامكم ممثلةً صوت الملايين من أبناء هذا البلد وبناته، وصوت مئات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم. وهذا الصوت ليس صوت وزيرة وابنة وأم فحسب.. بل صوت مواطنة عالميّة يملؤها الفخر والشعور بالمسؤوليّة في كل حين. وختاماً أشكر لكم حضوركم وحسن استماعكم».

Email