التوعية وتغليظ العقوبات وعدم التجاوب مع المتسولين ثالوث تطويق الآفة

التسول.. احتيال بغطاء الشفقة وتهديد لأمن المجتمع

ت + ت - الحجم الطبيعي

دعت أجهزة شرطية وأطباء ونخب متخصصة إلى عدم التعامل مع المتسولين الذين يستغلون الظروف الراهنة ويختلقون حيلاً وقصصاً مضللة لاستثارة العطف والشفقة لدى الناس من أجل الحصول على المال، مؤكدين ضرورة عدم التواصل أو التلامس الجسدي معهم بأي صورة من الصور، وذلك للحفاظ على الصحة والسلامة خاصة في ظل انتشار جائحة كوفيد 19، حيث إن المتسول من الممكن أن يكون بؤرة أمراض متحركة نتيجة لتواجده المتواصل في الشارع.

وشددوا على ضرورة تكاتف المجتمع لاحتواء آفة التسول والتخلص منها نهائياً، والعمل على وضع البرامج والحلول استناداً إلى دراسات علمية، فضلاً عن ضرورة رفع سقف الوعي المجتمعي حيال هذه الأفعال التي تحولت إلى مهنة تعرض الأمن الاجتماعي للخطر، داعين إلى تغليظ العقوبات على المتسول إلى جانب معاقبة من يقدم الأموال لهم.

تضليل

حذّرت شرطة أبوظبي من التعامل مع المتسولين الذين يستغلون الظروف الراهنة ويختلقون قصصاً غير حقيقية لابتزاز الأموال، حيث يستميلون تعاطف أفراد المجتمع من خلال اختلاق قصص مضللة ومفبركة، مؤكدة أن الدولة وضعت قنوات رسمية للأعمال الخيرية وتقديم المساعدات لدى الهيئات والمؤسسات الخيرية لضمان وصول التبرعات إلى مستحقيها.

وأكدت شرطة أبوظبي إعداد خطة أمنية متكاملة عبر مراكز الشرطة بأبوظبي لشهر رمضان المبارك واتخاذ التدابير الرقابية والإجراءات الوقائية بمضاعفة الجهود وتكثيف التواجد الأمني للدوريات في الأماكن التي من المتوقع أن تتواجد فيها فئة المتسولين.

وحثت الجمهور على التعاون مع الشرطة في الإبلاغ عن أماكن تواجد المتسولين، بالاتصال على مركز القيادة والتحكم 999 وخدمة أمان على الرقم المجاني 8002626 (AMAN2626) أو بواسطة الرسائل النصية (2828) أو عبر البريد الإلكتروني أو من خلال التطبيق الذكي للقيادة العامة لشرطة أبوظبي مع الحرص على عدم إعطائهم الأموال، أو الاستجابة لأساليبهم الاحتيالية غير المشروعة.

وأشارت شرطة أبوظبي إلى جهودها في التصدي لهذه الآفة عبر حملات «التفتيش والتوعية والضبط» التي أسهمت في خفض الجريمة، والقضاء على السلوكيات التي تعطي انطباعاً سلبياً عن المجتمع.

جهود

إلى ذلك، أهابت القيادة العامة لشرطة الشارقة بأفراد الجمهور بعدم التعامل أو التعاطف مع المتسولين، بجانب عدم التواصل أو التلامس الجسدي معهم بأي صورة من الصور، وذلك للحفاظ على صحتهم وسلامتهم خاصة في ظل انتشار جائحة كوفيد 19، وما قد يسببه لهم التعامل المباشر مع فئة المتسولين الذين قد يكونون مصدراً لانتقال العدوى وانتشار الأمراض، كما تدعو أفراد الجمهور إلى عدم التعاطف مع هذه الفئة التي تهدف إلى الاستيلاء على أموالهم باستدرار عطفهم للإيقاع بضحاياهم.

كما تدعو أفراد المجتمع إلى دعم الجهود المبذولة من جانب الأجهزة الأمنية للقضاء على مثل هذه الظواهر السلبية انطلاقاً من مسؤوليتهم المجتمعية، وذلك من خلال التعاون مع الأجهزة الأمنية بالإبلاغ الفوري عن أي متسول يتم رصده في الأحياء السكنية أو أمام المحال التجارية والمساجد، أو في أي مكان آخر بإمارة الشارقة على الرقم المجاني (901) أو (80040) الخاصين بغرفة العمليات بشرطة الشارقة.

معايير

بدوره قال الدكتور محمد عبدالحليم، الطبيب في مستشفى توام، أحد منشآت شركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة»: «لقد حرص خط الدفاع الأول وبتوجيهات من القيادة الرشيدة لدولة الإمارات ومنذ بداية أزمة جائحة كورونا على توعية المواطنين والمقيمين على حد سواء بضرورة اتباع أفضل المعايير الطبية بهدف الوقاية من فيروس كوفيد 19 المستجد ومن أبرز هذه المعايير الحرص التام على التباعد الاجتماعي أو الجسدي الأمر الذي من شأنه أن يسهم وبشكل كبير في تقنين فرص الإصابة من الفيروس وحصاره والقضاء عليه».

وتابع: «إن عدم التعامل مع المتسولين من أهم الطرق للحماية من الإصابة بالفيروس، حيث إن المتسول في معظم الأحيان لا يلتزم بقوانين التباعد الاجتماعي ولا حتى ارتداء الكمامات الواقية، كما أنه غالباً لا يكون على علم بإصابته بالفيروس من عدمه، أو جهله ربما بمخالطته لمصابين آخرين، ما يوفر للأسف الشديد بيئة خصبة لنقل الفيروس»، مؤكداً على نقطة مفادها أن المحتاج حقاً لن يلجأ إلى التسول من المارة في الشوارع، لأنه يعلم يقيناً أنه في بلد خير يوفر الجهات والمؤسسات الخيرية والإنسانية في شتى إمارات الدولة.

99 % من المتسولين يعتبرون التسول مهنة

كشف المقدم أحمد سعيد النعيمي، مدير إدارة التحريات والمباحث الجنائية في القيادة العامة لشرطة عجمان، عن إطلاق حملة لمكافحة التسول في جميع المناطق السكنية في إمارة عجمان قبل حلول شهر رمضان المبارك، مشيراً إلى أهمية تضافر جهود أفراد المجتمع مع الشرطة لمواجهة انتشار المتسولين وعدم التعاطف معهم باعتبارهم محتاجين للأموال ويجب مساعدتهم، مؤكداً أن نسبة 99% من المتسولين يعتبرون التسول مهنة لهم لجني الأموال الطائلة، على حساب أشخاص مستحقين آخرين.

وقال: نقوم بجهود متواصلة من أجل مكافحة التسول في جميع مناطق عجمان، مشيراً إلى أنه تم تنظيم العديد من الحملات على مناطق تجمع المتسولين في مراكز التسوق وقرب المساجد والأسواق العامة وتم ضبط 120 متسولاً وبائع جائل خلال عام 2020 وتم اتخاذ الإجراءات القانونية معهم.

ولفت إلى أن المتسولات ابتكرن أساليب حديثة من خلال عرض بعض المشغولات اليدوية للبيع لمرتادي المقاهي وفي الأسواق العامة وقرب مراكز التسوق، موضحاً أن المتسولات يقتربن من أصحاب المركبات الأمر الذي يشكل خطورة على صحة وسلامة الناس في ظل جائحة كورونا.

وأكد أن القيادة العامة لشرطة عجمان تقوم بنشر رسائل التوعية الأمنية بهدف تبصير المجتمع بخطورة المتسولين، لافتاً إلى أن هنالك جهات خيرية مختصة تتسلم أموال الصدقات وتوزعها على المستحقين بصورة رسمية في الدولة. وطالب النعيمي المجتمع بالتعاون مع الشرطة وعدم التعامل مع المتسولين والباعة المتجولين لعدم تشجيعهم على ذلك.

القانون وحده لا يكفي للقضاء على الآفة.. وتعاون المجتمع ضرورة

شددت عناصر متخصصة على أن القانون وحده لا يكفي للقضاء على آفة التسول بل يتطلب الأمر تعاون جميع أفراد المجتمع، مشيرين إلى ضرورة رفع سقف الوعي المجتمعي حيال هذه الأفعال التي تحولت إلى مهنة تعرض الأمن الاجتماعي للخطر، داعين إلى تغليظ العقوبات على المتسول إلى جانب فرض عقوبات على من يقدم الأموال لهم.

تحذير

آمنة الشامسي من جمعية عجمان للتنمية الاجتماعية ترى أن على المؤسسات كافة القيام بدورها من خلال التبصير والتحذير من ظاهرة التسول بدءاً من المدارس من خلال عرض أفلام توعية تسلط الضوء على مخاطر التسول وكيفية التصدي له، بحيث تكون بطريقة إيجابية ومباشرة، توضح تأثير التسول على الأمن المجتمعي لاقترانها بجرائم أخرى كاستغلال الأطفال أو السرقات والاعتداءات والجرائم بشكل عام، لافتة إلى أن الوعي وعدم التجاوب مع المتسولين هو الحل الجذري.

انعكاسات

وشددت على أن التسول دخل الدولة نتيجة للانفتاح على ثقافات متعددة، لافتة إلى أن البعض يدخلون الدولة لجمع المال تحت غطاء التسول، دون النظر إلى الوسيلة، وهو الأمر الذي يضر بالمجتمع كون المتسول عاملاً غير منتج مجتمعياً، كما يؤدي التسول إلى تشويه الوجه الحضاري للدولة، خصوصاً وأن بعض المتسولات يتعمدن لبس الزي الإماراتي، لافتة إلى أن المتسول من الممكن أن يكون بؤرة أمراض متحركة نتيجة لتواجده المتواصل في الشارع.

ورأى فيصل آل علي اختصاصي اجتماعي أن لظاهرة التسول انعكاسات كثيرة على المجتمع، حيث يقوم بعض ضعاف النفوس بجلب أشخاص لديهم إعاقات جسمية أو استغلال أصحاب الهمم في التأثير على الناس لطلب المساعدة وإثارة الشفقة لديهم، إلى جانب استخدام البعض للأطفال وسيلة للتسول لاستجداء تعاطف الناس لاسيما في شهر رمضان المبارك.

توعية

معالجة مشكلة تزايد التسول تقتضي أن يتداخل فيه ما هو قانوني وتربوي وديني، ومن هذا المنطلق يرى الدكتور السيد بخيت أستاذ إعلام بجامعة زايد، أنه يتوجب توعية أفراد المجتمع بالتأثيرات السلبية لهذه الظاهرة على صورة الدولة، إلى جانب التعريف بالطرق السليمة لتوعية مثل هذه الفئات بالطرق التي يجب اتخاذها للحصول على دعم ومساندة الكثير من الجهات الخيرية في الدولة، بدلاً من سلوك طريق التسول، والتوعية بأن سلوك المتسولين لا يتفق مع الأعراف الدينية (التي تحث على السعي وطلب الرزق)، ولا الأعراف الاجتماعية (التي تقتضي التصرف بما يليق في طلب المساعدة سواء من حيث الأماكن أم الجهات أم الأفراد)، والأهم تبديد المعارف الخاطئة بأن حث المتسولين على نهج سلوك متحضر يعد عملاً محرماً أو غير لائق، فالدين النصيحة، إلى جانب التعريف بالأماكن التي تقدم خدمات ومساعدات للفئات المحتاجة، فضلاً عن التوعية بأشكال النصب والخداع التي يسلكها بعض المتسولين ويقع ضحيتها كثيرون، ومن المهم أيضاً تدشين حملات توعية شعارها: كيف تتعامل مع المتسولين بتحضر، ومحورها الرأفة في النصح وليس في المنح بلا تمييز.

100 ألف درهم غرامة والحبس عقوبة «التسول المنظم»

عرّفت المستشارة القانونية زينب عيسى الحمادي، التسول بأنه استجداء بهدف الحصول على منفعة مالية أو عينية بأي صورة أو وسيلة، أما التسول المنظم فهو التسول الذي يرتكب من مجموعة منظمة من شخصين أو أكثر، موضحة أن قانون مكافحة التسول ينطبق على التسول بكافة أشكاله التقليدية والإلكترونية، مطالبة أفراد المجتمع بالحذر من الوقوع في تلك الخديعة من خلال إرسال الأموال التي لا يعلم الجهة التي تستلمها، وكيفية توظيفها، حيث أثبتت التجربة لجوء هذه الجهات إلى استثمار الأموال في ارتكاب أنماط إجرامية مختلفة.

وأضافت: يعاقب بالحبس كل من ينظم التسول المنظم مدة لا تقل عن ستة أشهر والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف درهم، ويعاقب بذات العقوبة كل من يستقدم أشخاصاً ليستخدمهم في جريمة التسول المنظم، مع مصادرة الأشياء المستعملة بجريمة التسول والأموال المحصلة منها وإذا كان المتسول أجنبياً للمحكمة أن تحكم عليه بالأبعاد بعد مصادرة الأشياء المستعملة والأموال المضبوطة نتيجة هذه الجريمة.

ولفتت إلى أن فعل التسول مجرم قانوناً، حيث يعاقب مرتكب فعل التسول تبعاً لأحكام القانون الاتحادي رقم 9 لسنة 2018، بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبالغرامة التي لا تقل عن خمسة آلاف درهم كل من ارتكب جريمة التسول.

وقالت: اعتبر المشرع أن هناك حالات تجعل العقوبة مشددة وهي إذا كان المتسول صحيح البنية أو له مورد ظاهر للعيش وقد اصطنع الإصابة بجروح أو عاهات مستديمة أو استعمل أية وسيلة أخرى من وسائل الخداع بقصد التأثير على الآخرين لاستدرار عطفهم.

Email